تولي ولاية المدية أولوية كبيرة لقطاع الصحة، حيث أوضح مدير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التدابير الوقائية التي اتخذتها مديريته الولائية في مجال حملة مكافحة داء البوحمرون، فالولاية احتلت المرتبة الأولى وطنيا في عملية التلقيح ضد هذا الداء والتي مسّت 148000 تلميذ من أصل 161000 تلميذ أي بنسبة 92 بالمائة، بالإضافة إلى تقديم حصيلة نشاطه وأهم الانجازات والمشاريع التي تعزّز بها القطاع، خاصة المشروعين اللذين تمّ رفع التجميد عنهما من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ويتعلّق الأمر بمركب الأمومة والطفولة ومركز مكافحة السرطان واللذان سيتم الشروع في أشغال انجازهما في القريب العاجل كونهما يعدان مكسبا لهذه الولاية، وهذا بعدما تمّ تدعيم هذا القطاع بوحدة الصحة المدرسية بالقطب الحضري بعاصمة الولاية، في حين طالب بعض المنتخبين وقتها بتوفير تلقيح داء الليشمانيوز وتسخير فرق طبية مدعمة بشتى الوسائل للتنقل إلى المناطق النائية من أجل إنجاح عمليات التلقيح المبرمجة سنويا لفائدة أبناء الولاية.
وترى رئيسة جمعية جوهرة لترقية المرأة والطفل بالمدية نجية قاصد علي بأن مشكلة تراجع الأولياء عن تقليح أبنائهم مردّه تفاعل غالبيتهم مع الإشاعات المغلوطة التي تصدر من هنا وهناك، إلى جانب اقتناع هؤلاء ببعض الأفكار البالية، كأن تتحجّج بعض الأسر بعدم أهلية الممرضات في مجال التلقيح لفائدة أبنائهم، معتبرة مديرة مدرسة بلجباس وعضوة المجلس الشعبي ببلدية عاصمة الولاية سابقا، بأن هذه الإشاعات باتت مصدر خطر على صحة الإنسان وخاصة لدى الطفل، كاشفة باعبتارها ربّة بيت ومن منطلق خبرتها بأن هناك الكثير من الأمراض المتوارثة من جيل إلى جيل، منبهة في هذا السياق،
« كيف يعقل أن تتجاهل المرأة اليوم مثل هذه التلقيحات رغم مستواها العلمي وتوفر الكثير من البرامج التعليمية والتثقيفية التي من شأنها أن تجعل الأم مرافقة وموقنة بأهمية مثل هذه البرامج الصحية التي تقرّها وزارة الصحة والسكان»؟.
حمّلت المتدخلة، الأم مسؤولية ذلك بما في ذلك بعض القنوات التي أضحت ملاذ النساء المختصات في الدراما كونها باتت تقتصر على ترويج بعض الأفكار الهدّامة، فيما باتت قلة من النساء من تتوجهن نحو الحصص التي تهتم بتربية وصحة الناشئة، مؤكدة في هذا الصدد أن جمعيتها ستعمل على الإستعانة ببعض الأطباء المختصين في أمراض الأطفال من أجل التحسيس بأهمية التلقيحات الموصوفة إلى جانب التغذية الصحيحة وممارسة الرياضة، مقترحة في هذا المنوال تفكير السلطات العليا في اعتماد التلقيح المنزلي لكونه يعدّ كأهم وسيلة لحماية الناشئة والسلالة البشرية وهذا بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية تفاديا لانتقال الأمراض الوبائية ورغبة في فعالية أكبر لمثل هذه التلقيحات.
الحرص على ثقافة التلقيح
وحمّل الدكتور بلقاسم عادل مختص في علم الاجتماع بجامعة يحيى فارس الإعلام الوطني والجواري أيضا مسؤولية تراجع ثقافة التلقيح لدى الأسر ـ فحسبه ـ، «هناك قلة من يؤدي الرسالة الإعلامية في تنمية الوعي بهذا الشأن الحيوي لدى العائلات، وبالرجوع قليلا إلى الوراء في ظلّ التلفزيون كانت الاشهارات الخاصة بالصحة والأمومة والتلقيح في أوقات الذروة. أما اليوم فالعديد من القنوات شتّت المشاهدين ويجب اعادة النظر في هذا المجال بحيث علينا أن نراعي هذا الجانب في تحسيس العائلات كون أنه مع تطور المجتمعات أدى إلى تخلي الوسائل الاعلامية عن هذا الميدان ما أدى إلى التفريط فيه وعلى صحة أبنائنا.
كما أنه وبالرغم من تطور المستوى التعليمي للأسرة، إلا أن نظرتها تجاه بعض الظواهر باتت تقليدية، فمثلا الحملة التي شنّت مؤخرا على التلقيح في المدارس يجب أن يقابلها اعادة النظر في كيفية تحسيس الأم بالدرجة الأولى في المصالح الاستشفائية بأهمية التلقيح أثناء وضع الحمل أو في الفترة ما قبلها، إلى جانب ضرورة وضع خطّة توافق مراحل نموالطفل».
أكد محدثنا أن هذا الانفتاح الإعلامي «لم تستفد منه الأسر من الجانب التحسيسي بالصورة المناسبة، كما ساهم ذلك في بلورة وعي ايجابي تجاه بعض الحالات الشاذة التي كان من المفروض أن لا تقيس عنها الأسر، على اعتبار بأنه لما شنت حملة اللقاح يقتل الأطفال نلاحظ اليوم النتيجة سلبية بسبب ما شهدناه في بعض ولايات الجنوب، في حين أن الجزائر لها باع طويل من خلال سياستها الصحية، إلا أنه يجب علينا كذلك أن نقيس على بعض الحالات يعد أمرا نسبيا، في وقت تبقى مسؤولية المصالح الطبية والأمومة في المقام الأول من خلال عمليات تحسيس الأمهات وفق خريطة صحية تشكّل وتشمل كل مناطق الوطن بما في ذلك الأطباء الخواص في طب النساء والأطفال الذين تلقى عليهم أيضا مسوؤلية التحسيس وخاصة وأنهم أصبحوا اليوم الوجهة الكبيرة لدى كثير من الأسر في مجال طلب العلاج والإستشارات الطبية».
على صعيد ذي صلة يجزم بعض العارفين بمجال الصيدلة بهذه الولاية، أن هناك جهات مغرضة هي بصدد التشويش على أفراد المجتمع الجزائري في عدة مجالات وبخاصة في مجال الصحة العمومية معرضة بذلك صحة أبنائنا إلى بعض الأمراض الخطيرة التي ظهرت كداء البوحمرون، مستغربا مثل هذه التصرفات في قوله، «هل يعقل أن دولة كالجزائر تصرف الملايير سنويا من أجل شراء مختلف التلقيحات ووصفها ومنحها بالمجان بالمراكز الصحة والأمومة لأجل التفريط واللعب بصحة أبنائها؟» محملا مسؤولية ذلك إلى فئة من المعلمين التي أبدت معارضة في وقت سابق للتلقيح المدرسي بما خلق وقتها حالة من الشك وسط الأولياء، متسائلا في هذا الصدد «من يتحمل مسؤولية إصابة الأطفال بداء بوحمرون التي عرفتها بعض الولايات؟»، مشيرا بأنه من غير المعقول أن تفرط الدولة ومن خلالها المصالح الصحية بصحة أبنائها.