تحرص الدولة عبر وزارة السكن والعمران والمدينة، لجعل المدن الجزائرية خاصة الجديدة منها نماذج عصرية بها كل المرافق التي يحتاج إليها السكان، خاصة ما تعلّق بالفضاءات العمومية والترفيهية والحدائق والمساحات الخضراء، لتكون متنفسا للعائلات خاصة وأن أغلب هاته المدن عبارة عن عمارات سكنية تحتاج للتهيئة الخارجية والحفاظ عليها من الرمي العشوائي للقمامة وإتلاف تجهيزاتها.
تشهد أغلب إن لم نقل كل العمارات الجزائرية في السنوات الأخيرة إهتراء كبيرا وغياب شبه تام للنظافة وحتى وجهها الحضري تم تشويهه بسبب سلوكات وتصرفات لبعض ساكينها، مع تسجيل عديد التجاوزات بسبب غياب وإنعدام الحماية، حيث يكفي إلقاء نظرة بسيطة على بعض العمارات بولاية باتنة وبمختلف بلديات ودوائر الولاية على غرار عين التوتة، أريس، بريكة، مروانة لتكتشف حقيقة أضحت تعاني منها عماراتنا رغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها الدولة للحفاظ عليها، حتى أن محيط تلك العمارات وأقبيتها بات مكانا خطيرا على صحة الساكنة.
هذا الوضع دفع بوزير السكن والعمران والمدينة عبد الوحيد طمار إلى التأكيد في كل مرة على ضرورة إعادة الاعتبار للعمارات من خلال تدخل لجان الأحياء ودواوين الترقية والتسيير العقاري ومديرية السكن ومختلف المسؤولين المحليين لتوظيف أشخاص يتكفلون بعملية صيانة العمارات والحفاظ عليها وحمايتها على غرار دور البواب من خلال تخصيص سكنات لهم في المجمعات السكنية التي يشتغلون فيها وكذا الحفاظ على الأملاك العقارية، لاسيما التجمعات السكنية الكبرى.
وقد طالب العشرات من المواطنين خاصة أصحاب السكنات التساهمية والترقوية المدعمة بضرورة برمجة للبوابين وذلك للتخفيف من ظاهرة الاعتداءات والسرقات وعمليات التخريب وكذا الاعتداءات التي تطال السكنات العمومية الجماعية.
وأوضح العديد من السكان الذين تحدثت إليهم جريدة «الشعب» إلى معاناتهم من تحوّل سكناتهم إلى فضاءات لمختلف أنواع التجاوزات والاعتداءات والسرقات التي أرقتهم، في ظلّ انعدام الأمن وحرية ولوج الغرباء والمنحرفين لهذه العمارات، وظاهرة انتشار حراس طفيليين على محيطها واستفزازهم لجيوب قاطنيها، بالإضافة إلى غياب النظافة وانتشار الأوساخ فيها، بسبب انعدام الرقابة والمتابعة من طرف سكان الحي عبر لجان الأحياء الغائبة وغير المفعلة.
حيث يكفي وجود حارس أو بواب ليضمن لقاطني تلك العمارات الاحترام والالتزام بحماية والحفاظ على السكنات الجماعية التي يقطنونها.
وأثناء مشاركتنا في هذا الملف المحلي اقتربنا من مجموعة من المواطنين لمعرفة رأيهم في الموضوع ففوجئنا برد بعض المواطنين بأن الإدارة ومكاتب الدراسات والمقاولين هم من يتحملون مسؤولية ما آلت إليهم أوضاع عمارات القطب العمراني الجديد حملة، لأن الإدارة ـ حسبهم - ملزمة بالتدخل ومراقبة نوعية السكنات حفاظا على حياة السكان.
كما اشتكى العديد من المواطنين القاطنين ببلدية باتنة من عدة مشاكل تخص نظافة عماراتهم، إذ عبّر السكان عن استيائهم الشديد مما آلت إليه عماراتهم، حيث طالبوا بضرورة تدخل الجهات المعنية ووضع حدّ لتراكم الأوساخ.
كما تعيش، أزيد من 60 عائلة بالعمارات الآيلة للسقوط المحاذية لمسجد ابن باديس بوسط مدينة باتنة حالة من الخوف والذعر على حياتها بسبب التشققات الكبيرة في جميع جوانب العمارات والتي أصبحت ديكورا يبرز عمق الخطر الذي يتربّص بسكانها في كل لحظة، فضلا عن الصورة التي تقابلك عند الدخول إليها ليستقبلك الظلام الدامس الذي يخيّم على سلالمها الملتوية والمليئة بالتشقّقات هي الأخرى، أما داخل شقق هذه العمارة أعظم فعند إلقاء نظرة من شرفة أي شقة من شقق هذه العمارات الآيلة للسقوط تجد منظرا يعكس كذالك حقيقة محيطها الخارجي من الفضلات والمهملات التي تتواجد على مستوى الوادي المغطى المحاذي لها وهذا ما زاد الطين بلة في محاصرة سكان هذه العمارة والحي المحاذي لها هو الانتشار الرهيب للروائح الكريهة، فضلا عن الحشرات والجرذان التي أصبحت تقاسم العائلات معيشتها.
وفي المقابل، تعتبر سكنات عدل بحي بوزوران بباتنة الإستثناء الوحيد حيث تتوفّر كل عماراتها على سكن خاص بالبواب دوره مراقبة كل أحوال العمارة والتدخل لدى ساكنيها لتجاوز النقائص المسجلة، وقد تأكدنا من ذلك خلال زيارتنا لها، حيث يتواجد بالطابق الأرضي سكن من غرفتي ومطبخ خاص للبواب الذي يكون دوره هو مراقبة العمارة والحفاظ عليها ومنع الغرباء من الدخول إليها ومساعدة سكانها..