تنتصب شامخة في بيئة ما كان لها أن تبرز وسط حشد من النساء من صنف عمرها، الذي جعلها تشق طريقا لم يكن إلى وقت قريب من إختصاص بنات جنسها، بعدما ظل حكرا على الرجال في ولاية الشلف، لتخرج لويزة بلقاسمي صاحبة مؤسسة تربية النحل وانتاج العسل من الصنف الممتاز، وبكل الأصناف والأنواع التي جادت بها عبقريتها في رحلة دامت أكثر من 10 سنوات.
لم يكن لهذه الوديعة صاحبة الحس الإنتاج الذي امتلكها وهي تقاوم براءتها على هاجس تحقيق حلمها كنحالة بين وسط عائلتها، والتي لم تكن على دراية بهذه المهنة التي فاجأت بها عائلتها بولاية الشلف، حينما لامست البدايات الأولى في عملية تربية النحل عبر عدد قليل من الخلايا أو ما يطلق عليها بالتسمية المحلية «لجباح»، التي اعتاد عليها ممارسو هذه الحرفة التقليدية في عالم الريف الشلفي، ولعل هذه الخاصية في وسط المداشر حفزت لويزة بلقاسمي للولوج إلى عالم أنواع النحل ومنتجلته وطرق تسويقه بوسائل محدودة، حسب ما أكّدته لنا في لقائنا بها في معرض الحرف والصناعة التقليدية التي جادت بها أنامل الفتيات على غرار بنات الريف اللواتي ذهبن بعيدا في عالم إثبات ذواتهن في عالم الحرف والمهن ليفتكن بجدارة الحرفة من العالم الرجالي، لكن بدرجة من اللمسة الفنية وديكور التسويق والعرض التي تفوقت فيه لويزة وأبانت عن موهبة وإمكانيات هائلة، تقول محدثتنا التي تمتلك كمّا هائلا من المعلومات حول عالم النحل والعسل كمورد غذائي وشفاء للناس تشير لويزة بنبرة الباحة المتمكنة ممّا يحيط بإنتاجها وسلعتها التي راقت كل المشاهد واستهوت كل ذوق وذواق للمنتوج.
هدوء بلقاسمي التي تدخل ضمن النشطاء والناشطات في عالم الصناعة التقليدية والحرف البالغ عددهم 8155 على مستوى ولاية الشلف ضمن الإحصاء الذي كشفت عنه مديرية غرفة الصناعة التقليدية والحرف بالولاية، والتي بواسطتهم تمكّن القطاع من ضمان 12453 منصب عمل حسب التقرير الآخير للغرفة. لكن تبقى بلقاسمي ليس كهؤلاء بل استطاعت تحقيق ذاتها ورغبتها التي تتفتق يوما بعد يوم، ولعل منطق وراء بعد كل مشكلة يولد تفكير جديد في عالم حرفتها التي تعلقت بها بعدما أخذت من شبابها ما يشاهده المقبلون على مثل هذه التظاهرات الغقتصادية بالدرجة الأولى والثقافية من ناحية ثانية. لكن محطة التغيير في يوميات بلقاسمي جاءت بعد خلق مؤسسة تسيير مستقلة بعدما تحصّلت على الدعم من الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب بالولاية لتقتحم مرحلة جديدة، وبنظرة التسيير المؤسساتي الذي يخضع للمراقبة والمرافقة من طرف هذا الجهاز، وهي مرحلة توسّعت إلى فتح مجال التشغيل نحو خلق مناصب لفائدة البطالين بهدف ضمان لقمة العيش، واكتساب مهنة جديدة بالنسبة للمشغلين في تربية النحل وانتاج العسل.
أما بخصوص عالم التسويق الذي يبقى هو المعضلة في المسار الحرفي لـ «لويزة»، فإنّ هذه الأخيرة اعترضها انعدام العمل على الرغم من أن الوالي السابق قد وزّع عليهن 50 محلا مهنيا ضمن قرارات الإستفادة، إلا أن ذهابه جعل السلطات المحلية تتراجع عن هذه الإستفادة، وتطالب المستفيدات بدفع الكراء للمحل بين مبلغ 10 و13 ألف دج، وهو ما عجزت عنه المستفيدات بدفعه شهريا في وقت أن المبيعات بطيئة والتسويق لا يتعد مناطق خارج الولاية، الأمر الذي يجعل محدودية المبيعات قليلة ولا تكفي لدفع مستحقات الإيجار.
يبقى التوجه نحو تقديم المساعدات والسهر على إنتاج هذه المؤسسات ومرافقتها خاصة كهذه التي ضمنت تشغيل 4 عمال وعاملات من شأنها تفعيل الإنتاج البديل، تقول بلقاسمي التي ولجت عالم إنتاج هذه المادة الغذائية ضمن تشجيع الصناعة الغذائية المطلوبة في الأسواق المحلية وحتى الخارجية إن وسعت آفاقها، وتطورت أساليب انتاجها وفق المقاييس والمعايير الدولية، وهو ما يدفع «لويزة» بضرورة المغامرة وفتح آفاق واعدة، تقول محدثتنا.