تعود إشكالية الجمعيات الناشطة في الميدان الجمعوي ما بين ثقافية، رياضية واجتماعية وفعاليات أخرى ممثلة للأحياء والقرى إلى الواجهة في كل مرّة بسبب واقعها العملي ومبررات وجود العشرات منها ببومرداس أحيانا على الورق فقط، خاصة بالنسبة لتلك التي تستفيد سنويا من إعانات مالية من البلدية والولاية حسب القطاع، كما أصبح الكثير منها متابع بتهمة «الانتهازية» وركوب موجة المناسباتية وحب الحظوة وطرق أبواب الإدارة والتقرب من المسؤولين لأغراض ضيقة بعيدا عن الأهداف والغايات المسطرة في قانونها الأساسي وبرنامجها العملي المسطر..
إشكالية فعلية تعيشها ساحة الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني ببومرداس وطبيعة العلاقة التي تربطها مع الإدارة والسلطات المحلية في البلديات بسبب الفتور أحيانا وتذبذب النشاط السنوي المقدم لخدمة المواطن والمنطقة ككل، تماشيا مع توجهات السلطات العمومية لتفعيل دورها وتقديمها كشريك أساسي لرؤساء البلديات والسلطات الولائية في إطار توسيع مفهوم الديمقراطية التشاركية والرغبة الملحة في أهمية إشراكها واستشاراتها في مداولات المجلس حول طبيعة الانشغالات وأولويات المشاريع والتنمية المطلوبة، هذا بالنسبة لجمعيات القرى والأحياء، في حين كان الدور أكثر أهمية وحساسية بالنسبة لباقي الجمعيات الناشطة في المجال الثقافي، الاجتماعي والرياضي المطالبة بتقديم خدمات اجتماعية تضامنية وتأطير فئة الشباب والاستفادة من أوقات الفراغ، فيما هو إيجابي وتحصينهم من تبعات الآفات السلبية كالتدخين، السرقة والمخدرات التي تنخر المجتمع.
كما ظلّت العلاقة بين هذه الفعاليات والإدارة أو بالأصح السلطات المحلية متراوحة بين الشدّ والجذب وأحيانا النفور التام بسبب ضعف التجاوب من قبل عدد من رؤساء البلديات الذين يتعمدون تهميش ممثلي الجمعيات وعدم إشراكهم في جلسات المجلس أو تقديم المساعدات المادية المطلوبة والوسائل الضرورية للعمل والقيام ببعض الأنشطة التطوعية أو التردّد في تقديم الإعانة السنوية بالنسبة لبعض الجمعيات الثقافية والاجتماعية التي يتحجّج بها رؤساء الجمعيات في عدم مواكبة المناسبات والمواعيد الوطنية والولائية بتظاهرات وأنشطة في المستوى المطلوب والأمثلة على ذلك كثيرة في مجال النشاط الاجتماعي، حيث تحصي ولاية بومرداس العديد من الجمعيات الخاصة بالأمراض المزمنة، السكري، المعاقين والدم الغائبة عن الساحة إلا في مناسبات قليلة، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الشباب والرياضة الذي يدور في فلكه أكبر عدد من الجمعيات والنوادي المسجلة بمديرية التنظيم والشؤون العامة بمجموع حوالي 250 جمعية، لكن أكثرها لا تفقه سوى عملية تقديم التقرير المالي والأدبي للاستفادة من الدعم السنوي الأمر الذي أدى إلى تسجيل عجز واضح في موارد الصندوق الولائي لترقية مبادرات الشباب والممارسات الرياضية، حسب تقرير المديرية لسنة 2017.
بودواو.. مجلس بلدي يحاول فهم المعادلة وتفعيل دور الجمعيات
من أجل فهم طبيعة الانشغال وحقيقة العلاقة بين فعاليات المجتمع المدني والمجالس البلدية المنتخبة حاولنا نقل إشكالية الموضوع إلى رئيس بلدية بودواو مدني مداغ الذي أدرك بالتقريب تفكير ممثلي الجمعيات وطبيعة اهتمامهم، وذلك من منطلق تجربته الميدانية في مجال النشاط الجمعوي حيث كشف بقوله «أن بلدية بودواو بدأت تشهد انتعاشا ملحوظا في مجال الجمعيات المتعلقة بالخصوص بالقرى والأحياء التي وصلت حاليا إلى 15 جمعية منها 3، تأسست مؤخرا واحدة بمركز البلدية بتشجيع من المجلس للمساهمة في تسيير الشأن المحلي للمواطن وتقديم المشورات اللازمة حول طبيعة الانشغالات المطروحة محليا وأولويات المشاريع التي يتطلّع إليها سكان البلدية، وعليه تمّ تخصيص يوم السبت من كل أسبوع لتنظيم لقاء مع مختلف فعاليات المجتمع المدني بما فيها 8 جمعيات ثقافية وحوالي 13 جمعية رياضية تنشط على المستوى المحلي..
في سؤال عن طبيعة العلاقة التي تربط الطرفين ودرجة تقييم حضور هذه الجمعيات في الميدان، أكد رئيس بلدية بودواو «أن نسبة الحضور في الميدان عبر النشاطات المختلفة متفاوت من جمعية إلى أخرى وهي الوضعية التي أدركها المجلس الشعبي البلدي وبالتالي يحاول إعادة تفعيل دورها وإشراكها في مداولات المجلس، خاصة بالنسبة لجمعيات الأحياء والقرى التي تلقى كامل الدعم والمساعدات المادية لتنظيم الحملات التطوعية في مجال حماية البيئة وتنظيف المحيط وباقي الأنشطة الأخرى، مع ذلك تبقى أيضا المبادرة ضرورية أيضا من قبل هذه الجمعيات وبالأخص تلك التي تتلقى الدعم المالي السنوي بهدف خدمة المواطن والمساهمة في مختلف التظاهرات وبرامج التنمية المحلية.