لم تشفع عمليات الصيانة والإنجاز لمختلف شبكات الطرق الوطنية والبلدية بولايتي الشلف وعين الدفلى من تسجيل حوادث مرورية مميتة بالرغم أن المواقع التي كانت ولازالت مسرحا لهذه المآسي بعيدة عن المنعرجات أو الحواجز الطبيعية، غير أن حصيلة الضحايا جعلت منها مقبرة ونقطة سوداء بالرغم من التحسنات التي طرأت عليها، في وقت أرجع البعض هذه الحوادث إلى ما يسمى بالأماكن المسكونة من الجن والأرواح.
وبحسب المصالح المعنية بالطرقات في كل من الشلف وعين الدفلى، فإن عمليات القضاء على النقاط السوداء لم تعد بالحجم الذي يعتقده المتسبّبون في حوادث المرور أو المحيطين بهم خاصة من العائلات أو القاطنين أثناء تسجيل هذه الحوادث التي يرجعها البعض لأسباب ميتافيزيقية، وهو الإعتقاد الذي لا يلقى الإجماع أو القبول في كثير من الأحيان حسب تفسيرات بعض الأئمة والعلماء أو التقنيين المختصين في تهيئة الطرقات.
لكن الغريب في الأمر أن كثرة هذه الحوادث وتسجيلها من حين إلى آخر يبقى اللغز المحير، يستوجب إيجاد حلول لتفادي مثل هذه المآسي بالرغم من الإجراءات الردعية التي تطبقها مصالح الدرك من خلال الحواجز الثابتة والمتنقلة التي تطبقها ذات المصالح حسب قائد مجموعة الدرك لولاية عين الدفلى، الذي أرجع الظاهرة إلى تهور السائق وعدم احترام السرعة وإشارات المرور، بالإضافة إلى وضعية السائق النفسية أثناء قيادة المركبة، لذا عندما تسجّل الحادثة يربطها بأمر غير واقعي دون محاسبة نفسه ومراجعتها، وهو ما يظهر للآخرين أن السائق لم تعترضه أي مشاكل، ويذهب التفسير في الإتجاه غير الواقعي، يقول ذات القائد.
وبحسب معاينتنا للنقاط السوداء كما هو الحال بعين الدفلى خاصة منطقة بن مهدي بمنحدر بلدية الحسينية بالطريق السيار شرق غرب، الذي شهد حوادث مميتة آخرها قتيلين و15 جريحا وتحطيم 14 مركبة وناحية أولاد عتو بزدين بذات المسلك والطريق الوطني رقم 4 بنقطتي مديوني ببلدية الروينة التي ابتلعت عشرات الضحايا، منهم الصحفي فقوس رفقة 7 آخرين في مركبة نقل، بالإضافة إلى موكب فرح لقي فيه العريسان حتفهما رفقة الوالدة، وهو مكان ممتد بدون بدون منعرجات أو مظاهر طبيعية.
كما صارت النقطة السوداء بمنحدر كوكونداك إنطلاقا من حدود منطقة عين التركي بإتجاه مدينة خميس مليانة الذي إلتهم عشرات الضحايا ما سجلت به مجازة كان وراء إرهابيون حيث تم حرق 17ضحية داخل حافلة كانت متجهة نحو ولاية الشلف حسب حصيلة مصالح الحماية المدنية التي أكدت لنا في وقت سابق أن المواقع السوداء قد تراجعت بشكل محسوس وهو ما أكده لنا تقني له علاقة بالأشغال العمومية وهذا بفضل عمليات التحسين والصيانة التي تبقى هي العامل المهم في تراجع الحوادث وليس شيئ آخر حسب قوله.
ومن جهة أخرى كان للنقاط السوداء المسجلة بولاية الشلف كما الحال بمنطقة الزبابجة بواد الفضة التي أرعبت مستعملي ذات الطريق الوطني رقم 4 وخاصة في نقطة سدي العروسي بالمخرج الغربي لعاصمة الولاية الشلف بجوار المقبرة هي الأخرى مسرحا لأكثر من 40ضحية منذ سنوات خلت إلى حد الساعة، ولعل مجزرة 5قتلى بذات الناحية و4ضحايا الذين توفوا بعين المكان بالزبابجة في اصطدام سيارة صغيرة بشاحنة مقطورة لنقل مادة الطلاء كان على متنها لاعبي كرة قدم لفريق واد الفضة رفقة شخصين آخرين.
لكن الأسئلة التي لازالت عالقة في نفوس كل صاحب مركبة وسكان هذه المناطق المجاورة أن ذات الأمكنة من المتسبب في هذه الحوادث خاصة بعد الإستماع للناجين من الحوادث الذين يشهدون بقولهم: «أن الطريق قد انشقت لما وصلنا لذات المكان أو أنهم رأوا رجالا يشقون عرض الطريق لذا تحاشى السائق دهسهم، فإنقلبت بنا المركبة.» كما تستمع لعدة روايات عن أسباب الحادثة في عدة نقاط التي رسمت على أنها نقاط سوداء لا لشيء إلأ أنها مقبرة لحصد الضحايا.
ومن جانب آخر نقلنا هذه الحوادث المرعبة لمعرفة أئمة الدين وشيوخ المساجد حيث فند إمام متقاعد من منطقة بوراشد بعين الدفلى، أن الإعتقاد الذي يروج له باطل وغير صحيح ، وهو تهرب من الحقيقة ومبدأ الإهمال والتسيب، فالعامل البشري يبقى هو وراء أي كارثة ولادخل لعالم الأرواح وتأثير المقابريقول محدثنا الذي نبه من خطورة الجرائم المسجلة والتي يتحملها السواق وليس قوى غيبة حسبه.