أفرز تراجع مؤسسة اتصالات الجزائر عن العمل ببروتوكول الاتفاق المبرم مع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب في 28 فيفري 2015 عن انكماش رهيب في سوق العمل وتوقف عدّة مقاولات عن النشاط، فيما تشهد أخرى مشاكل عويصة ناجمة عن ديون عالقة على عاتقها.
ويقضي بروتوكول الاتّفاق المبرم ما بين الطّرفين على تشجيع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب للشباب ذوي الاختصاص على إنشاء مؤسسات متخصّصة في الاتصالات، على أن تتكفّل مؤسسة اتصالات الجزائر بضمان تكوين متخصص قصير المدى لمسيري المؤسسات المعنية قبل تشغيلهم لدى مصالحها من خلال إسنادهم مشاريع مختلفة تتعلّق بنصب شبكات الهاتف والأنترنيت عبر إقليم الاختصاص، الأمر الذي أفرز تشكيل عدّة مؤسسات في هذا المنحى بتيبازة، وهي المؤسّسات التي استفادت فعلا من تكوين نوعي من تأطير إطارات اتصالات الجزائر، إضافة إلى استفادتها من تجهيزات تقنية بدعم مباشر من وكالة انسج تمكنها من تجسيد مشاريع متعددة مع مؤسسة اتصالات الجزائر وفقا لما ينص عليه الاتفاق المبرم ما بين الطرفين. وقد أكّد مدير وحدة تيبازة لاتصالات الجزائر في جانفي 2016 السيّد طارق نون على تسجيل نحو50 مؤسسة يتم التعامل معها في هذا الاطار، مشيرا الى أنّ المؤسسات التي تجتهد في تجسيد مشاريعها ستحظى بأكبر قدر من المشاريع التي تمكنها من الترقية والتطور بشكل سريع بالتوازي مع فسخ العقود مع المؤسسات التي لا تكون جادة في تجسيد المشاريع المسندة لها.
غير أنّ الواقع أثبت بأنّ المتعاملين المعنيّين بهذا المشروع لم يكونوا جميعا يعزفون على نفس الوتر، بحيث شهدت العديد من المؤسسات المنشاة في هذا الاطار مشاكل عويصة وبالجملة على أرض الواقع بدأت في مطالبتها بتغيير سجلها التجاري ليشمل عمليات أخرى تتطلبها المشاريع المطلوب إنجازها قبل أن تتطور الأمور الى مشاكل اخرى تعنى بتأخر المؤسسة في تسديد مستحقات المؤسسات عقب إنهاء أشغالها، ورفض الأشغال المنجزة أحيانا من حيث عدم مطابقتها مع دفتر الشروط، إضافة إلى عدم توفير التجهيزات الضرورية لإتمام الأشغال في الوقت المناسب ممّا يطيل من فترة الانتظار لإتمام المشروع قبل الظّفر بمشروع آخر. وظلّت هذه المشاكل العويصة تؤرق كاهل مسيري المؤسسات المعنية على مدار السنة المنصرمة، وإلى غاية مطلع السنة الجارية، غير أنّ توقيع المديرية العامة لاتصالات الجزائر على بروتوكول اتفاق مع المتعامل الصيني «هواوي» يعنى بتجسيد مجمل المشاريع الكيرى للمؤسسة، أثّر سلبا وبشكل مباشر على سوق العمل للمقاولات المنشأة في إطار تشغيل الشباب، وأجبر العديد منها على التوقف عن النشاط بشكل نهائي بالنظر إلى عدم قدرتها على التأقلم مع المعطيات الجديد، سواء تعلق الأمر بالجوانب التقنية والمالية أوحتى النفسية، كما تعرّضت مقاولات أخرى لهزّات عنيفة لم تتمكّن من مقاومتها بفعل انكماش سوق العمل وكثرة الديون على عاتقها دون أن تتمكّن من إيجاد مخرج ينقذها من الورطة التي وقعت فيها.
مفارقات الواقع..
في ذات السياق، يؤكّد الأمين العام لجمعية إمتياز للمقاولاتية السيّد ياسين بن زاي، بأنّ المؤسّسات المنشأة وفقا لبروتوكول الاتفاق بين اتصالات الجزائر ووكالة «أنساج» تعتبر الأكثر تضررا مما يخصل على أرض الواقع باعتبارها حصلت على تجهيزات تقنية خاصة بتجسيد مشاريع اتصالات الجزائر في اطار مشاريع «أنساج»، وبانكماش سوق العمل فقد وجدت تلك المؤسسات نفسها محرومة من العمل مع تعرّضها لمشاكل مالية وأخرى تقنية عويصة. كما أشار محدّثنا أيضا إلى أنّ حصّة 20 بالمائة من الصّفقات العمومية التي يشير إليها القانون صراحة من حيث إسنادها للمقاولات الشبانية لا تؤول للشباب في مختلف القطاعات، ونادرا ما تلتزم بها بعض القطاعات النشطة ممّا أثّر سلبا على مسيرة المقاولات الشبانية التي تسعى للتموقع ضمن خريطة النسيج الاقتصادي الوطني، وأشار محدثنا أيضا الى أنّ تراجع مرافقة المؤسسات الشبانية أفرز واقعا يتعارض والأهداف التي تنشأ هذه المؤسسات من أجله، بحيث يضطر الشباب المستفيد من الدعم أحيانا لبيع عتاده واستغلال الأموال المحصلة لتجسيد مشروع أقلّ حجما من الاول، ولا يخدم الاقتصاد الوطني في الكثير من الحالات، كما يؤدّي هذا الواقع أحيانا إلى عزوف الشباب عن الاقبال على المقاولاتية خوفا من الاخفاق، إلا أنّ الأمين العام لجمعية امتياز دعا مسيّري المؤسسات المعنية الى الصمود وعدم الرضوخ للأمر الواقع بالتوازي مع دعوة مصالح الضرائب والبنوك إلى عدم التعامل مع مؤسسات «أنساج» بنفس طريقة التعامل مع المؤسسات الأخرى لتبقى المرافقة الهادفة بذلك عاملا مهما لا يليق التخلي عنه على مدار عدّة سنوات من عمر المؤسسة الشبانية.