عمّال يعانون وآخرون ينشطون بطريقة غير قانونية

انتظار الفرز في المهن الشّاقة

بومرداس: ز ــ كمال

يحتفي العالم ومعه الجزائر غدا بعيد العمال المصادف للفاتح ماي من كل سنة ويعود معه الحديث عن واقع الطبقة الشغيلة، وأهم ما حقّقته من مكاسب ونضالات متواصلة لتحسين ظروفها المهنية والاجتماعية والمطالبة برفع الأجور استجابة لتحديات الظروف الاقتصادية الصعبة وتدني القدرة الشرائية، في حين تبقى فئات عديدة تطالب بإعادة تصنيف نشاطها والحاقه بقائمة المهن الشاقة التي تتطلب إعادة النظر من قبل المشرع الجزائري للتكفل أكثر بانشغالها مع تخفيض مدة الخدمة وسن التقاعد، وأخرى تنشط في ظروف غير إنسانية، وتفتقد لأدنى الحقوق كالتغطية الاجتماعية وحق التقاعد.
يبقى العامل الجزائري في عدد من القطاعات يعيش على أمل استجابة المشرع الجزائري والوزارة للفئات المهنية التي تطالب بإعادة التصنيف، وضمّها إلى قائمة المهن الشاقة التي ستحظى ببعض الامتيازات المهنية أثناء الخدمة وبعدها في مرحلة التقاعد مثلما تطالب به عدد من النقابات منها نقابات قطاع التربية بالنظر إلى حجم المجهودات التي يبذلها الأستاذ والمعلم في الطور الابتدائي بالخصوص الذين يعانون من أجل إيصال الرسالة التربوية للتلاميذ أحيانا في ظل النقائص، الاكتظاظ داخل الأقسام وغياب الكثير من الشروط المهنية، الأمر الذي جعل قطاع التعليم من أكثر القطاعات التي يعاني مستخدميها من تداعيات الأمراض المهنية كالقلق المزمن وارتفاع ضغط الدم، فقدان الصوت، داء الدوالي الناجم عن الوقوف الطويل خاصة لدى فئة العاملات، وغيرها من الأمراض الأخرى التي دفعت بعمال قطاع التربية إلى التمسك بهذا المطلب خلال مراحل التفاوض مع الوزارة الوصية لمعالجة اختلالات القانون الأساسي، وإضافة بند يتعلق بحق التقاعد المسبق والتصنيف ضمن المهن الشّاقة.
وفي وقت تطالب فيه عدد من الفئات المهنية إعادة التصنيف والاستفادة من قانون أساسي يضمن بعض الحقوق الجديدة كالترقيات في الرتبة والرفع من الأجور والمنح وحتى ضمها إلى المهن الشاقة، تبقى فئات مهنية أخرى خاصة في القطاع الاقتصادي الخاص وبعض الأنشطة الحرة في المجال الفلاحي، البناء، الصيد البحري وغيرها تعاني في صمت وتناضل من اجل اكتساب الحقوق البديهية التي أقرتها التشريعات العالمية لمنظمة العمل الدولية واجتهادات المشرّع المحلي لتوفير بيئة صحية سليمة وظروف مهنية تستجيب لمتطلبات الحياة الكريمة أدناها حق الضمان الاجتماعي والتقاعد، العطلة السنوية، حق الترقية والتحسين الدوري لشبكة الأجور تماشيا مع تراجع القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
ولاية بومرداس لا تخلو من الظاهرة والتجاوزات الممارسة من قبل المستخدمين وأرباب العمل بالأخص في الأنشطة الاقتصادية والصناعية، حيث سجّلت مصالح مفتشية العمل 70 مخالفة وتوجيه 761 إعذار للمؤسسات المشغلة المرتبطة معها باتفاقيات ومنخرطة في مجال طب العمل التي لا تمتثل لقانون العمل ومختلف الاتفاقيات الجماعية المتعلقة باحترام الحقوق المشروعة للعمال، ومؤسسات أخرى كثيرة خارج الرقابة والمتابعة، وبالتالي هي غير مدرجة لحد الآن في إمكانية التصنيف من عدمه في وقت لم تصل بعد إلى تجسيد كامل حقوقها المشروعة المبدئية، في حين تبقى شريحة واسعة من العمال تشتغل بطرق غير قانونية في المجال الفلاحي، ورشات البناء وعدة مهن أخرى في ميدان الحرف اليدوية والصناعة التقليدية والخدمات لدى الخواص غير مصرح بها لدى صندوق الضمان الاجتماعي أووكالة «كاسنوس» لأسباب عديدة، أحيانا بسبب تحايل المستخدمين والتهرب من تكاليف التأمين على أهميته في سلامة العامل وضمان حق التقاعد وأحيانا بالتراضي بين الطرفين مثلما هو الحال لدى بعض الناشطين في ميدان تربية الدواجن والمذابح، حيث يفضّل بعض العمال خاصة الشباب منهم أخذ حق التأمين نقدا بسبب الجهل بأهمية التغطية الاجتماعية، وأحيانا أخرى تحت ذريعة ارتفاع نسبة الاشتراك السنوي لدى صندوق «كاسنوس» الذي تجاوز 60 ألف دينار وهو مبلغ اعتبره المشتركون من تجار، حرفيون وأصحاب المهن الحرة ابتزازا وغير مبرّر لأنهم غير قادرين على دفعه مثلما استقته «الشعب» من حديث المنتسبين.
كما لا تزال ظاهرة العمالة الموسمية بولاية بومرداس تثير الكثير من التساؤلات بين الهيئات المختلفة ومحاولات مديرية التشغيل تأطير هذه الفئة عن طريق الإحصاء والتسجيل بوكالة «كناس»، حيث تزدهر الظاهرة مع بداية فصل الصيف إلى نهاية فصل الخريف بقدوم عشرات الشباب من طلبة وتلاميذ المؤسسات التعليمية حتى من خارج الولاية للعمل في حقول الكروم لجني محصول العنب عبر مساحات واسعة بولاية بومرداس تتعدى 13 ألف هكتار، وبمحصول يتجاوز أحيانا 2 مليون قنطار وعدة محاصيل أخرى، لكن بطريقة غير قانونية ولا حديث عن ظروف العمل الصعبة وغياب السلامة والتأمين الاجتماعي المؤقت من قبل المستخدمين، وكلها ظروف بحاجة إلى إعادة النظر من قبل القائمين على قطاع التشغيل ومفتشية العمل لتنظيم القطاع ومتابعة أرباب العمل المتهرّبين، الذين يكبّدون صناديق التأمين الملايير سنويا.   

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024
العدد 19650

العدد 19650

الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
العدد 19649

العدد 19649

الأحد 15 ديسمبر 2024
العدد 19648

العدد 19648

السبت 14 ديسمبر 2024