وصفت أستاذة علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر زينب بوشلاغم واقع البحث العلمي بالجزائر «بالمتردي وغير المشجّع للباحثين من أجل عرض أفكارهم وإبداعاتهم العلمية والتكنولوجية في مختلف التخصصات»، مرجعة أسباب هذه الظروف «إلى واقع الجامعة الجزائرية التي تعرف تراجعا من حيث المستوى وسوء التسيير، مع غياب الشفافية في إدارة ملف المنحة والدعم المالي المخصص للبحث العلمي، وتراجع دور مخابر البحث الجامعية ممّا أدى بعدد منها إلى الإفلاس وغلق الأبواب أمام الطلبة الباحثين.
كثر الحديث على ضرورة إصلاح قطاع التعليم العالي بالجزائر، والاهتمام أكثر بتحديث وعصرنة الجامعة الجزائرية التي لا تزال بعيدة عن التصنيف العالمي من حيث المستوى ودرجة المساهمة في البحث العلمي، وعدد الدراسات والبحوث التي تساهم بها سنويا في إثراء الحقل العلمي في العالم ومواكبة التطورات المتسارعة، وهو ما يطرح إشكالية واقع البحث العلمي بالجزائر الذي يعود للمساءلة والتقييم بمناسبة يوم العلم المرتبط شكليا بهذا التحدي، وتصورات الأساتذة الباحثين لهذا المجال الحيوي، وأهم المقترحات المعروضة لتجاوز هذا الوضع الحالي لواقع البحث العلمي نحو الأفضل.
في هذه النقطة بالذات، ترى أستاذة علوم الإعلام والاتصال زينب بوشلاغم متحدثة لـ «الشعب»، أن الواقع المتردي للجامعة الجزائرية لا يسمح بتطور مجال البحث العلمي نتيجة غياب الظروف الملائمة والمحفزة كتشجيع الباحثين، وتوفير الدعم المالي الكافي والتكفل التام بالأفكار الإبداعية ومشاريع الطلبة الباحثين وتخصيص جوائز قيمة للأبحاث القيمة، واستمرار ظاهرة المحسوبية والمحاباة في طريقة الدعم وتسيير ملف التكوين والملتقيات الجامعية، وكلها عوامل جعلت ميدان البحث العلمي ونسبة مساهمة الجامعة الجزائرية في هذا الحقل ضعيفا وكل المبادرات أو المساهمات الشخصية تبقى مهمشة.
كما انتقدت الباحثة واقع مخابر البحث بالجامعة الجزائرية التي لا تلعب دورها العلمي، معتبرة «أن الكثير من مخابر ومراكز البحث في الجزائر تعاني من غياب الدعم المالي المخصصة للأبحاث العلمية وضعف الإمكانيات المادية والتقنية ممّا يعيقها على مواصلة عملها وتنظيم الملتقيات العلمية ونشر الأبحاث، ما أدى بعدد معتبر منها على غلق أبوابها في وجه الباحثين مثلما كشف عنه وزير التعليم العالي السابق، مقابل ذلك نجد بعض المخابر تلقى مزيد من الدعم لكن تستغلها في غير البحث العلمي الذي أصبح يعامل بمنطق البزنس.
وعن تصوراتها المستقبلية لتجاوز هذه الإشكالية وإعادة الاهتمام بميدان البحث العلمي في الجزائر، ربطت الأستاذة بوشلاغم هذا المخرج «بضرورة إعادة الاعتبار أولا للجامعة الجزائرية من حيث التسيير والتأطير الكافي للطلبة وتوفير كل الإمكانيات المادية ووسائل البحث والاهتمام أكثر بمراكز ومخابر البحث المتواجدة في أغلب الجامعات الجزائرية وإعادة تفعيل دورها الحقيقي بما يخدم ميدان البحث ومساعدة الطلبة الباحثين في إنجاز مشاريعهم العلمية بكل حرية حسب الكفاءة، مع إعادة النظر في الميزانية المخصصة لمجال البحث العلمي من قبل وزارة التعليم العالي، وإعداد لجنة من الكفاءات العلمية للسهر على إدارة هذا الملف الحساس لتشجيع الباحثين، وتثمين مختلف الجهود المبذولة في الميدان.