يواجه مستعملو المركبات بعاصمة التيطري بولاية المدية حالة الإختناق المروري المتكررة بكل من الشارع الرئيسي عند المدخل الشرقي للمدينة إلى مخرجها الغربي بإتجاه طريق 15 ديسمبر، وطريق الجزائر إلى مدخل حي الكوالة بإتجاه كل من حي بزويش ومرج شكير خاصة أثناء أوقات الذروة، فضلا على مستوى عين الكبير إلى غاية مفترق الطرق المؤدي إلى حي قطيطن مع كل دخول اجتماعي.
يرى الدكتور بلقاسم عادل مختص في علم الإجتماع بجامعة المدية، أنّ هذه النقاط السوداء تركت جل السائقين والمواطنين تحت رحمة الضغوطات يضاف إلى ذلك الازدحام، مرجعا سبب ذلك إلى ارتباطها بمداخل البلديات جراء التدفق الهائل، كما يعتبر خبراء التنمية أن تنمية الطريق هو المؤدي إلى التنمية نفسه بما يوفر راحة التنقل للمواطنين والعمال والطلبة والمستثمرين بصفة خاصة، لذلك نجد الكثير من المناطق لم تعرف التنمية لافتقارها لشبكة الطرق، ناعتا طرقاتنا اليوم بأنها باتت تعاني من ازدحام شديد، كما هو الحال عند مدخل المدية قدوما من جنوب الولاية ومرورا ببلدية وزرة، إذ تجد المواطن مسرعا عند خروجه من العمل بما في ذلك المسافرين بمركباتهم يصارعون الوقت، ويستعملون السرعة المفرطة لتفادي الازدحام ممّا يكون سببا مباشرا في حوادث المرور، حيث يتسبب ذلك إما في إعاقات دائمة أو وفيات.
واعتبر الباحث في علم الإجتماع أنّ ضغوطات الحياة الاجتماعية وكذا ازدحام المدن والطرق تعد من بين أهم المشاكل النفسية، حيث نجد الكثير من السائقين يعانون من الضغوطات وهذا ما يؤدي بهم إلى العديد من الأمراض كالضغط الدموي، السكري مما يرفع احتمال ارتكاب حوادث المرور، مقترحا في هذا الصدد إعادة النظر في سياسة النقل المحلية بخصوص سير المركبات ونشر ثقافة النقل العمومي لتخفيف الضغط، والتفكير في توسيع شبكة الطرق مستقبلا بما يحقق التوافق مع النمو الديموغرافي للمدن وتوسع محيطاتها الحضرية وتعدد مداخيلها.
الأحياء منعزلة عن بعضها
وبرّر عبد الكريم بوخالفة، نائب سابق مكلف بالتعمير ببلدية المدية وجود ظاهرة الاختناق المروري في المدينة لعدم ربط الأحياء فيما بينها، إلى جانب أن التنقل بين الأحياء يحتم على مستعملي الطريق المرور في وسط المدينة، حيث يوجد شارعين رئيسيين فقط ويجبر هؤلاء على سلكهما مهما كانت وجهتهم، كما أن البلديات المجاورة للمدينة متصلة فيما بينها عن طريق واحد فقط - الطريق الوطني رقم 01 - الأمر الذي حتم على ظهور نقطة سوداء كبيرة على مستوى منعرج دورة الشيخ بن عيسى بين بلدية المدية ووزرة، فضلا على أنه كل من يقصد المدينة لابد أن يمر بإحدى المداخل الأربعة مرورا بوسط المدينة، ناهيك عن عدم وجود مواقف السيارات الشيء الذي زاد من حدة المشكل.
واعتبر بوخالفة أن هذا المشكل سيزداد حدة في المستقبل في ظل ارتفاع الكثافة السكانية، وازدياد عدد طلبة الجامعة وقرب استلام الإقامة الجامعية ببلدية وزرة، والمشاريع السكانية والمرافق العمومية وارتفاع في حظيرة السيارات، مقترحا ضرورة وجوب تفعيل وتجسيد مخطط المرور الجديد الذي تمت المصادقة عليه وكلف أموالا كبيرة، وينتظر تجديده ميدانيا حيث تم إنجاز نسبة صغيرة منه، علاوة على أنه تم إنجاز الدراسة الخاصة بالجسور من طرف البلدية، والتي كلفت أموالا كبيرة غير أنها لا تزال حبيسة الأدراج في انتظار تخصيص المبلغ المطلوب لإنجازها، كما يجب - حسبه - العمل على ربط الأحياء فيما بينها لتخفيف الضغط على وسط المدينة وفك العزلة عنها حيث أصبحت عبارة عن مراقد، مع إعادة بعث مشروع السكة الحديدية بين المدية والبليدة مرورا بجبال شفة، وحتمية إنجاز مواقف السيارات بالقرب من وسط المدينة والإسراع في إتمام إنجاز الطريق الاجتنابي للمدينة في شطريه الشمالي والجنوبي، الذي يربط المدينة بمخرج المدينة نحودائرة وامري وجندل بعدة نقاط بما يسهل عملية الدخول والخروج من وإلى المدينة، ويسهل تنقل مركبات وزن الثقيل علما أن هذا الطريق كلف أموالا كبيرة ولم يكتمل إنجازه بعد إلى يومنا هذا.
اقترح محدثنا أيضا العمل على ربط البلديات المجاورة مع المدية عبر عدة طرق وممرات بدل من الطريق الواحد، مع إنجاز الترامواي والذي سيكون له الأثر الكبير في ظل وجود الممر الخاص بخط السكة الحديدية القديمة الذي يربط بلدية ذارع السمار والمدينة المدية ووزرة إلى غاية بلدية البرواقية، مخففا الضغط على الطريق الرئيسي الرابط بين القطب الحضري ومخرج المدية نحو بلدية ذراع السمار، مع التفكير في انجاز مصلحة للاستعجالات خارج المدينة، والأنفاق الأرضية والطرق الفرعية، داعيا إلى إنشاء أسواق جوارية لتثبيت السكان بدلا من تنقلهم اليومي إلى السوق الوحيد الموجود بوسط المدينة القديمة مع فتح وحدة ثانية لتسويق مادة الحليب المبستر بالقطب الحضري، إلى جانب إنشاء ساحات عمومية وأماكن ترفيهية في الأحياء المجاورة، متسائلا في هذا الصدد: «هل يعقل عدم وجود ساحة عمومية وأماكن ترفيهية وسوق بالقطب الحضري الجديد بالرغم من وجود الجامعة وعدد معتبر من الإدارات وعدد كبير من السكنات؟ فضلا على إنجاز مرافق رياضية جوارية كون أغلب المنشآت متواجدة بوسط المدينة أو على الشارع الرئيسي، وكل الرياضيين مضطرين لتنتقل إلى وسط المدينة، وهذا ما يحرم البعض من ممارسة الرياضة خاصة الأطفال، حيث لا يمكنهم التنقل في الساعات المتأخرة لعدم وجود النقل في تلك الأوقات.ـ