تعرف تجربة الاحتراف في الكرة الجزائرية صعوبات تنظيمية كبيرة، رغم مرور 10 سنوات على اعتمادها، حيث أننا نحضر للعديد من الثغرات التي انعكست على السير الحسن للبطولة من خلال الصعوبات الكبيرة التي تجدها الأندية في كل موسم.
ويرى أغلب المتتبعين أن الانتقال إلى الاحتراف لم يتجسد فوق الميدان وفق دفتر الشروط الذي أعد لذلك، وإنما تم اعتماد سلم رواتب اللاعبين بمبالغ خيالية فقط، الأمر الذي ساهم في «وقوع» الأندية في صعوبات مالية أثرت على سيرها.
دور كبير لمديرية مراقبة تسيير الفرق
وأكدت المديرية الوطنية لمراقبة تسيير الأندية أن العديد من الفرق لديها ديون كثيرة تعرقل سيرها المنطقي، في غياب استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد الذي يمكنها من الوصول إلى أهداف فنية وتنظيمية .. فالضغط أصبح يغذي يوميات فرقنا، والمسير لم يجد ضالته لعدم وجود الأموال في ظل مطالبة اللاعبين بضرورة احترام العقود التي أمضوا عليها في بداية الموسم.
ونسمع من حين لآخر بإضراب اللاعبين الذي دخل قاموس الكرة الجزائرية سواء في الرابطة الأولى أو الثانية .. وإذا كانت الحلول الظرفية تساهم في انفراج الوضع، إلا أن ذلك لا يحل المشاكل المتراكمة على الفرق.
وعرفت الأيام الماضية ظاهرة أخرى من خلال «تهديد» أندية الرابطة المحترفة الثانية بعدم إجراء الجولة 20 من البطولة، قبل أن يتم العدول عن هذا القرار، لا سيما وأن المكتب الفيدرالي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم في اجتماعه الماضي قد طمأن الأندية بتعهد السلطات العمومية التكفل بانشغالاتهم.
غياب الإستراتيجية...
فالعدد الكبير من الأندية المحترفة أي 32 فريقا يؤثر بشكل سلبي على الوضعية العامة للكرة الجزائرية، لأنه مع كل الأعباء التي يحتاجها تسيير ناد بهذه الطريقة والارتفاع الكبير للرواتب يجعل دائما الأمور غير متوازنة ..
الشغف الكبير للمسيرين قبل انطلاق الموسم يكون كبيرا للعب الأدوار الأولى بجلب اللاعبين، لكن الأمور تتغيّر بشكل غير منتظر بمرور الجولات فيما يخص الالتزامات المالية .. ويحدث أن التصريحات طوال الأسبوع في عديد الأندية ترتكز على الجانب المالي من لاعبين ومسيرين وحتى المدربين .. ويغيب التحليل الفني ومحطات التنظيم.
وكان من الأجدر حسب أغلب الملاحظين أن يتم اعتماد الاحتراف في عدد قليل من الأندية والسير بخطى ثابتة نحو الرفع التدريجي لهذا العدد للتحكم أكثر في الأمور التنظيمية وإعطائها الوسائل الضرورية للنجاح .. أو اعتماد نظام نصف محترف لتخفيف الأعباء.
قضية كافالي تزيد من مصاعب «الحمراوة»
وستكون لقرار الفاف الموسم القادم بتقليص عدد الأندية المحترفة إلى 18 فقط نتائج جيدة، كون الأندية التي ستلعب في القسم السفلي لن تكون محترفة، الأمر الذي سيعطيها «أريحية» أكبر من حيث ثقل الأعباء المالية.
فالتسيير لم يعرف نقلة نوعية على مستوى الأندية، الأمر الذي جعل كل هذه النقائص تظهر للعيان بشكل كبير .. والمثال موجود لدى فريق مولودية وهران حاليا الذي «يصارع» من أجل إيجاد الحلول المالية لتزيد الأمور تعقيدا بظهور مشكل المدرب كافالي الذي يطالب بأمواله التي وصلت إلى مليار سنتيم .. وفي حالة عدم تسديدها قد يتعرض الفريق لعقوبات من طرف الفيفا.
والكل يتذكر مشكلة فريق اتحاد بلعباس في الماضي القريب الذي عوقب بخصم 6 نقاط من رصيده ودخل في مشاكل كبيرة .. لذلك فإن غياب الرؤية السليمة والتخطيط المناسب يؤدي إلى ظهور مثل هذه القضايا في أروقة الفيفا.
لذلك أصبح من الضروري الاعتماد على تقليص الثغرات التنظيمية ومراقبة أفضل لتسيير الأندية، حيث أن المديرية التي أنشئت على مستوى الفاف لديها عمل كبير لإيجاد الحلول، خاصة وأننا في كل موسم نعيش مشكل عدم تأهيل الللاعبين لدى الأندية التي لم تقدم مستحقات لاعبيها في المواسم الماضية.
وبالمقابل، فإن أمور عديدة تغيّرت نحو الأحسن ضمن بعض الأندية التي تسير في رواق تنظيمي مناسب بامكانيات معتبرة، على غرار شباب بلوزداد الذي وفّق مع شركة مادار التي اعتمدت على تسيير احترافي على كل المستويات .. كما أن اتحاد العاصمة وبعد أن عرف قدوم شركة سيربور «تنفس الصعداء» وخرج من المعاناة التي عاشها الفريق منذ فترة طويلة.
كما أن العديد من العارفين لخبايا الكرة الجزائرية يتفقون على أن فريق شبيبة الساورة يعتبر من بين أحسن الأندية من ناحية التسيير الإداري والمالي بطريقة احترافية دقيقة .. مما جعل الفريق في استقرار مميّز .. والأمور تتحسن من موسم لآخر من الناحية الفنية حتى أن الشبيبة وصلت إلى دور المجموعات في رابطة الأندية الإفريقية.