رؤية استشرافية للنهوض بالرياضة

الخصوصية الجزائرية شرط الاقلاع والتطور

فنيدس بن بلة

ببساطته المعهودة المرافقة بتحليل معمّق لرؤية استشرافية بعيدة الأمد، تحدّث اللاعب الدولي السابق رابح ماجر عن المشهد الرياضي ما له وما عليه، مقدما مقاربة النهوض والاقلاع اعتمادا على الخصوصية الجزائرية أولا وابدأ.
وقال ماجر من منبر “ضيف الشعب” متوقّفا عند الثابت والمتغير في المشهد الرياضي، أنّه لابد من تدابير عاجلة لمراجعة الأشياء وتصحيح الاختلال بروح جماعية، وتقاسم وظيفي بعيد  عن العقلية “أنأ الكل في الكل” وقاعدة “أنا وحدي أملكُ الحلول”.
«لابد من مراجعة الأمور وإعادة التوازن للمعادلة الرياضية المختلة من زمان التي تعطي الإجابة المقنعة الشافية عن السؤال المحير: لماذا عدم تخرّج نجوم كبار في مختلف المجالات الرياضية مثلما دأبنا عليه في حقب مضت؟ لم نعد نرى تتويجات رياضية في أعلى المستويات ممّا يترجم وضعية الرياضة الجزائرية التي فقدت بريقها وتفرض وقفة تأمل ومراجعة للعودة إلى الواجهة”، هكذا ظل نجم الفريق الوطني للثمانينات يردّد بحرارة وغيرة رافضة الاستسلام للإحباط واليأس، واعتبار المسألة قدرا محتوما.
عكس هذا، يرى ماجر أنّ التعثر المسجّل في أكثر من مجال يتّخذ محطة انطلاق جادة يؤخذ من خلالها نقط الضعف وعلاج أسباب الفتور بتأن ومقاربة واقعية تراعي تراكمات المشاكل والرواسب بالمحيط دون القفز عليها، والاكتفاء بالأمور الترقيعية التي لا تعدو أن تكون سوى مسكّنات.
«لابد من جدية في معالجة الوضع المختل الذي طال ويولّد أشبه بأزمة نخشى أن تدوم لفترات لاحقة إذا لم تتّخذ الإجراءات الجذرية، وإعادة أمور الرياضة إلى سابق عهدها من التألق والتتويج..المسألة ممكنة التحقيق بأخذ في الحسبان الخصوصية الجزائرية والقوالب التي صنعت مجد الوطن، وأعْلَت شأن رياضته في كل الأوقات بعيدا عن استيراد نماذج الغير ووصفاتهم”. شدّد ماجر على هذا الطرح مرافعا الاعتماد على التجربة الجزائرية في النهوض بالرياضة وإسناد مهمة الإصلاح إلى أصحابها للعمل بالروح الجماعية وتقاسم وظيفي تجعل كل طرف شريك في المعادلة مكمّلا للآخر.
المسألة قابلة التجسيد بتوفر الإرادة السياسية، يترجمها المرسوم المشدّد على اللجنة الوطنية الرياضية للمستوى العالي الذي يترأّسها رابح ماجر من أجل انتقاء المواهب والكفاءات التي يعول عليها في العودة إلى التتويجات السابقة، واحتلال المواقع المتقدمة في عصبة الأمم دون البقاء في الأسفل رغم الامكانات المتوفرة.
المسألة قابلة للتجسيد بالعودة إلى القاعدة، إلى التكوين الأساسي لا سيما بكرة الكرة حيث تتولى الأندية هذه المسألة، وتسند إليها المهمة مثلما كان الحال أيام زمان، حيث تخرّجت كفاءات رياضية وبلغت أعلى المستويات دون القفز على المراحل.
يكفي رصد مسار الرياضة الجزائرية في مختلف الأطوار لرؤية هذه الحقيقة السّاطعة، ومعرفة دقيقة لكيفية صنع النجوم الجزائرية التي سيطرت على المشهد الرياضي القاري لسنوات، وتركت بصماتها في كل الأنشطة تخص الرياضات الجماعية والفردية. يكفي إلقاء نظرة تفحصية تقييمية للملاكمة، لسباق الدرجات، ألعاب القوى، السباحة، كرة القدم لإثبات ما نقول. بعد كل هذا هل يعقل تراجع التتويجات إلى هذه الدرجة والإمكانات متوفرة يحسد عليها.
المسألة إذن ليست في الامكانيات لكن في المقاربة المتّبعة التي تعتمد على القوالب الجاهزة، اللاعبين الموجودين انتقائهم من هنا وهناك دون تكليف النفس عناء التكوين القاعدي، واستغلال الموارد البشرية التي تتخرّج من المعاهد الرياضية ذات المستوى العالي في التأطير الرياضي، ومرافقة الأندية في هذه المعركة المصيرية بدل التخندق في الموقع الجامد والتراشق الكلامي، وتبادل التهم بشأن ضعف المستوى الرياضي وعدم تقديم اقتراحات وحلول.
تكوين رياضيين من درجة عالية يحتّم ــ حسب ماجر ــ اقتراحات حلول بديلة واقعية تعتمد على الخصوصية الجزائرية، والتجربة التي صنعت أمجاد الرياضة بدل الاعتماد على وصفات الآخرين التي نمت في تربة غير تربتنا، ولا تصلح بالضرورة لكل زمان ومكان.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024