أكّد السيد عمار محمدي، رئيس جمعية بانوراما للسينما والثقافة بباتنة على أهمية الكتابة التاريخية باعتبارها رافدا مهما في تفعيل وترقية الحركة الثقافية ببلادنا، خاصة ما تعلق بإحياء التراث الثقافي والمحافظة عليه عن طريق قراءة المصادر والوثائق التي كتبت عبر عدة مراحل من خلال العصور القديمة والوسطى والمعاصرة، ويرى ضيف جريدة «الشعب» الناشط الجمعوي عمار محمدي أن فترة الثورة التحريرية المظفرة مليئة بالشواهد التاريخية الثقافية التي تحتاج إلى إعادة إحياء وتوثيق لما لها من دور في توثيق مرحلة حاسمة في تاريخ الجزائر المعاصر، حيث ألح المتحدث على ضرورة رصد مراحل نشأة وتطور الكتابة التاريخية في الجزائر، والاهتمام بها من خلال رقمنتها وتدوينها وأرشفتها وتنظيم المزيد من الملتقيات والأيام الدراسية والندوات، والتي ينشطها المؤرخين والباحثين والطلبة الجامعيين وأطياف الحركة الجمعوية.
أوضح محمدي أن تكريم الشخصيات والأعلام في بلادنا والذين قاموا بكتابات ودراسات حول الكتابة التاريخية أمر مهم للإشادة بمساهمتهم في صناعة تاريخ وثقافة الجزائر. ويرى المتحدث أن برمجة مواضيع ودراسات تاريخية في مختلف المناسبات أمر هام وضروري للحفاظ على الذاكرة الثقافية للجزائريين، فالتاريخ هو مرآة الشعوب وذاكرته، كما أكد محمدي بأن المتتبع حاليا للساحة الثقافية الوطنية والمحلية يلاحظ بأن هناك زخما ثقافيا متنوعا هو نتاج البحث والدارسات التاريخية، والتي تقام هنا وهناك مستدلا بالدور الفعال الذي تقوم به عدة جمعيات تاريخية وثقافية في عدة ولايات على غرار بسكرة وباتنة وسطيف وقالمة ومعسكر وتلمسان ووهران، حيث نلاحظ حركية كبيرة في تنظيم الملتقيات والندوات التي تبرز الكتابة التاريخية الوطنية عبر العصور لاسيما خلال الفترة النـوميـديـة ومقامته للاستعمار الروماني والبيزنطي وخلال فترة الفتوحات الإسلامية على غرار فتح الأندلس والتصدي للمحتلين الأوربيين خلال فترة الحكم العثماني، كما أكد بأن الدولة قد اتخذت قرارات شجاعة مؤخرا من خلال تثمين الحق في الثقافة وترسيم الامازيغية وكذلك كتابة تاريخ الحركة الوطنية وتمجيد بطولات الثورة التحريرية، وهي كلها قرارات حكيمة وشجاعة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورعايته لمختلف التظاهرات والمواعيد الثقافية الكبرى على غرار الجزائر عاصمة الثقافة العربية وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وكذلك فتح مكتبة على مستوى كل بلدية وتدعيم طبع الكتاب وإنتاج عدة أعمال سينمائية كبرى تمجد التاريخ الوطني، كما شدّد محمدي على ضرورة الارتباط الوثيق بين الكتابة التاريخية والإنتاج الثقافي لأنها تشكل احد أهم روافد الثقافة الوطنية الشاملة.
فتح المؤسّسات أمام المبدعين الشباب من شأنه ضمان الاستمرارية
ويضيف السيد محمدي عمار أن الكتابة التاريخية تشمل جميع الجوانب الفلسفية وحياة الشعوب الاجتماعية والسياسية والاجتماعية والحضارية والبشرية والاقتصادية والثقافية، فنجد في كل الوثائق التاريخية معلومات عن الدول والأقاليم وسير الأفراد والحكام والعلماء والكتاب والمثقفين، فلابد من تفعيل الكتابة التاريخية لأنها هي التي تساهم في الحركة الثقافية والفنية كالكتابة والمسرح والسينما، وذلك من خلال فتح المؤسسات الثقافية أمام الشباب والمبدعين وتشجيع الاستثمار الثقافي للاستفادة من هذا الزخم التاريخي الوطني المتراكم عبر العصور للمساهمة في الإقلاع الثقافي والفني الوطني.
وفي الأخير، استعرض المتحدث نشاط جمعية بانوراما للسينما والثقافة بالمساهمة في تحضير وتنشيط فعاليات الملتقى الوطني الأول حول البعد الوطني لثورة الاوراس 1916 بالتنسيق مع جمعية ثورة 1916 ومخبر الأمن الإنساني بجامعة باتنة من خلال جمع المادة الأرشيفية ودراستها، وإصدار كتاب يتناول هذه المحطة المساهمة في تاريخ المقاومة الوطنية،مؤكدا أن الجمعية ستنظّم المزيد من التظاهرات ذات الصلة بالكتابة التاريخية بالتنسيق مع مخابر التاريخ وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية بمختلف جامعات الوطن، وهذا لتفعيل البعد الثقافي الوطني وصولا إلى مشروع ثقافي وحضاري وطني يؤدي إلى نهضة ثقافية وفكرية وفنية وطنية.