نظمت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية محمد التيجاني بورقلة في إطار مشروع رقمنة الأنشطة الثقافية وضمن فعاليات إحياء شهر التراث عبر تقنية البث المباشر عبر صفحتها على موقع فيسبوك عدة مداخلات لأساتذة وباحثين ومهتمين بالتراث الثقافي المادي واللامادي. مبادرة كان لها الفضل في توسيع دائرة التعريف بموروث المنطقة إلى اكبر عدد من المواطنين.
انطلقت سلسلة المداخلات التي أعدتها ذات الهيئة الثقافية لضمان تفعيل النشاط الثقافي عبر الفضاء الافتراضي من مداخلة للدكتور عبد الحق بالنور حول التراث في ظل تحديات العصر ومن المداخلات التي بثت لجمهور المتابعين كانت مداخلة للباحث ورئيس جمعية المعصومة للإعلام بابزيز مصطفى بمشاركة الأستاذ بلخير التقرتي وهو باحث وكاتب في التاريخ وتمحورت هذه المداخلة حول المسار الذي اتخذته الجمعية بهدف إعادة بعث الحرف والصناعات التقليدية بقصر ورقلة العتيق، حيث قال الأستاذ مصطفى بابزيز أن جمعية المعصومة للإعلام وهي جمعية تهتم بالتراث الثقافي والحفاظ على الذاكرة الجماعية للأجيال كانت مهمتها ثقيلة في هذا الميدان لذلك ركزت وباعتبار الأهمية الكبيرة لدور المرأة في الحفاظ على الموروث الثقافي على أهمية ترقية وإبراز دور المرأة الماكثة في البيت في التنمية الاجتماعية بهدف إعادة إحياء الحرف التقليدية النسوية.
وذكر المتحدث أن مشروع الجمعية الذي تم الشروع فيه شهر أفريل من سنة 2019، وتضمن حملة تحسيسية لإعادة بعث وإحياء الحرف التقليدية وخاصة الخياطة التقليدية وفن السعف وفن الترميل وفن النسيج الذي يعد من بين أهم موروثات الصناعة التقليدية، حيث لا يكاد يخلو بيت في القصر من المنسوجات التقليدية في الماضي إلا أن الكثير من العوامل أدت إلى عزوف المرأة عن مزاولة هذا النشاط.
وقد كان التركيز على هذا المشروع كما أوضح انطلاقا من قراءة لواقع المرأة الجزائرية بصفة عامة والمرأة في قصر ورقلة تحديدا والمتمثل في عزوف كثير من النساء اليوم عن الصناعات التقليدية والحرف وجهلهم بالنصوص والتشريعات القانونية المتعلقة بهذا النشاط وكذا صعوبة التمويل بالمواد الأولية وعدم توفر أسواق وواجهات اقتصادية لتسويق هذا المنتوج مما أدى إلى تدهور هذه الصناعة وزيادة نسبة البطالة بالنسبة للحرفيين في ظل غياب تحفيزات داعمة لاستمرارية هذه الحرف وذلك عبر مراحل، تمثلت المرحلة الأولى منه في التحسيس بأهمية هذا النشاط وضرورة دعم استمراريته، أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة التكوين التي انطلقت بإحدى مراكز التكوين، حيث يتم تكوين أزيد من 100 امرأة في مختلف الحرف التقليدية ومن أهداف هذا المشروع تفعيل وتنشيط هذا الميدان وتكوين مجموعة من النماذج الناجحة للأسر المنتجة ومنه تنمية الأعمال المنزلية واليدوية ومن ثمة الانتقال بالمشروع إلى الجانب التسويقي للحرف التقليدية المحلية وكذلك المحافظة على الذاكرة والهوية الثقافية خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن الذي أصبح يفرض علينا التفكير جديا في العودة إلى مصادر الدخل التقليدية لدعم الاقتصاد الوطني والحفاظ على هذا الموروث من جهة أخرى.
من جانبه تحدث الأستاذ بلخير التقرتي عن أنواع الزربية ومنها زربية سدراتة ، زربية الصيد وزربية جبل عمور وزربية الزجاجات، زربية المسجد وهي كل أنواعها نسجت بأيادي نساء ورقليات وتنسج في بيوت القصر كما أشار إلى أن أبرز ما يحول أمام النساء الراغبات في الاستمرار أو حتى دخول هذا المجال هو الإطار القانوني وتبسيط المفاهيم القانونية وطرق التعامل مع المؤسسات التي تهتم بهذا المجال داعيا إلى تصنيف التراث تصنيفا قانونيا أكاديميا وتصنيف الزربية الورقلية ضمن التراث المحلي، حيث تعد هذه النقطة الشغل الشاغل لجمعية المعصومة للإعلام وغيرها من الجمعيات المهتمة بالتراث.
ويذكر أنه وفي تدخل لمدير الثقافة مختار قرميدة تطرق المتحدث إلى فعاليات شهر التراث 2020 في ظل الظروف الصحية التي تمر بها البلاد والتي كانت تطبيقا لشعار «ابقى في دارك والتراث ضيفك» ضمن البرنامج الذي شرعت فيه وزارة الثقافة بالتواصل مع خبراء في مجال التراث العالمي قصد تنوير الرأي العام حيث تضمن البرنامج المسطر خلال هذه الفعاليات حسبما ذكر والذي انطلقت فعالياته على مستوى دار الثقافة تنظيم معرض افتراضي يعرف بكل المكنونات الحرفية والتقليدية التي تتميز بها ولاية ورقلة وبث لإلقاء شعري لبعض الشعراء في مجال التراث بالإضافة إلى مداخلات حول آليات إعادة الاعتبار للممتلكات الثقافية وذلك بالتواصل مع مختصين في مجال التراث اللامادي وقراءات تم تسطيرها في هذا المجال وتتعلق بإعادة الاعتبار لكل الحرف التقليدية لاسيما في مجال النسيج والصناعة الفخارية من تقديم مختصين في هذا المجال وبالتزامن مع إحياء شهر التراث في شهر رمضان الفضيل فقد تم أيضا برمجة مسابقات دينية كما تم الانطلاق في عملية تسجيل بعض المدائح الدينية والأناشيد لفرق معروفة على مستوى ولاية ورقلة وهي جهود ينتظر -كما أضاف- أن تكون انطلاقة في مجال المشروع الواسع الذي باشرته وزارة الثقافة والمتعلق برقمنة التراث الثقافي الذي من شأنه أن يعرف الجمهور المتواجد بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي أينما كان بمكنونات وطننا في مجال التراث الثقافي وبما يكنزه من حرف وصناعات تقليدية وتراث مادي ولامادي.