الكاتب والروائي محمد ساري :

التكلفة الباهظة وضعف الترويج والتثمين أهم عوائق ترجمة الأدب الجزائري

تيبازة: علي ملزي

هي أسباب متشعبة تلك التي تقف وراء ضعف مشاريع ترجمة الأدب الجزائري الى اللغات الأخرى، إلا أنّ أهمها يكمن أساس في الضعف الرهيب لظاهرة الترويج للكتاب بالدرجة الأولى إضافة الى تكلفة عملية الترجمة في حدّ ذاتها وفقا لتصوّر الكاتب والروائي محمد ساري.

بالرغم من مساهمته الفعالة في إثراء محتوى الأدب الجزائري بمختلف أطيافه من خلال تدريسه لمادة النقد الأدبي ونظرية الأدب بقسم اللغة العربية لجامعة الجزائر وقبلها بجامعة تيزيوزو ومشاركته في العديد من الملتقيات الوطنية والعالمية المرتبطة بالأدب وعديد لجان التحكيم الخاصة بالجوائز الأدبية وتأليفه للعديد من الكتب من بينها 6 كتب في النقد الأدبي و8 روايات باللغة العربية، إضافة إلى 8 روايات أخرى باللغة الفرنسية وترجمة 25 كتابا في مختلف الطبوع من الفرنسية الى العربية، الا أنّ الكاتب والروائي محمد ساري يبقى متشائما الى حدّ بعيد من واقع ترجمة الأدب الجزائري الى اللغات الأجنبية لأسباب متشعبة لا يدركها الا أهل الاختصاص.
ولأنّ الترجمة تقتضي شراء حقوق التأليف للمرة الثانية ودفع مستحقات المترجم، فإنّ سعر الكتاب المترجم بالسوق يتضاعف ويتجاوز حدود قدرات الناشرين مثلما يصبح بعيدا كلّ البعد عن القدرة الشرائية للقراء، خاصة إذا لم ترافق عملية الترجمة عملية تثمين واشهار كبيرة تليق بمحتوى الكتاب وترفع من قيمته، ويؤكّد الكاتب محمد ساري بهذا الشأن على أنّ الصحافة عندنا ممثلة في مختلف وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية لا تعير اهتماما معقولا للكتاب ولا تساهم اطلاقا في تثمينه، حتى أنّ مجلة الثقافة التي كانت تصدرها الوزارة الوصية على الشؤون الثقافية توقفت عن الصدور لتنعدم في الواقع مختلف النشريات والقنوات المهتمة بالكتاب، وتساءل محمد ساري عن امكانية اهتمام الغير بالكتاب الجزائري من خلال السعي لترجمته الى لغات أخرى إذا كانت الصحافة المحلية أدارت له ظهرها.
وفي السياق ذاته، إعتبر الروائي محمد ساري ما حصل لرواية عمارة يعقوبيان المصرية التي صدرت منها 10 طبعات خلال سنة واحدة وتمّت بعدها ترجمتها الى عدّة لغات أخرى نموذجا حيا يجب أن يقتدى به من حيث الحملة الترويجية الواسعة التي أستغلّت فيها مختلف وسائل الاعلام لفائدة ذات الرواية التي طرقت أبواب العالمية بكل جدارة واستحقاق، الأمر الذي لا ينطبق على الواقع الجزائري للأسف الشديد بحيث ظهر ذلك جليا خلال الطبعة الأخيرة للمعرض الدولي للكتاب حين إكتفت الصحافة الناطقة بالعربية بتعاليق محدودة عن الكتاب الجزائري على عكس الصحافة المفرنسة التي أعطت قدرا أكبر لتطور وتميّز الكتاب الجزائري، الا أنّ نظرتها اقتصرت فقط على الكتاب المعد باللغة الفرنسية دون غيره، ومن ثمّ فلا يزال الكتاب الجزائري المؤلف باللغة العربية ينتظر حقّه من الترويج والتثمين لإخراجه من بوتقته وجحره وتقديمه بأساليب راقية ومتحضرة للعالمية بمختلف اللغات.
وفي واقع الحال يشير الكاتب والروائي محمد ساري الى كون الكتب الجزائرية المترجمة الى اللغة الأقرب للجزائريين والمتمثلة في اللغة الفرنسية تبقى محدودة، جدا أما إذا تعلق الأمر باللغات الأخرى فلا يمكن الحديث عن أعمال ذات قيمة أدبية لافتة، وهي الملاحظة التي لا تنطبق اطلاقا على الكتب التي ألّفها الجزائريون بفرنسا والتي أتيحت لها عمليات ترجمة الى لغات أخرى وفي ظروف مختلفة، وتبقى الأسباب التي تحدّ من هذا المبادرات كثيرة ومتنوعة الا أنّ مجملها يصب في تكلفة الترجمة من جهة وعدم تثمين الكتاب من جهة أخرى، بحيث يندرج ضمن هذا الاطار مشروع ترجمة 4 روايات لياسمينة خضرة من طرف محدثنا الروائي محمد ساري ويتعلق الأمر بسنونوة كابول وخرفان المولى وأشباه الجحيم وفضل الليل على النهار، فتبيّن بأنّ الرواية العادية التي تسوق بمبلغ 1000دج مثلا يتحوّل سعرها الى 2000 دج وهي مترجمة، ولعلّ ما قام به رجل الدين مارسيل بوا من أعمال ترجمة تصبّ في هذا المنحى والتي تشمل ترجمة روايات لكل من الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة و4 روايات لواسيني لعرج وروايتين لابراهيم سعدي من الحالات النادرة التي تقتضي التوقف عندها بالنظر إلى قدرة هذا الرجل على صناعة التميّز بانفراده في ترجمة قدر محترم من الأدب الجزائري الى اللغة الفرنسية، الا أنّ ذلك لا ينفي وجود مبادرات فردية أخرى تعنى بترجمة كتب جزائرية الى الفرنسية ولكنها تبقى مرتبطة عادة بالمناسبات والفرص المتاحة—-

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024