يثير موضوع طبع الكتاب الجزائري في دور نشر أجنبية تقتنص الفرص ولا تعر اهتماما لحقوق المؤلف، وكتاب يسعون للبحث عن الشهرة المفقودة خارج حدود الوطن، ودور نشر وطنية تبحث عن التموقع وتقديم الأفضل، جدلا على الساحة الثقافية الوطنية في الوقت الراهن، وهذا في سوق تردت فيه نسبة المقروئية، وشح الإقبال على الكتاب أمام وسائل تكنولوجية بديلة صارت متنفسا لشريحة كبيرة من «المدمنين» عليها ومنافسا شرسا لـ «الكتاب»، الذي لازال ينام على رفوف المكتبات في انتظار صحوة لم تتضح معالمها حتى الآن.
هذه الإشكالية يتجاذب أطرافها بعض المؤيدين للفكرة والمتحفظين عليها، جريدة «الشعب» تحرّت الأجوبة عن علامات الاستفهام التي يطرحها هذا الملف لدى كل من الأديبة الشاعرة صليحة نعيجة ومدير دار «نوميديا» للنشر بقسنطينة عبد الفتاح رغيوة.
الشّاعرة صليحة نعيجة:
النّشر في الخارج فرصة للتّواصل مع قرّاء جدد في كل أرجاء المعمورة
«أراهن على القارئ الذكي، الوفي والمتتبّع لكل جديد» في مستهل حديثها قالت الأديبة والشاعرة صليحة نعيجة: «إن لجوء الكتاب للطبع خارج أوطانهم مع دور نشر عربية وأجنبية، ليس عيبا بل من أبجديات الطموح والانتشار لتفعيل المقروئية واقتفاء اثر النجاح كي لا يظل محبوسا بين رفوف مكتبات نادرا ما تقوم بالبيع والإشهار، والمساهمة في التعريف بالكاتب لدى قرائه..نحن نصطدم أحيانا بقارئ يعرف كاتبه جيدا من عمل واحد، وقد لا يعرف كاتبا آخر بحوزته عشرات المؤلفات إن لم نقل المئات...هناك كاتب يحسن التسويق لنفسه واسمه وعمله باختيار الدور المناسبة التي تؤمن بالفكرة الواعدة، فتساعده على اقتناص كل قارئ ذكي ليظل وفيا للدار والكاتب والجديد كل موسم أدبي..».
وتضيف قائلة: «..أنا أراهن على هذا القارئ الذكي ولكنه مهمل من قبل دور كثيرة...هته الأخيرة التي ترى في الكاتب مجرد عنوان وفاتورة دفع ورقم إيداع ونجم الجناح عند كل موسم أدبي، وحتى الترويج للبيع بالتوقيع لا يعد سوى جزءاً من ديكور تلك الدور لنفاذ السلعة بعدما تعب ذلك الناشر في البحث عن أسماء قوية قد تساعد على ديمومة وسمعة عروضها لكاتب يظل يحلم بقارئ يفهمه سريعا». قارئ، تقول الشاعرة «غير جاحد يجيد جس نبض انفعاله ويربت على كتف قلبه بمحبة نادرة...قارئ يتفهم بمحبة ويتلقف جديدة مهما كلفه الثمن..لكن للأسف دور النشر لا تقوم بهاته المهمة فيلجأ الكاتب الجزائري والعربي عموما إلى فضاءات أرحب بكثير ليوسع من رقع قرائه، فهم رأسماله وصدى أفكاره...قد يلجأ أيضا لترجمة أعماله لكل لغات الدنيا وذلك لنفس الأغراض، وهذا لا ينقص من قيمته في شيء بل بالعكس هو اجتهاد وجهاد وطموح مكلف لطاقاته وجيبه ووقته وعلى حساب حياته وعائلته، إلا أنه بإيمانه القوى بفكرته ووعيه برسالته قد يصل لمأربه بـ «التلاقح» مع ذلك القارئ بكل المعمورة من خلال دور عربية أو أجنبية معينة توفر له فرصا ذهبيه للاحتكاك بالقراء والإعلام والترويج القوي بالمجلات والجرائد والتلفزيون مع جلسات بيع بالتوقيع والتعارف على جنسيات أخرى قد تكون فرصته ليحلق عاليا، وتكون فرصته للسفر بعمله لكل العواصم الأدبية بطلب من قراء عجزوا عن السفر إليه فسافر إليهم واستفاد من مكابدات النشر وهو يقطف ثمار تعبه ويمسح أثر عرقه بمحبة عارمة...كل هذا وأكثر يقوم به أصحاب دور جزائرية مع عرب مقابل دعوات دورية لا تكل ولا تمل هي السبب في انتشار الكثيرين رغم ضحالة مستوى ما يقدمونه للقارئ الجزائري».