يرى الدكتور أحمد بقار الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قاصد مرباح ورقلة، أن لجوء الكثير من مبدعينا ومؤلفينا ومثقفينا من النخبة والأكاديميين إلى النشر خارج الوطن على الرغم من التوفر الهائل لدور النشر فيه يعود لاعتبارات كثيرة، ولكلٍّ أهدافه ودوافعه من ذلك.
من أهم الأسباب التي تدفع البعض لنشر إصداراتهم في دور نشر أجنبية هو السعي على الدفع بالفكر والإبداع الجزائري لغزو الساحة العربية والعالمية، والعمل من أجل صناعة أسماء خارج حدود الوطن.
كما يرى البعض من هؤلاء النخبة حسبما ذكر محدثنا أنّ «الحوافز والمشجعات على النشر وجودة الطبع التي توفرها الدور في الخارج هي أكثر جذبا، وقد لاحظوا ذلك عيانا عند من سبقهم في الطبع هناك، حيث يجد بعضهم أيضا أن دور الطبع العربية والعالمية تعمل على الترويج للكتاب ببيعه على نطاق واسع في معارض الكتاب الدولية، فيستسلمون لذلك ولو على حساب الأرباح التي يتلقونها والتي تكون في الأغلب الأعم متدنية، أو يتلقونها بتماطل».
«إن هناك من المبدعين من يلجأ إلى النشر في دور أجنبية وعربية نظرا لكون أغلب دور الطبع الجزائرية تفرض على المبدع عددا هائلا من النسخ لا يقل عن 500 نسخة هو في غنى عنها، وتطالبه هو بتولي عملية تسويقها، فيقع في ورطة عملية التاجر وهو لا يفقه ذلك، هل يتفرغ لعملية الكتابة والإبداع أم لمهمة أخرى لم يخلق من أجلها؛ هي عملية التسويق؟».
ويضيف محدثنا هنا قائلا: «أن حتى بعض الأساتذة الجامعيين يسعون للطبع خارج حدود الوطن من أجل الترقية العلمية؛ لأن التنقيط للترقية المتعلق بالطبع في الخارج أقوى من الطبع في الداخل، وهذا أمر آخر يعد دافعا للنشر في دور نشر أخرى دون دور النشر الجزائرية».
دور نشر وطنية لا يهمّها سوى الرّبح السّريع
ويبدو أن النقائص في دور الطبع الجزائرية أنّها «تبالغ في تكلفة الطبع بالإضافة إلى عدم تحمل عملية التسويق والترويج، فغدت تتعامل مع الإبداع وكأنه بضاعة تخضع لعملية الربح والخسارة فحسب، وهو ما أضحى يتطلب مراعاة للخط الرابط بين المبدع والناشر، وهو الخط البراغماتي رابح - رابح، ثم إقامة جلسات الترويج للمنتوج المطبوع من أجل تسويق أفضل لفكره وإبداعه، ثم اكتساب أرباح لدار الطبع».
وفي هذا الشأن أشار الدكتور أحمد بقار إلى أنه حتى إذا غفلت دور النشر عن هذا الواجب، فالأمر موكول لوزارة الثقافة ودورها المنتشرة في ربوع الوطن، وكذا الجمعيات الأكاديمية والثقافية الفاعلة في البلاد في الترويج لهذه الأعمال مثل (اتحاد الكتاب، الجاحظية، بيت الشعر الجزائري، المخابر الجامعية وغيرها من الهيئات)، حيث يجب على السفارات الجزائرية في الخارج أن تقوم بهذا الواجب في الترويج للفكر والإبداع والأدب الوطني وهذه مهمة نبيلة نجدها في أغلب سفارات البلدان الأخرى، فما الذي ينقصنا لهكذا فعل...؟.