يرافع الفنان التشكيلي المميز الشرف بن لعبيدي حول واقع هذا الفن في الجزائر وفي مدينة سوق أهراس، أين يعود بنا إلى العهد الذهبي لهذا الفن في الجزائر أين كان الذوق الإنساني أهم ما يطمح إليه أي فنان تشكيلي، بالرغم من قلة الإمكانيات آنذاك وقلة المواد الأولية التي يجسّدها الفنان في لوحاته، إلا أنه كانت هناك رغبة كبيرة في الارتقاء بهذا الفن الفريد، أيضا يقول الفنان بلعبيدي، يعد الجمهور الذواق لمختلف الفنون التشكيلية كلمة السر في تطور الفن التشكيلي، فلمن ترسم إذا لم يكن هناك جمهور يتابع ما تنجزه من لوحات.
يقول الفنان التشكيلي وصاحب رواق الفن في سوق أهراس، أن الفن التشكيلي في الجزائر تراجع للعديد من الأسباب التي ترتبط بالفن في حد ذاته وأيضا بالفنان، وكذا الظروف التي نعيشها، نحن نعيش في عصر الصورة الالكترونية بكل أنواعها، أو ما بات يعرف بالفنون الرقمية والتي باتت الحاضر الكبير من بين الفنون الأخرى التي كانت تعمل باليد، الفنون التي يتم التعامل معها بواسطة الحاسوب بشكل رقمي، كالصور المأخوذة بواسطة الماسح الضوئي أو الصور المرسومة بمساعدة تقنيات برامج الرسم الحديثة، والتي مثلت بعدا جديدا للفن بمساعدة الشبكة العنكبوتية الانترنت والمدعم بروابط تتقاطع بين الفنان والعمل الفني والمتلقي، حتى أمست اليوم لغة المخاطبة بين الناس ليتم إدخال البرمجيات الحديثة بلغة الأرقام للحاسب الآلي لمعالجاتها وتحويلها إلى تصاميم وتراكيب ذات طابع فني مميز يتسم بالاقتراب من الواقع ليظهر كما نشاهده اليوم وبأبعاد ثلاثية وحتى رباعية، حيث تتسم اللوحات الفنية الحاسوبية بحضور التقنية العالية وبتشكيلات تكوينية ذات صياغات إبداعية، تستخدم فيها عناصر مختلفة من الألوان والظل والضوء والكتل والفراغ، والتناظرات التكوينية للتعبير عن مختلف الأفكار بأسلوب إبداعي مميز.
وبالتالي بات الفنان اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يدخل العالم الرقمي، والذي كان في وقت قريب حكرا على التقنيين والمهتمين بالالكترونيات فقط، نحن نفتقد إلى لمسة الفنان في هاته الفنون الرقمية، يجب المزاوجة بين الفن التشكيلي التقليدي وإسقاطاته الرقمية، وهذا توجه حديث نحن في أمس الحاجة إلى ولوجه من بابه الواسع، لأن بعد الفنان التشكيلي الذي كان بالأمس يداعب الألوان بريشته يدويا، إلى مداعبتها الكترونيا من خلال الحاسوب بات أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى.
يضيف الفنان التشكيلي بلعبيدي أنّ الفن التشكيلي في وقتنا الحالي يحتاج إلى مساندة كبيرة من طرف وزارة الثقافة، يجب مسايرة التطورات الحاصلة في هذا القطاع من خلال تخصيص صالات للعروض لمختلف اللوحات التشكيلية، نحن نرى في أوروبا أحيانا القيمة الحقيقية للإبداع الإنساني أين تعرف اللوحات الفنية بملايين الدولارات، ويتم الاحتفاء والاهتمام البالغ بإبداع الفرد، لكن عندنا مازلنا بعيدين كل البعد عن تقييم فعلي حقيقي للانجازات الفنية التشكيلية، فكم من لوحات راقية جدا لا تزال حبيسة أدراج فنانيها، وهذا لا يمكن تفسيره سوى بالثقافة الفنية للمجتمع، والتي تمّ تغييبها بطريقة أو بأخرى.