أمنيات..اقتراحات.. ودعوة إلى نقد الذات

2019 في عيون المثقّفين

جمعها: أسامة إفراح

كيف ترى الثّقافة سنة 2019؟ تعددت الإجابات والسؤال واحد.. وزير الثقافة عز الدين ميهوبي تمناها سنة منتعشة ثقافيا، ودعا الجميع إلى المشاركة في رسم المشهد الثقافي..رشيد بوجدرة أرادها سنة المعجزة الأدبية، كأن يأتينا أحد الكتاب الجدد بنص يمتاز بالجودة..نور الدين شقران لخّص تجربته الطويلة جدا مع الفن التشكيلي، في حاجتنا هذه السنة إلى خلق مدرسة فنية جزائرية مغاربية أفريقية متناغمة مع الفن العالمي..حميدو مسعودي تفاءل حينما رأى مؤسسته قد باتت قادرة على تغطية احتياجات السوق..أمل بوشارب اسم على مسمّى، كلّها أمل في أن تثمر جهودها، وقد نذرت عامها هذا للترجمة ومدّ الجسور بين الثقافات..أما واسيني الأعرج فتحدث مطوّلا عن رؤاه وآماله، عن المسؤولية ومساءلة الذات، عن النقد والنقاش والحوار البنّاء، ولمّا كان هاجس الروائي يسكنه، فقد حضر خياله بمجرّد أن طُرح عليه السؤال، وقال ضاحكا: «لست أدري لماذا حينما سألتني عن 2019 تذكّرت رواية جورج أورويل»..

الوزير ميهوبي: نتمنّى حضورا أكبر للمجتمع المدني ونشجّع المبادرات والمشاريع الجديدة

في تصريحه لـ «الشعب»، أعرب وزير الثقافة عز الدين ميهوبي عن أمانيه في أن تكون 2019 أفضل من سابقتها ثقافيا: «نريد أن ينتعش العمل الثقافي بصورة أكبر وأن يكون هناك حضور للمؤسسات الثقافية ككل، وأن تظهر مشاريع ثقافية جديدة من قِبل الجمعيات الثقافية، التعاونيات الثقافية، المجتمع المدني، والأفراد..نريد أن تكون هناك مبادرات أكثر لأننا لا نريد أن يُنظر دائما إلى الثقافة على أنها منتوج مؤسسات رسمية».
وأضاف الوزير في هذا السياق: «نريد من المجتمع المدني أن يساهم أيضا ونحن ندعم كل ما يأتي من مبادرات ومشاريع جادة من أي جهة كانت..لقد بدأنا نلمس هذا خاصة من الجزائر العميقة حيث تأتينا بعض المبادرات..نريد مشاريع في المسرح، في الفنون التشكيلية، في التراث، في السينما، في مختلف المجالات، ويمكن لنا أن نرافقها طبعا بعد أن تمرّ على القنوات الأساسية المختصة».
سألنا وزير الثقافة عن عودة مهرجانات ثقافية إلى الواجهة هذه السنة، ما من شأنه أن يدعم أكثر المشهد الثقافي، فأجاب قائلا إن عودة بعض المهرجانات إلى الواجهة راجع إلى وجود مهرجانات تنظم كل سنتين، «ونحن نشرع الآن في تطبيق ما كنا قد أعلنا عنه، وهو أنه ليس شرطا أن يكون المهرجان سنويا..وبالتالي نعيد ونؤجل بعض المهرجانات وهكذا يكون هناك تحكم نسبي في الجانب المالي، مع مرافقة لعملية الإنفاق، وأنا أشدّد على أن يكون هذا الإنفاق فقط في جوهر موضوع الفعالية الثقافية».

بوجدرة: أتمنى جيلا عبقريا يهبط علينا من السماء

سألنا الأديب رشيد بوجدرة عن رؤيته للمشهد الأدبي لهذه السنة الجديدة، فأجاب بطريقته المباشرة المعتادة: «أتمنى جيلا عبقريا كبيرا ينزل علينا من السماء، أن يخرج علينا واحد من هؤلاء الشباب الذين يكتبون، أو ممن لم يكتبوا بعد، ويأتي بمستوى عالٍ ونصّ يمتاز بالجودة».
وكان بوجدرة قد عبّر في مناسبات سابقة، كان آخرها خلال استضافته بمعرض الكتاب الدولي، عن عدم رضاه عن أغلب نصوص الأقلام الجديدة، وجدّد لنا صاحب «الحلزون العنيد» موقفه هذا: «لست راضيا بالطبع، ولكن هنالك أشياء موجودة..نريد الكمال رغم أنه مستحيل».
وعن إمكانية أن يكون في صدد العمل على مشروع أدبي جديد، قال بوجدرة إنه دائما حامل للمشاريع الأدبية، والمشروع الأول الذي يتخمّر هو ما يصدر أولا.

واسيني الأعرج: الكتابة مسؤولية...  وأتمنى أن تكون 2019 سنة النّقد الذّاتي

ما الذي يجب فعله للنهوض بالأدب الجزائري في 2019؟ هو السؤال الذي طرحناه على الأديب والأكاديمي واسيني الأعرج، فأجاب عنه طارحا مجموعة من الأفكار والرؤى التي يتمنى تحققها هذه السنة. وقال مخاطبا الكتّاب: «يجب أن نؤمن بأن كتابة الرواية أو الأجناس الأدبية الأخرى هي مسؤولية، من حيث أنك لا تكتب لنفسك فقط بل أيضا للآخرين، فالذين يبرّرون جهدك هم القراء أيضا، لذلك فإن لك مسؤولية على الأقل أخلاقية، لذلك نقول إننا نتمنى في 2019 أن تتحول هذه المسألة إلى قناعة داخلية على الأقل عند الكتاب الذين ما زالوا يفتقدون إليها».
وعن الكتّاب الصاعدين قال: «أما بخصوص الكتاب الشباب فأنا أتمنى بصراحة أن يكون هنالك جهد أكثر في اتجاه إنتاج نصوص متميزة..سنة 2018 مثلا صدر ما يقارب 250 رواية وهو معدل «خطير» على مستويين، خطير لأنه ينبئ بوجود منتج كبير ولكن هل النقد في 2019 يستطيع أن يتابع كل هذا المنجز؟ أنا أتمنى في 2019 أن يأخذ النقد الـ 250 رواية ويشتغل عليها حقا ويطلعنا عليها كقراء، (أنا مثلا قرأت ربما 10 إلى 20 رواية ولكن لا أستطيع متابعة كل ما يصدر)، ولكن على النقاد والمتخصصين والفاعلين أن يقولوا لنا إن كان في هذه الـ 250 رواية التي صدرت شيء يستحق أن يذكر».
ويعود واسيني ويركّز على فكرة المسؤولية: «لهذا أقول دائما إن المسؤولية هي الأساس في مثل هذه القضايا، وعلى الكاتب سواء كان كبيرا، صغيرا، متوسطا، شابا، متمرسا، أن يحسّ بهذا الجانب ليس على أنه مسألة ثانية وإنما محدّدة (بكسر الدال) حتى بالنسبة إليه، بمعنى أن مستقبله ككاتب مرهون بالجهد الذي يمكن أن يبذله داخل هذا النص».
من الناحية السياسية والفكرية، يتمنى واسيني أن تكون 2019 سنة النقد الذاتي، كأن نسأل أنفسنا، على الصعيد السياسي مثلا، ما هي الأخطاء التي ارتكبت وكيف يمكن أن نصححها، وكيف يمكن أن نقفز بالبلد إلى الأمام، وأن تكون أيضا سنة النقد الذاتي بالنسبة لكل كاتب، ولكن أيضا بالنسبة للمنظومة الثقافية بكاملها، ويضمّن واسيني في «المنظومة» الوزارة الوصية وغير الوزارة، ويدعو إلى أن نبحث عن كيفية تمكننا من «أن نجعل من الفضاء الثقافي فضاءً سجاليا، كنت سأقول نقيا ولكن ذلك صعب لتداخل المصالح، ولكن ليكن على الأقل سجاليا نقاشيا ويقبل الناس بمقولة أنه لا شيء يتقدم إلى الأمام إلا بالنقاش والنقد».
ويعتبر واسيني الأعرج أننا جزء من منتظم عالمي نتأثر بما يجري داخله: «نحن داخل دائرة عالمية تتجاوزنا، ونحن في تجاذب معها. العالم يتغير، ونحن أيضا نتغير داخل هذه الدائرة وعلينا أن نقبل بهذا التغير، لذلك قلت إنه يجب أن يكون هنالك نقد ذاتي». ويتساءل واسيني: «ألا يمكن أن نجد الفضاء لمناقشة المعضلات الكبرى سواء كانت السياسية أو الثقافية أو الحضارية؟ كلما قمنا بذلك مبكرا كلما كانت لدينا مساحة للأمان».

أمل بوشارب: سأخصّص 2019 للتّرجمة... وأتمنى مشروعا  وطنيا جادّا في هذا الصّدد

تجمع الأديبة الشابة أمل بوشارب بين مشاريعها للسنة الجديدة، وآمالها وتصوراتها لما يجب القيام به على المستوى الثقافي، وحتى وإن كانت بعيدة عن التراب الجزائري، فهي تحافظ داخلها على ارتباطها ببلدها والتفكير في تمثيله أحسن تمثيل، ونقل تراثه وإبداعاته عن طريق الترجمة.
تقول أمل: «عن نفسي هذا العام، قرّرت تخصيص الكثير من الوقت للترجمة وفتح نوافذ أكثر ديناميكية بين ثقافتين أعيش بينهما، الجزائر وإيطاليا. فعدا عن أنّني أشرف على ورشة «حكايا من العالم» متعددة الثقافات والموجهة لليافعين في مكتبة «إيميليو سالغاري» البلدية بتورينو، حيث أعمل منذ عام على التعريف بالتراث العربي والإفريقي لرواد المكتبة الصغار منهم وحتى الكبار من خلال الترجمة، وقد اخترت هذه السنة إهداء رفوف هذه المكتبة الإيطالية نصا جزائريا مميزا ليوسف بعلوج «سأطير يوما» على أمل إدراجه قريبا في برنامج القراءات باللغتين العربية والإيطالية».
لكن سيكون لأمل مشاريع ترجمة من نوع آخر، عن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، في إطار عروض من دور نشر ومؤسسات عربية تقول أمل إنها كانت تؤجل دراستها دوما لانشغالها بالكتابة.
وفي هذا الإطار، أعربت صاحبة «سكرات نجمة» عن أمنيتها بإطلاق مشروع حكومي جاد يُعنى بالترجمة: «أتمنى أن يشهد هذا العام إطلاق مشروع حكومي جزائري جاد في هذا الصدد، لأنه من غير الممكن أن تبقى مؤسسة الثقافة الجزائرية بعيدة عن منظومة التبادل الثقافي بين الشعوب والتي تعتبر الترجمة قناتها الطبيعية، وذلك على الأقل حتى لا يبقى القارئ الجزائري محكوما بالتبعية لأجندات ترجمة قد لا تسد بالضرورة كل حاجاته الثقافية. ذلك أن خيارات دور النشر التي تصل أغلب الترجمات إلى الجزائر من خلالها، قد تغفل الكثير من الإصدارات التي تصبّ في صلب اهتمامات القارئ الجزائري أو تناسب أكثر ذائقته، ولكننا نبقى للأسف محرومين منها في ظل غياب مشروع ترجمة وطني فاعل يضع الجزائر على خارطة الترجمة العالمية».

حميدو مسعودي: عزّزنا قدراتنا الإنتاجية وسنبقى محافظين على الرّيادة

يستبشر حميدو مسعودي المدير العام للمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية خيرا بالسنة الجديدة، خاصة وأن «كل الدلائل في أواخر 2018 تبشّر بخير»، وبالأخص بالنسبة لمؤسسته: «لدينا دفتر الأعباء لا بأس به في السداسي الأول من 2019 خاصة في ميدان الكتاب المدرسي، وقد بدأنا محادثات مع دولتي موريتانيا وبوركينا فاسو حتى يكون لدينا عقود واتفاقيات لطبع الكتاب المدرسي في هذين البلدين، والباب مفتوح لكل الخواص والناشطين في الميدان، أبواب المؤسسة مفتوحة على مصراعيها..نأمل في سنة إيجابية، نحن دائما متفائلون والجزائر ستبقى دائما واقفة»، يقول مسعودي.
للتذكير فقد تدعّمت المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية «إيناغ» نهاية السنة المنقضية بعتاد جديد، وهو تكنولوجيا أمريكية للطباعة تتميز بسرعة إنتاجية كبيرة تصل 45 ألف ملزمة في الساعة، وهو ما من شأنه أن يعزز القدرات الإنتاجية للمؤسسة، التي ستبقى رائدة في هذا الميدان»، يقول مسعودي.

نور الدين شقران: لا وجود لسوق  فن عندنا.. وعلينا الانطلاق  من خصوصيتنا الثّقافية

ما الذي يجب فعله في 2019 في مجال الفنون التشكيلية؟ ينطلق نور الدين شقران، ابن مدرسة إيسياخم ومجموعة «أوشام»، ينطلق في إجابته عن هذا السؤال من نقطة سوق الفن التشكيلي، قائلا إنه تمّ الحديث عن هذه السوق ولكنها «غير موجودة» في واقع الأمر، «هناك من يعتقد أننا ننشئ سوقا للفن التشكيلي كما ننشئ سوقا للخضر والفواكه»، يقول شقران، ويواصل: «بالنسبة لي لا يوجد شيء بعد، نحن نريد أن نقوم بالأمور بسرعة، وقد سمعت البعض يقولون إننا سنفعل كما فعل الأوروبيون، هذا مجانب للصواب، إذا كانت هنالك المدارس الأوروبية المختلفة اليوم فهي ليست وليدة الصدفة، ولا يمكن أن نقارن أنفسنا بهذه التجارب. يجب علينا أن ننطلق من سياقنا الخاص بنا، يجب أن نمضي بروية وإذا كنا لا نمتلك المعرفة فيجب علينا اقتناؤها وشراؤها». وعبّر نور الدين شقران عن عدم رضاه على وضعية الفن التشكيلي، أكثر من ذلك، اعتبر بأننا، في هذا المجال، لم نبلغ حتى ما وصله الأوروبيون أو الآسيويون في القرون السابقة.
وبالعودة إلى السؤال حول ما يجب فعله في 2019، يعطي شقران الأولوية إلى «تدريس ما هو جزائري، مغاربي وأفريقي، وهذا لا يمنع من تدريس ما هو عالمي، ولكن يجب أن نعمل على خلق مدرسة انطلاقا مما نمتلك».
أما بخصوص إنجاز أي مشروع كان، فحينما «لا نعرف كيف ننجزه، لا عيب في ذلك، يجب شراء هذه المعرفة ممّن يمتلك التجربة، لا عقدة في ذلك، يكفي أن نطلب من الأجانب ونقول لهم: نريد أن ننشئ سوقا للفن، أعدّوا لنا دراسة، وهذا معمول به في المجالات الأخرى كالطب والنقل والفلاحة وهناك عقود مع الأجانب في مختلف القطاعات، فلماذا لا نخصّص مالا لمشروع مُحكم للفن؟».
ويرى شقران بأنّنا غير مجبرين على القيام بمشاريع مؤقتة وسريعة، فالديمومة حسبه هي الأساس. وأضاف بأنه لا يجب التركيز على الأمور السلبية فقط، «علينا أن نبحث عن الإيجابيات التي جاء بها كل مسؤول مرّ بقطاع الثقافة، وأن نشتغل على هذه الإيجابيات».

الأستاذ حسان بوغابة: التأكيد على العناية المتوازنة بالتراث بشقيه المادي واللامادي
يرى الأستاذ حسان بوغابة رئيس جمعية القصر للثقافة والإصلاح، أن واقع الاهتمام بالأنشطة الثقافية على المستوى المحلي بورقلة مازال في حاجة إلى تسليط الضوء وبشكل مكثف على نقاط القوة التي تشكّل زخم الذاكرة الثقافية، خاصة وأن الثقافة تعتبر الركيزة الأولى للسياحة هذا من حيث الاهتمام بالمعالم الثقافية والأثرية وما تزخر به منطقتنا من التراث المادي واللامادي. ومن جانب آخر تعد سبيلا للترويج السياحي بحكم أن الدولة الجزائرية وضعت السياحة من بين القطاعات الإستراتيجية التي ستكون مستقبلا بديل للذهب الأسود البترول.

ورقلة: إيمان كافي

من هذا المنطلق، يعتبر محدثنا أنه من الواجب الاهتمام بالتراث المادي وألا يقتصر النشاط الثقافي إلا على المهرجانات بمختلف أشكالها، مشيرا في هذا السياق إلى أن عدم الاهتمام بهذه المعالم الأثرية وخاصة المصنفة سيؤدي إلى اندثارها وتدهور وضعيتها أو مسحها من الوجود وهو وضع تشتكي منه عدة معالم مماثلة على غرار مجموعة القصور ورقلة، تماسين، أنقوسة وغيرها.
وعلى الرغم من ارتباط الحدث الثقافي في كثير من الأحيان بالمناسبات إلا أن هذا بالنسبة للأستاذ حسان بوغابة لا يمنع أن تكون هناك نظرة استشرافية لتخطيط وتجسيد مختلف المشاريع الثقافية بإشراك مختلف فعاليات المجتمع المدني، خاصة المهتمة بالمجال الثقافي لمناقشة مختلف المواضيع المتعلقة منها بإعادة الاعتبار للمعالم الثقافية المتعدّدة التي تزخر بها المنطقة وذلك من خلال تسطير برنامج واضح المعالم وممكن التجسيد على أرض الواقع مع توفير كل الإمكانيات المادية، خاصة أن هناك أفكار كثيرة لكنها لم تجد من يحتضنها في كيفية إعادة الاعتبار لهذه المعالم وسبل المحافظة على الموروث اللامادي كالحرف المختلفة والأكلات الشعبية.
بالنسبة لواقع النشاط الثقافي يقول محدثنا، إن هناك جانب طغى على الآخر، في حين أن النشاط الثقافي كان يجب أن يتماشى بشقيه المادي واللامادي وألا يقتصر إلا على الجانب الترفيهي وما اتصل به من نشاطات دون إعطاء الأهمية اللازمة للمحافظة الفعلية على التراث اللامادي في بلادنا، مؤكدا أن إخراج العمل الثقافي من الروتين التقليدي والاهتمام بكل أشكال الثقافة ومختلف النشاطات ذات الصلة بالعمل الثقافي لا يجب أن تقتصر إلا على الأنشطة الفلكلورية أو المعارض الموسمية، بل يجب أن يتوسّع من أجل فتح آفاق مختلف الفعاليات الثقافية وإعطاء بعض الجوانب حقها من الاهتمام والعناية.

الأستاذ محمد الأخضر السعداوي «  التواصل البناء ضروري من أجل صنع مشهد ثقافي حقيقي
لا شك أن العمل الثقافي في أي منطقة أو بلد هو رافد من روافد التنمية فيه، ذلك أن الاستثمار في المورد البشري الإنساني هو أهم استثمار على الإطلاق، ومن هنا تأتي أهمية وضع سياسات ثقافية كفيلة ببناء الإنسان الذي نريد مستقبلا والنشاط الثقافي في أي مدينة هو مرآة عاكسة لوعي أهلها ودرجة مواطنتهم يقول الأستاذ محمد الأخضر سعداوي، باحث في الأدب الجزائري ورئيس فرع اتحاد الكتاب الجزائريين بتقرت.
والمتأمل في الواقع الثقافي بولاية كبرى كورقلة لا يمكن إلا أن يعود حسيرا متألما مع الأسف يؤكد المتحدث، ذلك أن المشهد الثقافي السائد لا يعكس حجم الإمكانات الثقافية البشرية والمادية التي تزخر بها الولاية في شتى الفنون مقارنة بولايات أخرى في الوطن.
فباستثناء ما تقدمه مكتبة المطالعة الرئيسة من نشاط وما تنظمه بعض الجمعيات المتفرقة لا نكاد نجد أنشطة دورية تستقطب المبدعين والفنانين وتروي عطش الجمهور المهتم بهذا الشأن، كما أن قطاع الثقافة بالولاية ينبغي أن ينفتح على الجمعيات المحلية ويرافقها ويعمل معها على تجسيد مشاريعها.
بالنسبة للأستاذ محمد الأخضر السعداوي وهو متابع ومهتم بالشأن الثقافي المحلي والوطني، فإنه من المؤسف أن لا تتوفر ولاية كورقلة على مهرجان دوري في الموسيقى رغم غناها الموسيقي في مختلف الطبوع البدوية والعصرية ولا مهرجان دوري للمسرح رغم تاريخها العريق فيه ولا مهرجان للفنون الجميلة ولا للأدب بفروعه، حتى موعدها السنوي الوطني العريق عكاظية الشعر الملحون بات من الماضي منذ سنوات.
يقول صاحب مشروع مكتبة في كل مقهى بتقرت «نحن بحاجة إلى نقد ذاتي ومراجعة منهج العمل الثقافي ولمصارحة النفس الهياكل والبنايات لا تعني وجود زخم ثقافي وتنظيم بعض الأنشطة مع مركزتها في عاصمة الولاية لا يخدم المشهد الثقافي عموما»، ففي تقرت مثلا وهي مقاطعة إدارية لا نكاد نلمس حضورا فعليا لقطاع الثقافة، بعض الجمعيات هنا تحفر في الصخر بأظافر الصبر والعزيمة وتقدم إنجازات محترمة، ونضرب مثالا هنا بفرع اتحاد الكتاب الجزائريين الذي ينظم منذ سنوات أنشطة نوعية بإمكانات منعدمة منها ندوات أدبية عديدة وإطلاقه مشروع مكتبة في كل مقهى بالمدينة الذي تجاوز صداه حدود الوطن وغيّر وجه مقاهي المدينة وحولها إلى فضاءات للمثاقفة والإبداع، ومع ذلك يبقى حضور الدعم الرسمي مطلوبا خاصة في ظل غياب دار للثقافة وقاعات للنشاط والعروض وفضاء للمعارض في هذه المدينة، إلا أن تقرت حسبما ذكر، إذ اتخذت موقعا مشجعا بين المدن الحية ثقافيا بما قدمه مبدعون وناشطون مؤمنون بدورهم الرسالي مستمسكون بإرادة صلبة وصبر أمام العديد من العقبات التي يواجهونها يوميا.
واختتم الأستاذ محمد الأخضر سعداوي حديثه بالتأكيد على أن ولاية بحجم ورقلة بإمكانها تحقيق وثبة ثقافية رائدة إذا وقفت وقفة نقد ذاتي واستدركت ما فات من خلال التواصل الجدي مع الجمعيات الفاعلة والتعاون البناء لصنع مشهد ثقافي حقيقي.
 ورقلة: إيمان كافي

الفنان التشكيلي عبد الله بن عبد الكريم:
ضرورة دعم المثقفين مستقبلا لمواصلة الإبداع

إعتبر الفنان التشكيلي عبد الله بن عبد الكريم، أن الثقافة هي معيار تقدم الشعوب، لذالك كان لزاما على المجتمعات المتطوّرة أن تهتم بها لما لها من أهمية بالغة في إبراز هوية المجتمع.
يرى عبد الله بن عبد الكريم في تصريح لـ»الشعب» أن عاصمة الأهقار، واقع الحراك الثقافي يسير فيها على نحو بطيء، مرجعا السبب في ذلك للقائمين على قطاع الثقافة غير المهتمين جديا بالمثقفين، الذين بدورهم أصبحوا يرون لا جدوى من العمل والابداع في ظل مواصلة التهميش، وغياب الاهتمام لهذا المجال المهم والحيوي في حركة المجتمع، رغم وجود شباب طموح يسعى جاهدا لإثراء الساحة الثقافية في الولاية في مختلف روافد الثقافة وبرز ذالك خلال عام2018، على غرار تألق عدد من المثقفين في العديد من الفنون وبروزهم وطنيا، إلا أنهم لم يتم حتى تكريمهم بالشكل اللائق أو حتى تهنئتهم بالشكل الذي يستحقونه.
في نفس السياق، عبّر المتحدث عن أمله أن تكون سنة 2019، أكثر تميزا في المجال الثقافي، مطالبا الفاعلين في المجال الثقافي أن يقدّموا ما عندهم دون انتظار أي تثمين من المسؤولين وذالك بإنشاء جمعيات تجمع المثقفين للاحتكاك والتفاعل مع بعضهم البعض، وإيصال نشاطهم للمسؤولين، مشدّدا على ضرورة الإهتمام أكثر بالمثقف في هذه الولاية ووضعه في مكانه الصحيح، لأن المثقف هو واجهة المجتمع.

 
الكاتب المسرحي عبد الهادي دحدوح : جمعيات تبرز الثقافة في ظلّ غياب القطاع بتمنراست

أكد الكاتب المسرحي عبد الهادي دحدوح، أن عاصمة الأهقار النابضة بالابداع في كل الميادين من خلال شبابها المبدع وفنانيها وجمعياتها الثقافية المتميزين، سيئة الحظ في عدم الاشتغال الجاد على موروثها وإهماله إلى أن شارف معظمه على الاندثار، مرجعا في ذلك السبب إلى قطاع الثقافة باعتباره المسؤول بالدرجة الأولى على هذا الإشكال العويص والذي لزال يتفاقم يوما بعد يوم.
تطرّق عبد الهادي دحدوح في كلمته لـ»الشعب» أن السنة الجارية عرفت بروز العديد من المثقفين والمبدعين على العديد من الأصعدة، قابله في نفس الوقت غياب القطاع الوصي عن لعب دوره المنوط به، بل حتى لا يشارك مبدعيه في فعله الثقافي، ولا يدعمهم ولا يحتفي بإنجازاتهم، أو حتى مشاركتهم في بناء الوجه الحضاري لها كما يحدث في ولايات أخرى.
يضيف الكاتب المسرحي في سياق آخر، أن هذه الوضعية حسب رأيه ستبقى ملازمة للثقافة بعاصمة الأهقار في المستقبل إذا لم يتجنّد المسؤولين بإعادة بعث القطاع من جديد والاهتمام الجدي بالمثقفين والوقوف على إنشغالاتهم وكل ما من شأنه خدمة الثقافة بعاصمة الأهقار.

تمنراست: محمد الصالح بن حود 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024