انتهت سنة 2018 حاملة معها كل الأفراح والأقراح، والبهرجة في بهجتها وتراجيديتها، مضى العام في أيامه الـ 365، وهو يستقبل سنة جديدة.
يأمل الجميع في البليدة وفي مدن الجزائر العميقة أن تعود عليهم بالسرور من دون شرور، وعملية وحافلة بكل الوان النشاط والحركية الفعلية، فيها من أبي الفنون مسرحيات، ومن المهرجانات حفلات وسهرات، ومن المعارض وتبادل العادات والثقافات، ملتف وسعيد يفرح بتلك الالوان التي تناثرت وعبقت فضاء المشهد الفني والثقافي، وليس كما جرى عليه العام المنصرم، ضعف وتواضع في التمثيل والاداء، حتى أن نقادا وجهوا سهامهم وتساءلوا عن الغياب والخمول في رسم لوحة شاملة، ملونة بكل اصناف الثقافة والفن الراقي، في مدينة للورد موسومة، وعاصمة للمتيجة محقة وممنوحة.
مفرق الشّعر والشّعراء... عنوان كبير بأداء صغير
كان العام حافلا في نشاط ادبي ظهر ضعيفا إذا ما قيمناه في مقارنة لاعوام خلت وانصرمت، ولم يجر الحال مثلما كان عليه في سنوات سابقة، وبالرغم من ان البليدة حظيت بفرصة من معدن كريستالي ونفيس، واستطاعت أن تجمع شعراء من عواصم عربية، توافدوا اليها طيرانا
وبحرا وبرا، من لبنان والسودان، ومصر والعربية الشقيقة المغرب وتونس والاردن، ومن بلاد الرافدين العراق وما أدراك ما العراق، ومن منارة القدس الشريف وصومعته التاريخية من فلسطين، وجزائر الثورة وقبلة المجاهدين الشجعان، توافدوا في عدد قارب سلفا الـ 100 شاعر من الفطاحلة، تبارزوا وردوا في ابيات وقصائد الروح والامل، ولكن كل ذلك لم يشفع في أن تحظى تلك الأمسيات والصباحيات بالاقبال الهام والتغطية الكافية والدعاية المناسبة، بل مر التجمع الشعري والشاعري، وكأن لم يكن، ورأى بعض المهتمين بأن تنظيم مثل ذلك الاجتماع الادبي، لم يكن مختارا بنجاح في التوقيت، وكانه اقيم من أجل أن يقال أنه أقيم وفقط، وتم تقييم التنظيم من أنه فشل وبالكاد نجح، ليكون اولى حلقة في عقد الخيبة.
تظاهرات مناسباتية من يناير التّقليدي إلى نوفمبر الأحرار
أجمع بعض من التقتهم «الشعب» من أن المشهد الثقافي في العام 2018 فوت فرصة مهرجان «العروبي»، والذي كان يكون كل عام تقريبا لكنه اختفى هذه المرة، بمبرر أن فيه ضعفا في الجانب المادي، وليس فيه من الرغبة الكبيرة في أن يقام، وتم تأجيله وأرجاؤه الى العام الجديد، ولان الامر كان كذلك، فالتظاهرات التي سرت وعمت كانت بالكاد مناسباتية، بدءا باحتفالية « يناير»، اقامت جمعيات نشطة سهرات جميلة، لم تبخل فيها وقدمت وتفننت، وحاولت ارضاء الكل لتتواصل الاحتفاليات في عيد المرأة، ويوم الشهيد والفاتح من عيد العمال، ثم توالت ولم تنقطع في شهر رمضان، وتلونت فيه وتعددت، ثم توقفت وكادت تختفي.
ويجب الاشارة هنا الى أن بعض المجهودات ظهرت خلال عطلة تمدرس التلاميذ في الربيع، كما كانت في عطلة الصيف، وإن كانت قليلة خفيفة، ليحل يوم 5 جويلية عيد الاستقلال والشباب، ثم نوفمبر الثورة، واخيرا وقبل ايام تعددت نشاطات جمعوية في مواضيع حول التحسيس بالافات، وامسيات شعرية عادية كانت وكأن اصحابها نظموها من اجل ان تكون وفقط.
جمهور ينتقد.. ونخبة وفنّانون يتأسّفون
عام 2018 لم يكن حسب التطلعات للنخبة المثقفين وفنانين طامحين، انتقد فيه الكثير منهم ضعف المشهد الثقافي، وتساءلوا اين هي الامكانات والمنشآت التي تساعدهم في أن يفجروا مواهبهم، ويصورا ابداعاتهم في مشاهد مسرحية وسهرات فنية، وقال كثير منهم أنهم لم يجدوا حتى مكتبة أو ناديا بعاصمة الولاية يلتقون فيها لاجل تبادل الاراء، وتباحث المشاريع الفنية، بل اصبحت وجهاتهم لعقد جلسات عمل او التشاور حول المشاريع بالمقاهي والساحات العامة، وتأسف كثير من الشباب الطامح عن تغييب قاعات كانت بالامس منابر ومنارات بامتيازات في عرض الفن والمسرحيات، والامسيات والسهرات، مثل ما هو عليه الوضع بقاعة
«التوري» التاريخية، والتي اصبحت مقبرة بامتياز، وأطلالا توشحت بالغبار، وتسربت اليها مياه الامطار وسقطت وتهاوت منها وبها اجزاء من البناء التاريخي والخيبة الكبرى التي جعلت بعض الهاوين والمحترفين على السواء في الفن، يتوقفون عن الاداء والعطاء، أن السبب في ذلك على حسب الكثيرين منهم هي امكاناتهم المادية المحدودة، في ظل غياب الدعم المالي والتشجيع، وهم يتأسفون لذلك وأبدوا عن مخاوفهم من أن تكرر الحال، فهم الى الزوال والاستقالة من المشهد الثقافي لا محالة، لكنهم لا يتمنوه بل يأملون ويتفاءلون أن تكون السنة الجديدة كلها مسرّة وأفراح ونشاط بعده نشاط لا ينقطع.