«سيلا.. التحدي الأكبر»
عاشت الجزائر على مدار السنة انتعاشا ثقافيا متنوعا، على غرار المعارض الوطنية والدولية التي تسعى لتنظيمها، لتكون تقليدا سنويا راسخا، وقبلة للمثقفين والكتاب والمبدعين وحتى الهواة، ليس من الجزائر وفقط وإنما من خارج الوطن أيضا، لتكون بذلك أرض للثقافة والفنون وملتقى الأدباء والكتاب لتبادل الثقافات واكتساب الخبرات والمعارف ، وتوطيد العلاقات بين مختلف الدول المشاركة..
ويعدّ المعرض الدولي للكتاب الذي تحتضنه الجزائر واحد من أهم المواعيد الثقافية، حيث يعتبر تحديا يرفعه القائمون عليه كل سنة، لا سيما وأن الصالون أكد حضوره للمرة الـ23، محققا بذلك نجاحا على المستوى الوطني والدولي، وما الحضور الكبير الذي يشهده إلا دليل على المكانة التي بات يحتلها في نفوس القراء الجزائريين من جهة، ولدى دور النشر العربية والأجنبية المشاركة من جهة أخرى، والتي تساهم بدورها في إثراءه بمختلف الإصدارات واللقاءات الفكرية والثقافية المتنوعة.
ولا يمكن لأحد أن ينكر بأن صالون الكتاب يشهد نجاحا من سنة إلى أخرى، لا سيما وأن هذه السنة شهدت مشاركة أكثر من 1000 دار نشر من 49 دولة، وزيارة مويان الحائز على جائزة نوبل لعام 2012، وحسب ما جاء على لسان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، فإن حجم مبيعات المعرض الدولي للكتاب بالجزائر تقدر بـ5 ملايين دولار، ناهيك عن أن أهم ما ميز نجاح «سيلا» لسنة 2018، تسجيل أكثر من مليون و400 ألف زائر، والذين ساهموا في إحياء المشهد الثقافي الوطني.
حضور قوي للفن التاسع
من جهة أخرى، يلتزم منظمو المهرجان الدولي للشريط المرسوم على أن يكونوا في الموعد، لاكتساب ثقة جمهور ألف الوقوف كل سنة على إبدعات رسامين من مختلف جهات العالم، على اعتبار أن هذه التظاهرة تعرف بدورها مشاركة كبيرة لعديد الدول محققة نجاحا سنويا وإقبالا كبيرا لعشاق الشريط المرسوم، الذي احتفل بمرور 10 سنوات على تأسيسه، مسجلا في طبعته الـ11 مشاركة 17 بلدا، وأكثر من 100 فنان تتقدمهم الأمريكية «أليثا مارتينيز»، والإسباني «أنطونيو ألتاريبا أوردونيث»، والكندي «جولي روشرو».
ولا يقتصر المعرض على الرسومات فحسب، وإنما عرف بدوره تنظيم ندوات ولقاءات فكرية اجتماعية واقتصادية وثقافية من واقع المجتمع، على غرار الهجرة السرية وقضية اللاجئين والحروب التي تعيشها مختلف الدول العربية، كما أن المهرجان يعد ورشة مفتوحة لتكوين الهواة الراغبين في تعلم أبجديات وتقنيات الفن التاسع، وهو ما شهدته الدورة الأخيرة من خلال تنظيم ورشات تكوين في «المانجا»، مسجلا بذلك نجاحا على المستوى الثقافي.
الزخرفة، النحت والفن التشكيلي قيمة مضافة للثقافة الجزائرية
معارض أخرى وإن لم يكن لها حضور سنوي، إلا أن تنظيمها زاد للمشهد الثقافي في الجزائر مكانة لدى الجمهور الجزائري ومحبي الفنون، لا سيما المعرض التشكيلي الذي تمّ تنظيمه مع بداية السنة حول القصبة، مبرزا تاريخ المدينة خلال 03 قرون خلت، حيث أن ما مميزه هي اللوحات التي تفنن في إبداعها فنانون من خارج الوطن، على غرار فرنسا، سويسرا وانجلترا وفنانون جزائريون على رأسهم التشكيلي الكبير عمر راسم، ليكون هذا المعرض وقفة على تاريخ الجزائر العريق بعاداته وتقاليده.
إلى جانب الطبعة الأولى لتظاهرة «ربيع الفنون» التي ضمّت معرضا للفنون التشكيلية والنحت، بمشاركة 180 رساما ونحاتا، وزيارة سفراء ودبلوماسيين ورجال أعمال، والذين أشادوا بهذه التظاهرة وفنانيها المبدعين، معتبرين الجزائر من بين الدول القلائل التي تشهدا تطورا كبيرا في مجال الفن التشكيلي والرسم.
وقد أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على تحسين هذه التظاهرة مستقبلا وتوسيعها لتشمل فنونا أخرى، ناهيك عن مشاركة فنانين من خارج الوطن وتوفير فضاء مناسب لتبادل الخبرات فيما بينهم، كما ستمكن أيضا الجمهور الواسع من التعرف على مواهب جديدة في مجال الفنون التشكيلية والنحت.
جمهور في الموعد
كما كان للمهرجان الثقافي الدولي للخط والمنمنمات والزخرفة حضورا هذه السنة في طبعته العاشرة، بمشاركة فنانين وخطاطين من 12 دولة، حيث يشهد المهرجان حضورا قويا لجمهور يرغب في اكتشاف إبداعات فنانين من الجزائر وخارجها، كما لا يفوت مختلف اللقاءات التي يتمّ تنظيمها بهذه المناسبة حول تاريخ فن الخط العربي والمنمنمات والفنون التشكيلية من تنشيط فنانين ومختصين جزائريين وأجانب، ناهيك عن تنظيم ورشات لتعليم تقنيات الرسم.
وإن كان هناك بعض المعارض التي تخلفت عن موعدها لسبب أو لآخر، على غرار المعرض الدولي للأدب وكتاب الشباب «FELIV»، إلا أن المشهد الثقافي في الجزائر ينتعش سنة عن أخرى متخطيا كل الظروف، لتكون الجزائر ملتقى الأدباء والكتاب والفنانين من مختلف جهات العالم تجسيدا للتبادل الثقافي والفني..