في تحديده للمعطيات الاقتصادية الكلية أشار مبتول إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2014، الذي يعرض أمام المجلس الشعبي الوطني غدا الاثنين يراهن على تحقيق نسبة نمو إجمالية للناتج الداخلي الخام بـ4،5 بالمائة و5،4 بالمائة للقطاعات خارج المحروقات، ويتوقع المشروع تسجيل 50 مليار دولار واردات مقابل 57،4 مليار دولار صادرات من المحروقات. فيما يتوقع المشروع مداخيل لميزانية بـ2،218 4 مليار دينار ومصاريف تقدر بـ2 ، 592 7 مليار دينار منها 4،407 4 مليار مصاريف ميزانية التسيير بارتفاع نسبته 10،3 بالمائة مقارنة بسنة 2013. ولذلك من الضروري اللجوء إلى موارد صندوق ضبط الواردات لمواجهة العجز، علما أن هذا الصندوق يتوفر على 4،226 7 مليار دينار إلى حين نهاية السنة القادمة أي ما يعادل 39،7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، علما انه تم اعتماد معدل السعر المرجعي الضريبي بـ38 دولار للبرميل.
وضمن تحديد نفس المعطيات، فإن نسبة التضخم المحددة للتوقعات سنة 2014 تقدر بـ3،5 بالمائة وهو معدل يتطلب يقظة للتحكم فيه على الأقل لفترات طويلة.
وبالنسبة للتحويلات الاجتماعية أشار مبتول إلى أنها تقدر في ذات المشروع بخمس ميزانية الدولة يقدر بـ2، 603 1 مليار دينار أي بنسبة 8،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 14 سنة 2012 ، على أساس سعر مرجعي للعملة الوطنية بـ77دينار للدولار الواحد.
وعلى صعيد المعطيات الاقتصادية الجزئية، أشار الخبير إلى انه في إطار الحرص على تشجيع الاستثمار، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2014، يتضمن إلغاء الأحكام الخاصة المتعلقة بطرق منح الامتيازات لمشاريع الاستثمار التي يتعدى مبلغها 500 مليون دينار واقل من 1،5 مليار دينار. ويتضمن ذات المشروع تخفيفا لإجراءات الاعتماد للمشاريع الأجنبية المباشرة أو الاستثمارات بالشراكة بين الرأسمال الوطني ونظيره الأجنبي. فقد تمّ إلغاء شرط الخضوع للدراسة المسبقة من المجلس الوطني للاستثمار وهو الإجراء الذي لا يطبق إلا في حالة منح امتيازات أو يطلب من المشاريع الاستثمارية التي يدخل فيها أجانب.
وأبرز مبتول أنه في مجال الحرص على تشجيع الاستثمارات الأجنبية بمختلف الأشكال الضريبية والمالية مقابل أن تساهم تلك الاستثمارات في نقل المعرفة او التي تنتج سلعا ومواد بنسبة اندماج أكثر من 40 الى 50 بالمائة. فيما تم تمديد اجل إعلان حق الشفعة لوزارة الصناعة إلى ثلاثة أشهر بدل مدة شهر حاليا.
وتوقف الدكتور في تحليله عند قاعدة 49 / 51 التي أبقى عليها مشروع قانون المالية الذي يثير نقاشا حول أحكامه، وتخص هذه القاعدة النشاطات الإنتاجية والبنوك وتوسعت لتشمل أيضا التجارة الخارجية. ويحدد سقف امتلاك الرأسمال من جانب الوطنيين المقيمين بـ51 بالمائة وأكثر للنشاطات في إطار الشراكة الخاصة بالتجارة الخارجية، بينما كان بالنسبة لهذه النشاطات من غير الممكن ممارستها من أشخاص طبيعيين أو معنويين أجانب إلا في إطار الشراكة التي تكون فيها حصة المساهمة للوطنيين المقيمين تساوي أو اقل من 30 بالمائة من الرأسمال الاجتماعي.
وفي سياق آخر بنص المشروع على إلزام وكلاء السيارات ومستورديها بإقامة نشاط صناعي أو
في الخدمات أو أي نشاط آخر يرتبط مباشرة أو غير مباشرة بصناعة السيارات في اجل ثلاث سنوات. كما يحافظ المشروع على الإعفاء من الرسوم الجمركية والقيمة المضافة المطبقة على المنتجات والمواد الأولية لفرع الدواجن وكذا الإعفاء من القيمة المضافة للدجاج والبيض الموجه للاستهلاك إلى غاية تاريخ 31 اوت 2014.
اعتماد التكنولوجياوإدماج البعد البيئي في المشاريع
وفي قراءته بعين المتخصص لكافة هذه المعطيات الكلية والجزئية، توصل الدكتور مبتول إلى وضع جملة من الملاحظات بدأها بالإشارة إلى أن هذا القانون يقدم بعض التغييرات الأساسية مقارنة بسابقيه، ويبقى حاملا لأبعاد اجتماعية من خلال التحويلات الاجتماعية (22مليار دولار ) مرتكزا على الموارد المحصلة من صادرات المحروقات. وأشار إلى أهمية أن تكون هذه الموارد (الدعم المعمم)، الموجة للجبهة الاجتماعية أكثر نجاعة تفاديا للامساواة الاجتماعية وعدم الفعالية الاقتصادية والتبذير على حد تعبيره، وضرورة أن يتم إنشاء مقابل إنتاجي لها.
وفي ذات التقييم توقف عند توقعات نسبة النمو التي يجب حسبه أن تندرج في إطار الظرف الحقيقي للإبقاء على النفقات العمومية بمعنى اعتماد سعر برميل بين 100 و110 دولار في وقت يوجد فيه تناقض بين هذا القياس الذي قدمه
محافظ بنك الجزائر وتصريح وزير المالية الذي يعتمد 71 دولار. وحسب منظمة ‘’اوبيب’’ في تقريرها الصادر في جويلية 2013، تعتقد أن النفقات العمومية للجزائر ترتكز على سعر 125 دولار للبرميل سنة 2013، مقابل 115 لسنة 2012.
وأضاف انه في حالة انهيار أسعار البترول فان نسبة النمو المتوقعة تنكمش ويصعب بلوغها. وعبر عن أمله اعتماد المعدل السنوي لأسعار السوق وإيداع الفائض في صندوق خاص لا يتم التصرف فيه يخصص للأجيال، كما هو معمول به في النرويج، مضيفا أن التلاعب بسعر الدينار بتخفيض قيمته يضاعف بشكل اصطناعي صندوق الضبط والضريبة البترولية ومن ثمة حقيقة عجز الميزانية.
وفي ملاحظة ثالثة أشار إلى أن قيمة الواردات تستمر في قانون المالية هذا. وإذا تحافظ الجزائر على وتيرة الاستيراد للسداسي الأول من سنة 2013، فإن قيمة الواردات تصل إلى 60 مليار دولار بنهاية 2013، تضاف إليها 12 مليار دولار للخدمات، أي ما يعادل 72 مليار دولار نهاية 2012، زيادة إلى التحويلات القانونية لرؤوس أموال الشركات الأجنبية وتتراوح بين 4 الى 6 ملايير دولار. وفي هذه الحالة يوضح يتم اللجوء إلى الاحتياطي الخاص بالصرف والذي يناهز 190 مليار دولار منها 86 بالمائة مودعة بالخارج في وقت تراجعت نسبة الفائدة عليها من 3 بالمائة إلى 2 و2،5 بالمائة مما يثير مسألة مردوديتها.
وفي سياق تقديره لأحكام قانون المالية في ظل مروره للنقاش على مستوى البرلمان، يوضح ذات الخبير، أن قانون المالية ما هو سوى وثيقة محاسبية ولا يمكنه أن يقدم نظرة إستراتيجية للتنمية. وبرأيه فإن جوانب الضعف الذي تعاني منه الجزائر يتعلق بـ’’المناجمنت’’ والتخطيط الاستراتيجي يندرج فيها قانون المالية. ومن ثمة يضيف يوجد قانون واحد يصلح لكافة البلدان هو أن 80 بالمائة من النشاطات غير المحددة بدقة لها اثر بـ20 بالمائة، ولكن 20 بالمائة من النشاطات المحددة بدقة يكون لها اثر بـ 80 بالمائة على الفضاء الاقتصادي والاجتماعي. وخلص مبتول إلى أن ضرورة العمل للانتقال من اقتصاد يرتكز على المحروقات إلى اقتصاد خارجها يرتكز على الإنتاج باعتماد التكنولوجيات الجديدة وإدماج البعد البيئي في المشاريع على غرار البرامج السكنية التي لا تزال تنجز بطرق تقليدية مكلفة خاصة للطاقة.