الخبـير الاقتصادي جمال الدين نوفل شرياف لــ”الشعب”:

الجزائر تبنت إصلاحات عميقة لاقتصاد أكثر شفافية

هيام لعيون

فاعل دولي في مجال مكافحة الفساد وتبييض الأموال ومثال يحتذى به في الردع

ضمان “نظافة” مصادر تمويل المشاريع ومنع الأموال المشبوهة من اختراق النسيج الاقتصادي

السـير نحو نمط اقتصادي يعكس صورة الجزائر كقـوة إقليمـية

التزام حقيقي بمكافحة الإرهاب المالي بإشادة دولية

في سياق التحوّلات الاقتصادية العميقة التي أحدثها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تمضي الجزائر بخطى مدروسة نحو بناء منظومة مالية واقتصادية متماسكة، قائمة على مبادئ الشفافية، وتأطير السّوق، ومكافحة المال الفاسد، فمنذ السنوات الأولى لتولّيه الحكم، تبنى الرئيس تبون توجهاً واضحاً وصارماً في التصدي لمخاطر الفساد المالي، من خلال إطلاق إصلاحات قانونية وتنظيمية شاملة تهدف إلى تجفيف منابع الفساد، وتعزيز الحوكمة، وتوسيع قاعدة الشمول المالي، ولقد أسهمت هذه السياسات في إرساء أسس جديدة لمنظومة اقتصادية أكثر انضباطاً وفعّالية، ما ساهم في ترسيخ صورة الجزائر كفاعل دولي بارز في مجال مكافحة الفساد وتبييض الأموال، وكمثال يُحتذى في تعزيز الشفافية المالية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقال  الخبير الاقتصادي جمال الدين نوفل شرياف، إن السلطات العمومية في الجزائر أطلقت عدّة إصلاحات، مسّت مختلف مستويات الاقتصاد الوطني، بهدف التصدّي لظاهرة تبييض الأموال،  من خلال سدّ كل المنافذ على الجهات المشبوهة التي حاولت  إدخال أموال غير شرعية إلى الدورة الاقتصادية، مستغلة قطاعات مثل العقار، السيارات، والمشاريع التجارية، من أجل تبييضها عبر واجهات ظاهرها استثماري وباطنها غسيل مالي منظم.”
وأكد شرياف في تصريح لـ«الشعب”، أن الجزائر، ومنذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون مقاليد الحكم، اعتمدت سياسة واضحة المعالم لمكافحة الفساد المالي، من خلال إدخال إصلاحات تشريعية وهيكلية تهدف إلى تنظيم الاقتصاد الوطني ضمن أطر قانونية محكمة، ما يسهم في حماية المواطن والاقتصاد الوطني على حد سواء.
وأشار شرياف  إلى أن الدولة أدخلت إصلاحات تشريعية، لمحاربة عمليات تبييض الأموال، معتبرا  أن “المال الفاسد” هو اصطلاح مجازي لعمليات الغسيل المالي التي تهدف إلى طمس آثار مصادر غير مشروعة وتحويلها إلى أموال قانونية عبر قنوات ظاهرها شرعي، وأوضح أن السلطات الجزائرية تعمل اليوم على تجفيف هذه المنابع من خلال آليات ردعية حقيقية، توازي بين حماية الاقتصاد ومكافحة تمويل الإرهاب.
وفي السياق، أبرز المتحدث الدور المحوري لخلية الاستعلام المالي التابعة لوزارة المالية، والتي تنسق مع الأجهزة الأمنية والبنوك ومختلف الهيئات، مشدّدا على أن كل مسؤول أو إطار مطالب بالتبليغ عن أي شبهة مالية  مشيرا إلى  أن “هذه الخلية هي هيئة مختصة ومستقلة تابعة لوزير المالية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي. وتتولى الخلية التي يقع مقرها بالجزائر العاصمة مسؤولية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبشكل خاص معالجة تقارير المعاملات المشبوهة المرسلة إليها من قبل الكيانات المبلغة”.
وأبرز محدّثنا أنه تم إصدار مرسوم تنفيذي صادر في 4 يناير 2022، يحدّد مهام خلية معالجة الاستعلام المالي، وتنظيمها وسيرها بهدف تحديد صلاحياتها وتعزيز التعاون المحلي والدولي لمحاصرة الجرائم المالية، ولفت إلى أن “كل هذه الديناميكية الجديدة تعكس تحولا في النظرة الرسمية إلى الاقتصاد، حيث لم يعد مقبولا استمرار الفوضى أو التساهل مع المال المشبوه،  بل إن السلطات العليا في البلاد أبدت إرادة سياسية واضحة في متابعة هذا الملف، وإصدار توجيهات صريحة للحكومة من أجل غلق كل المنافذ التي قد تستغل من قبل المجرمين الاقتصاديين”.
وأفاد شرياف أن الإصلاحات الجديدة لم تقف عند الجانب التنظيمي، بل شملت أيضا إصلاحات مالية على غرار  الدفع نحو رقمنة المعاملات وتوسيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، كخطوة أساسية لتحقيق الشمول المالي، وتقليص تداول السيولة النقدية خارج البنوك، مما يسهّل عملية المراقبة المالية ويسهم في رفع مداخيل الدولة وتوسيع القاعدة الجبائية، مؤكدا أن “هذه الإصلاحات الاقتصادية تتماشى مع التوجه العام نحو تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة، من خلال بناء مناخ استثماري نظيف يمنع تسلّل المال الفاسد، ويمنح الأفضلية للمشاريع ذات القيمة المضافة الحقيقية، التي تخلق الثروة وتولد فرص العمل، بعيدا عن منطق الربح السريع أو الغايات غير المشروعة.
وأضاف شرياف أن هذه الإجراءات تنسجم مع مقاربة الجزائر لإرساء مبادئ الحوكمة وتعزيز بيئة اقتصادية قائمة على الكفاءة والشفافية. كما تندرج ضمن جهود مكافحة تمويل الإرهاب والوقاية من الأيديولوجيات المتطرفة، من خلال الرقابة الصارمة على مصادر التمويل.
وفيما يتعلق بإصلاح البيئة الاستثمارية، أكد الخبير أن السلطات العليا، بقيادة الرئيس عبد المجيد  تبون، تسعى إلى ضمان “نظافة” مصادر تمويل المشاريع ومنع أصحاب الأموال المشبوهة من اختراق النسيج الاقتصادي. فالغاية من الاستثمار ليست الربح السريع، وإنما تحقيق تنمية مستدامة، وهو ما يتنافى مع أهداف أصحاب المال الفاسد.
واعتبر الخبير أن كل المؤشرات الحالية تؤكد السير نحو نمط اقتصادي أكثر جاذبية وواقعية، يعكس صورة الجزائر كقوة إقليمية ناشئة قادرة على استقطاب الاستثمارات وإرساء دعائم بنية مالية مستقرة، كما نوّه بأن الجزائر، من خلال تعاونها الدولي، أظهرت التزاما حقيقيا في مكافحة الإرهاب المالي، وهو ما أشادت به تقارير دولية عديدة، والدليل على ذلك رسائل الدعم التي تلقتها من قادة عالميين، تؤكد أن هذه الجهود سيكون لها أثرها المباشر على تحسين مداخيل الدولة وتنظيم المعاملات الجبائية.
وخلص محدّثنا إلى التأكيد على أن “توسيع رقعة الإصلاحات يهدف إلى تنظيم التعاملات الاقتصادية والتجارية وتضييق المنافذ أمام المال الفاسد الذي يشكل تهديدا حقيقيا لكامل المنظومة السياسية والاجتماعية.
وفي ظل تقارير دولية بدأت تشيد بالخطوات المنتهجة في مكافحة الفساد، تبدو الجزائر اليوم على أبواب مرحلة جديدة، عنوانها الشفافية والتنمية المستدامة، عبر اقتصاد محكم ومحصّن من المال الفاسد، ومفتوح أمام الاستثمارات النظيفة، بما يجعل منها قاطرة اقتصادية صاعدة في المنطقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025