تشجيــــع العاــئلات علـــى الانخــراط في مســار الإنتــاج الوطنــي عــبر إطــلاق نشاطــات اقتصاديـــة
تحقيــق دخــل ثابــت ومنتظــم وترسيــخ ثقافــة العـمـل الحـر والاعتمـاد على الـذات
ووفق أهل الاختصاص، برنامج “الأسرة المنتجة” هو مبادرة تهدف إلى تمكين الأسر محدودة الدخل من تحقيق الاستقلالية المالية من خلال الانخراط في أنشطة اقتصادية منتجة، ويعد هذا البرنامج كذلك أداة لتعزيز التنمية المستدامة عبر تشجيع هذه الفئة على المشاركة في العملية الإنتاجية الوطنية، بدلا من الاعتماد الكامل على الإعانات الاجتماعية.ومن بين الأهداف الرئيسية لهذا البرنامج تشجيع الأسر المعوزّة على الإنتاج من خلال تمكينها من أدوات الإنتاج وتوفير التمويل اللازم، وتحسين المستوى المعيشي، إذ يتيح البرنامج للأسر فرصة تحقيق دخل ثابت ومستدام، كما يرمي إلى تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال دمج الأسر المنتجة في النسيج الاقتصادي الوطني بما يعزّز النمو الاقتصادي ويساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، وترسيخ ثقافة العمل الحرّ والاعتماد على الذات والإنتاج بما يقلّص من الاعتماد المفرط على الدعم العمومي.ويرتكز برنامج “الأسرة المنتجة” على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والحدّ من الفقر والبطالة، ومن أبرز هذه الأهداف تمكين الأسر المعوزّة اقتصاديا، وتحويل العائلات المحدودة الدخل من مستهلكة إلى منتجة من خلال دعمها لتأسيس مشاريع صغيرة مدرة للدخل.ومن أجل تنفيذ هذا البرنامج، وضعت الحكومة آليات متكاملة لضمان نجاحه وتحقيق أهدافه، ومن أبرزها تقديم الدعم المالي والتقني، حيث خصّصت قروضا صغيرة بدون فوائد أو بفوائد مخفّضة عبر آليات الدعم “أنجام” لدعم الأسر الراغبة في إطلاق مشاريع صغيرة، ومنح مالية أو دعم عيني للأسر في المناطق الريفية والنائية لتمويل مشاريع إنتاجية صغيرة كالحرف اليدوية، الزراعة المنزلية، أو إنتاج المواد الغذائية.كما تحرص في إطار الشراكة القطاعية، على تقديم دورات تدريبية متخصّصة في عدة مجالات منها إدارة المشاريع، التسويق، والتقنيات الإنتاجية الحديثة، إضافة إلى تقديم استشارات مستمرة لضمان استدامة المشاريع ونجاحها، وتوفير منصّات تسويق لضمان وصول منتجات هذه الأسر إلى الأسواق المحلية والوطنية.
مجلس استشاري..دعامة لبرنامج “الأسرة المنتجة”
وفي هذا السياق، يتولى المجلس الوطني للمرأة والأسرة، إبداء الرأي وتقديم توصيات حول قضايا المرأة والأسرة، على اعتبار أنه جهاز استشاري، ويركّز في أعماله على اقتراح التدابير القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تدعم هذه الفئات وتعزيز استقرارها.
ويكتسي المجلس الوطني للمرأة والأسرة أهمية بالغة في تفعيل برنامج الأسرة المنتجة، فهو يعد أحد البرامج الرائدة التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بهدف تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسر، خصوصا تلك التي تعاني من الهشاشة.
ويبرز دور المجلس في هذا السياق من خلال تقديم توصيات علمية وبحثية، حيث يعمل على إجراء دراسات معمقة حول سبل تعزيز مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، خاصة المرأة الماكثة بالبيت والمرأة في المناطق الريفية والجبلية، كما يقترح آليات مبتكرة تضمن نجاح المشاريع العائلية المنتجة وتوسيع نطاقها.وفي إطار دعم التكوين والتأهيل، يوفّر المجلس مقترحات متعلقة ببرامج تكوين موجهة للنساء الراغبات في الانخراط في مشاريع منتجة، ويعمل على تشجيع تطوير المهارات الحرفية والصناعية التقليدية، ما يساعد في خلق فرص عمل مستقرة ومستدامة، كما يساهم في وضع استراتيجيات لمرافقة الأسر المنتجة ميدانيا، بما يضمن تنفيذ مشاريعها بطريقة ناجحة وفعالة، ويدرس سبل تحسين آليات التسويق وتطوير قنوات توزيع منتجات الأسر المنتجة، ويقدم حلول مبتكرة لتحقيق الاستدامة، إذ يركّز المجلس على اقتراح ميكانيزمات اجتماعية تضامنية تستهدف إنشاء أنشطة مدرة للدخل، خصوصا في المناطق النائية والصّحراوية، ما يعزّز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في هذه المناطق.ويعدّ المجلس الوطني للمرأة والأسرة إضافة نوعية لمساعي الجزائر الرامية إلى دعم الأسرة المنتجة، إذ سيساهم بشكل فعال في وضع خطط واستراتيجيات تنموية تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديا وتحسين مستوى معيشة الأسر الجزائرية، ومن خلال دوره الاستشاري والعلمي، يمثل هذا المجلس أداة مهمة لضمان تنفيذ مشاريع مبتكرة وفعالة تحقّق التنمية المستدامة وتدعم استقرار المجتمع.
اتفاقيات لدعم الأسرة المنتجة
في خطوة مهمة تهدف إلى تعزيز دور الأسرة المنتجة في الاقتصاد الوطني، تم مؤخّرا، توقيع اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ووزارة الصناعة، تهدف هذه الاتفاقية إلى استحداث آليات فعالة لتمكين أفراد الأسرة خاصة النساء الماكثات في البيت من المساهمة في مسار الإنتاج الوطني، لا سيما في مجالات النسيج والجلود.تأتي هذه الاتفاقية استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي شدّد على ضرورة تكريس التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات المنتجة، وعلى رأسها المرأة الماكثة في البيت.وتمثل هذه الاتفاقية خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية تنموية متكاملة تركّز على إشراك جميع الفئات المنتجة في المجتمع، فبتمكين المرأة الماكثة في البيت ودعم مشاريع الأسرة المنتجة، تسعى الجزائر إلى تعزيز اقتصادها الوطني، مع تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وفق توجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى تحقيق تنمية مستدامة قائمة على تكافؤ الفرص والإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
من نشاطات عائلية صغيرة إلى مشاريع اقتصادية كبيرة
تحصي الجزائر العديد من المشاريع العائلية التي بدأت صغيرة ضمن إطار محدود، لكنها استطاعت أن تتطوّر وتصبح مشاريع اقتصادية كبيرة ناجحة، من بين هذه المشاريع على سبيل الذكر لا الحصر، مجمّع “سيم” للصناعات الغذائية، الذي بدأ كمطحنة عائلية صغيرة في ولاية سطيف سنوات السبعينات، وبفضل العمل الجاد وتبني استراتيجيات تسويقية وإنتاجية حديثة، توسّع المشروع ليصبح واحدا من أكبر مجمّعات الصناعات الغذائية في الجزائر، متخصّصا في إنتاج الدقيق، السميد، العجائن الغذائية، وغيرها من المنتجات الاستهلاكية الأساسية.مجموعة “بن حمادي”، يرجع تاريخ أعمال الأسرة إلى نشاط التجارة الذي أسّسه الحاج محمد طاهر بن حمادي، ليتحوّل اليوم إلى شركة قابضة، تضم عدة فروع من بينها “شركة كوندور” المختصة في مجال تصنيع وتوزيع الأدوات الكهربائية والمنزلية وأجهزة الحاسب الآلي والأغذية الزراعية، والتغليف، والتشييد، والبناء.شركة “سيفيتال”، تأسّست كشركة عائلية صغيرة في ولاية بجاية على يد رجل الأعمال الجزائري اسعد ربراب، تطوّرت إلى واحدة من أكبر المجموعات الاقتصادية في الجزائر وشمال إفريقيا، تعمل في مجالات متنوعة مثل الصناعات الغذائية، الزراعة، الصناعة الثقيلة، وتجارة التجزئة.هذه الأمثلة تعكس كيف يمكن للمشاريع العائلية أن تتحوّل إلى قوى اقتصادية فاعلة، إذا ما تم استثمار الجهود بشكل مدروس ومبتكر.