حـرب شاملة على الفساد والمفسدين

إصلاحـات عميقـة أسسـت للحوكمة الرشيدة

فضيلة بودريش

الرقمنـة والشفافيــة.. مقـدرات الجزائريـــين في أمــان 

استعــادة الأمـوال والأمـلاك المنهوبــة وضخهــا في موارد الدولة

تخوض الجزائر، بإرادة سياسية صارمة، معركة لا هوادة فيها ضدّ جرائم الفساد، مُستندة إلى منظومة تشريعية وتنظيمية ورقابية متكاملة، تهدف إلى ترسيخ مبادئ الشفافية وتعزيز الحوكمة، انسجاماً مع توجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، فقد شهدت البلاد تحولاً جذرياً في مقاربتها لمكافحة مختلف أشكال الجريمة، حيث اعتمدت استراتيجية شاملة ترتكز على الصرامة واليقظة والفعالية، مكّنتها من استئصال العديد من بؤر الفساد .

ويواصل هذا المسار تطوّره بثقة، في ظل التزام الدولة بخيار الرقمنة وتحديث المنظومة المؤسساتية، في سبيل بناء دولة الحق والقانون، ومواجهة الكلفة الباهظة للفساد، سواء من حيث الانعكاسات المالية، أو تأثيراته الأخلاقية والمجتمعية التي تهدّد تماسك النسيج الوطني.. إنها معركة جزائرية بامتياز، حاسمة في أهدافها، وماضية بثبات نحو جزائر منتصرة وفية لعهد الشهداء الأبرار.
جميع المؤشرات المحققة أصبحت إيجابية بفضل العمل الشجاع والجاد والإصلاحات المعمقة، كما أن الطريق عبدت من خلال توسيع وتعميق قيم الشفافية والنزاهة على مستوى المؤسسات على ضوء تنفيذ إستراتجية ذكية وضعتها السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وقبلها الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، وكان دستور عام 2020، قد نص على قيام السلطة العليا للشفافية بوضع إستراتجية وطنية للوقاية من الفساد. ومن نقاط قوّة هذه الآليات والضوابط عملها وتنسيقها مع المنظومة البحثية والجامعية، وإلى جانب السهر على تكوين المورد البشري في استئصال شأفة الفساد، بهدف الوصول إلى حلول علمية دقيقة تنجح في رهان المكافحة المستمرة واليقظة الدائمة. وبفضل جهود كبيرة، تلاشت مظاهر الفساد، وبدأت تتعمّق معالم دولة الحق والقانون جاءت تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية، في ظل حرصه على بناء دولة قوّية بمؤسساتها واقتصادها المتين.

المحاربــة بشجاعة ومسؤوليـة

ويبرز مسار إصلاحات كبرى عميقة وجادة بشكل جلي وثابت، من خلال العمل المتواصل من أجل تكريس مبادئ الشفافية، وترسيخ المساءلة والمحاسبة، وتعزّزت هذه الجهود عن طريق تعديل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، الذي أضاف الكثير للمنظومة التشريعية على صعيد الوقاية ومحاربة هذه الظاهرة الخطيرة ومنح المسؤولية كاملة لجهاز القضاء كسلطة أساسية ووحيدة للفصل في قضايا الفساد على غرار عمليات التحقيق في مجال الصفقات العمومية ومكافحة تبييض الأموال وما إلى غير ذلك.
في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، حققت الجزائر كثيرا من المكاسب، بعد أن حسمت في مسألة اجتثاث آفة الفساد بشجاعة ومسؤولية كبيرة، على خلفية أن محاربة الفساد لا تقتصر على القطاع الاقتصادي، لأنها أشمل وأبعد من ذلك بكثير،  لتطال المجالات السياسية والإدارية والثقافية وكذا الاجتماعية، ورؤية رئيس الجمهورية في محاربة الفساد متكاملة وعميقة، تهدف إلى القضاء عليه بشكل نهائي و لا تتوقف عند معاقبة المتورطين وسجنهم بل استعادة الأموال المنهوبة وضخها في موارد الدولة، وأسست تعليماته بتسريع رقمنة مختلف القطاعات لتجعل الحوكمة واقعا ملموسا والحلم حقيقة، فقطع الطريق في وجه مخططات المفسدين أصحاب المصالح الخاصّة والضيقة.
ومن المقاربات المنتهجة في مكافحة الفساد والجديرة بالإشادة، نذكر عدم الاكتفاء بفرض الردع والعقاب لمنع حدوث جرائم الفساد بجميع أشكالها، سواء تعلقت بالرشوة أو تبييض الأموال أو استغلال منصب وكذا الإثراء غير المشروع، وإنما تم وضع أسس وقائية وتوعوية يعوّل عليها في تغيير الواقع والذهنيات. وفي هذا الإطار، تلعب السلطة العليا دورا محوريا ورائدا منذ أن رأت النور عام 2022، وكانت قد أحالت أكثر من 48 ملفا متعلقا بقضايا فساد على الجهات القضائية المختصة، وتعكف كذلك على جمع المعلومات المتعلقة بالفساد وكذلك التكوين والتحسيس في هذا المجال.

إرســاء ثقافــة التبليــغ

لم تكتف الجزائر في قطع مسارات مهمة في معركتها على الفساد، لأنها تعوّل بالموازاة مع ذلك على التوعية والتحسيس والتبليغ في محاصرة جرائم الفساد التي تنخر المنظومة الاقتصادية، وبالإضافة إلى ذلك عملت على إرساء ثقافة التبليغ وحماية المبلغين، وتعزيز الرقابة الداخلية والخارجية، فضلا عن ترسيخ قيم النزاهة والحياد والمساءلة داخل الهياكل الإدارية.
وبين الجهود والآليات، توجد حلقة أخرى متينة وذات صلة تتمثل في المراهنة على أهمية الوقاية وإشراك المجتمع المدني في قلب هذه المعركة المستمرة، خاصة على ضوء آلية الشبكة الجزائرية للشفافية لتسريع ودعم مختلف الآليات الأخرى من أجل تفعيل الإستراتجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته للفترة الممتدة من 2023 إلى غاية آفاق 2027.ويجري في الوقت الراهن عمل كبير لا ينتهي، من أجل تعزيز منظومة الحوكمة وتحسين الخدمة العمومية، لمحو أثار الفساد، عدو للتنمية والمعرقل للإصلاحات، وإلى جانب ذلك يفقد الثقة بين المواطن وإدارته وينشر الفوضى والتسيّب، وعلى خلفية أنه إذا غابت الرقابة والمحاسبة ولم يطبق القانون على الجميع تتفشى جرائم الفساد على جميع أشكالها.والجدير بالإشارة، فإن  دستور 2020، كان قد خصّص الباب الرابع  لمؤسسات الرقابة، وشمل ذلك كل من المحكمة الدستورية ومجلس المحاسبة والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، كما منح فصلا كاملا لرقابة مجلس المحاسبة واعتبره مؤسسة عليا مستقلة للرقابة على الممتلكات والأموال العمومية، ويكلف بالرقابة البعدية على أموال الدولة والجماعات المحلية والمرافق العمومية، وإلى جانب  رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025