تسعى مؤسسة ‘’تونيك صناعة’’ للورق، التي انتشلتها الدولة من إفلاس مؤكد قبل سنتين ــ لما كانت تابعة للقطاع الخاص ــ لتعزيز موقعها في السوق المحلية للورق مع تسطير هدف استراتيجي بالتوصل إلى تصدير نسبة 5 بالمائة من حجم رقم أعمال المؤسسة خلال سنة 2013، لأسواق خارجية إقليمية تسوق إليها بعض المواد حاليا، وإن كانت بحجم رمزي إلى أن يتطور إلى حجم اقتصادي في المديين المتوسط والبعيد.
وأوضح مصطفى مرزوق الرئيس المدير العام للمؤسسة التي تشغل أكثر من ألفي عامل يقع عليهم عبء مضاعفة العمل وإتقانه لضمان حصتهم في السوق، أنّ هذه الأخيرة واعدة في الجزائر وفقا لتوقعات المختصين بحيث يرتقب أن ينتقل مستوى الاستهلاك من 469 ألف طن سنة 2011 بمعدل 19 كلغ للفرد إلى 605 ألف طن هذه السنة بمعدل 23 كلغ للفرد، وإلى 688 ألف طن السنة القادمة و889 ألف طن متوقعة سنة 2016 بمعدل 31 كلغ للفرد الواحد.
ويمثل ورق التغليف حسب ذات المتحدث نسبة 50 بالمئة من حجم هذا الطلب المتزايد بتوقع انتقال حصة السوق لهذا النوع من الورق الاقتصادي من 11 بالمئة سنة 2012 إلى 37 بالمئة سنة 2016. وتغطي الواردات لهذا الفرع حاليا 68 بالمئة من احتياجات السوق الوطنية، فيما يراهن هذا المتخصص في إدارة صناعة الورق على تقليص حجم الاستيراد إلى 29 بالمئة من الاحتياجات الوطنية بعد إعادة تأهيل وعصرنة وسائل الإنتاج، غير أنّه أكّد أنّ سوق الصادرات تتطلب اهتماما خاصا وكثيرا من الاحترافية التي تتعدى إطار عمليات إشهارية، ولكنها ترسّخ ثقافة الوفاء للزبائن الذين تتزايد شروطهم ممّا يفرض الذهاب إلى إعادة تأهيل كافة جوانب العملية الإنتاجية والتسويقية.
وعن سؤال حول المعوقات التي تعرقل صناعة ورق التغليف، أشار إلى عدد من الصعوبات، منها تأهيل التجهيزات في ظل التبعية التكنولوجية وقلة اليد العاملة المؤهلة، وكذا التبعية للمواد الأولية المستوردة إلى جانب المنافسة التي تطرحها المواد البلاستيكية، إضافة إلى غياب جمعيات للمحترفين في صناعة وتحويل الورق تلعب دورا في إرساء أرضية لميثاق أخلاقيات صناعة الورق ومواجهة احترافية للسوق الموازية.
الإسترجاع والرسكلة قاطرة النجاح
وبخصوص تنمية هذه المؤسسة ذات الثقل الاقتصادي والاجتماعي، فإنّها علاوة على عمليات التصحيح الداخلي يوجد برنامج استثماري شامل يتكفل جانبي إعادة التأهيل في مرحلة أولى، والاستثمار الجديد في مرحلة ثانية لإنجاز وحدة إنتاج الكرتون المضغوط بطاقة 100 ألف طن.
ومن بين وحدات الإنتاج الحيوية لهذا المركب تعدّ وحدة الاسترجاع القلب النابض لوحدات الإنتاج الأخرى بحيث تزودها بحوالي 60 ألف طن سنويا من مختلف أنواع الورق المسترجع الذي يحوّل إلى منتجات ورقية تعود إلى السوق لتلبي مختلف احتياجات المؤسسات الاقتصادية.
ويمثّل فرع الاسترجاع الورقي ورسكلته محورا استراتيجيا بفوائد ذات جدوى هي تدعيم مركز المؤسسة في السوق والحفاظ على البيئة والمحيط، وكذا خدمة المواطنين. وضمن هذا التوجه أضاف مصطفى مرزوق أنّه تمّ وضع مخطط للتنمية بالشراكة بين تونيك وجيباك العموميتين. ويرمي المخطط إلى استقطاب كافة مصادر الورق في أفق سنتي 2016 إلى 2020 للوصول إلى طاقة استرجاع تقدّر بـ 181 ألف طن هذه السنة الجارية ، ثم 206 ألف طن في 2014، لترتفع القدرة إلى 234 ألف طن ورق مسترجع في 2015 إلى طاقة أكثر بـ 266 ألف طن في سنة 2016.
ومن أجل تعميق مقاربة استرجاع احترافية، تصب الشراكة مع متعامل إسباني لبناء صناعة استرجاع احترافية وتطوير صناعة الرسكلة بالجزائر، ويرشّح أن يتوسّع مسار الشراكة إلى إنتاج الورق بمختلف أنواعه والمصنف صديق للبيئة.
تحدي تحقيق الأهداف المسطّرة
وأكّد مرزوق أنّ التوجه الاستثماري للمؤسسة التي يرتقب أن يحقّق ثماره في المديين المتوسط والبعيد لا يقتصر على التكفل بالجوانب المادية فقط، وإنّما يشمل مسار إعادة التأهيل الموارد البشرية بنفس درجة الأهمية. ولهذا يشير محدثنا يتم الاستثمار في العنصر البشري على كافة مستويات الإنتاج والتسيير من أجل ترسيخ ثقافة رد الاعتبار للعمل كقيمة اجتماعية، ولكن اقتصادية بدرجة اكبر في ظل انفتاح الأسواق وارتفاع درجة التنافسية. وعلى هذا النحو فإنّ الهدف الكبير المسطّر لبلوغه في وقت قياسي التوصل إلى جذب المستخدمين إلى معادلة إلزامية تحقيق النتائج الاقتصادية المحددة كشكل من أشكال العرفان للمجموعة الوطنية التي ترافقهم في تحقيق المناعة من خلال الجهد المالي الذي تقدمه الدولة وإقبال الزبائن على الإنتاج الوطني. ووفقا لهذا التوجه فإنّ المورد البشري يصنّف كأفضل ثروة للمؤسسة ويتم التعامل معها برؤية اقتصادية ذات نجاعة ترتكز على التكفل للانشغالات المتعلقة بالأجور والتكوين العدالة في العمل، وهي جوانب ترتبط مباشرة بقيمة العمل ومدى نمو الإنتاجية.
تجدر الإشارة إلى أنّ مؤسسة ‘’ تونيك صناعة’’ تأسّست بطابعها العمومي بتاريخ 14 أفريل 2011 من خلال امتصاص ‘’تونيك أومبالاج’’، وذلك تبعا لقرار من مجلس مساهمات الدولة برأسمال 30 مليار دينار، مملوكة كلية لحساب الخزينة العمومية من طرف شركة تسيير المساهمات لمؤسسات الكيمياء والصيدلة. ويتشكّل المركب من موقعين إنتاجيين واحد ببوسماعيل على مساحة أكثر من 12 هكتار والآخر بالشعيبة على مساحة 24 هكتار. وللمؤسسة قدرات إنتاجية نظرية معتبرة تقدر بـ 1 ألف طن في معالجة الورق المستعمل، 28 ألف طن في الورق الصحي والمنزلي، وأكثر من 150 ألف طن في تحويل الورق. غير أن المسؤول الأول للمؤسسة، أوضح أنّ الطاقة الإنتاجية المستعملة حاليا تتراوح بين 20 و65 بالمائة، حسب فروع النشاطات. ويحرص على القيام بعملية مندمجة تشمل الرفع من قدرات الإنتاج الفعلية بتحسين الاستغلال ووضع نظام للصيانة تكون فعالة وذات مردود مالي، والدفع بالمبادرة التسويقية بالإصغاء لاحتياجات السوق وتطوير نماذج منافسة.