يمر الاقتصاد الجزائري بمرحلة تحولات تبدو عسيرة في البداية، لكنها تندرج في أفق ايجابي على المديين القريب والمتوسط، إذا ما انخرط المتعاملون من رؤساء مؤسسات ومستثمرين ورجال أعمال، لديهم القناعة بالمساهمة في المجهود الوطني لمواجهة الأزمة، في ديناميكية الانتقال إلى المبادرة الاستثمارية محليا والسعي إلى جذب اهتمام شركاء أجانب بالسوق الجزائرية كفضاء استثماري تنافسي.
يمثل جانب اكتساب المهارة الاقتصادية من تصميم المشروع الاستثماري إلى دراسته ماليا وفنيا مرورا بالتحكم في التسيير وفقا لقواعد المناجمنت الحلقة المتينة في البناء الاقتصادي الجديد الذي يراهن عليه لتجاوز التداعيات السلبية للصدمة المالية الخارجية التي تشكل نقطة تحول في السلوكات الاقتصادية.
يسعى في هذا الإطار رؤساء الغرف الجزائرية للصناعة والتجارة إلى صياغة نمط عمل ميداني يؤسس لمرحلة جديدة توفر للمؤسسة الجزائرية الإمكانيات للتلاؤم مع التغيرات، مثل التعامل بروح ايجابية مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على غرار اعتماد قائمة لسلسلة من المنتجات والمواد الممنوعة من الاستيراد، وتحويلها إلى مصدر للتكيف مع السوق من خلال الرفع من الأداء وابتكار خيارات بديلة ترتكز على التوظيف الجيد والفعال للقدرات الاستثمارية المتوفرة محليا وبالشراكة الأجنبية خاصة.
أكد خبزي عبد المجيد، رئيس غرفة الزيبان لولاية بسكرة، وهادف عبد الرحمان، رئيس غرفة ولاية المدية ممثلا لرئيس الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة لدى زيارتهما لجريدة «الشعب» تكريما لها على الدور الإعلامي المتميز في مرافقة المشهد الاقتصادي، أن المهمة المستعجلة، اليوم، تتمثل في وضع المتعاملين الجزائريين على بينة من أمر الظرف الاقتصادي والمالي الطارئ من اجل إعادة صياغة مقاربة واقعية من شأنها أن تقود إلى ترجمة الصعوبات القائمة في صيغة مشاريع بناءة سوف تدفع المؤسسة للخروج من نفق أزمة ظرفية رغم شدتها.
انطلاقا من حقيقة الأمر، على مرارته في الميدان، يمكن لرئيس المؤسسة الجزائرية أو المتعامل المستثمر المبادرة بالحرص على بذل الجهود اللازمة لإقناع متعامله السابق في حالة الاستيراد للقدوم إلى الجزائر للاستثمار ضمن مشاريع شراكة إنتاجية توفر المواد الممنوعة من الاستيراد لتأمين مركزه في السوق، مع انفتاح على خيارات للتصدير إلى أسواق إقليمية وقارية واعدة. لم يتأخر بعض المتعاملين عن الشروع في إطلاق جسر الشراكة مع ممونيهم التقليديين فطار بعضهم، كما صرح به خبزي منسق غرف ولايات الجنوب، إلى عواصم بلدان تعتبر مصدرة للجزائر بامتياز مثل تركيا، ايطاليا، كندا والأردن لبعث مفاوضات مع المؤسسات التي يتعاملون معها قصد توضيح المعطيات وتحفيزهم للاستثمار المنتج في السوق الجزائرية.
علاوة على توقع بعث مؤسسات صغيرة ومتوسطة حول إنتاج مواد ممنوعة من الاستيراد وتطلبها السوق التي تفرض على متعاملين آخرين تطوير نمط عملها لتأمين ديمومة نشاطهم، يراهن أيضا على توظيف ناجع لمشاريع الشراكة المرتقبة بما يقود إلى امتلاك الإتقان في مختلف المجالات والتحكم في الجوانب ذات الصلة بالإنتاج وإدارة المؤسسة والتصدير. ويتمحور جوهر الذكاء في مدى قدرة المتعامل الجزائري ورجل الأعمال، الذي يبحث عن مكان في السوق وهو متوفر اليوم، على جعل صعوبات المرحلة إلى أوراق رابحة في المديين القريب والمتوسط، شريطة إجادة استعمالها من مركز قوة وليس من مركز ضعف.
هذه المعادلة تستوجب تمتع الطرف الجزائري بقدرة على الدفاع عن مصالحه لدى شركائه الأجانب من خلال السيطرة على عناصر موضوع التفاوض وجعل الجهة الأخرى أكثر حرصا على بقاء منتوجاتها في السوق الجزائرية بالتواجد فيها كمنتج محلي، خاصة وان الظروف المحيطة بالاستثمار والمؤسسة الإنتاجية مواتية كثيرا مقارنة بأسواق استثمارية إقليمية وقارية تفتقر للتحفيز ويعرف فيها الطلب انكماشا يثير تخوف المستثمرين الذين يبحثون عن الضمانات والمرافقة وغيرها من الشروط التي تتوفر عليها السوق الجزائرية بشهادة «مجموعة اكسفورد» للخبراء البريطانيين.