شهدت مدينة سكيكدة خلال السنوات العشر الأخيرة نموا ديمغرافيا وتوسعا سكانيا كبيرين، غير أنّ هذا التغير لم يواكبه تغير في ملامح المدينة ومعالمها، حيث أضحى عدم التوافق بين عدد السكان والهياكل والقطاعات الخدماتية وبالخصوص في النقل يخلّف معاناة مستمرة، ما يتطلب وضع حد لهذا الوضع من خلال الوقوف على المشكل وإيجاد حلول عاجلة. وأضحى وسط المدينة يعرف صخبا كبيرا بالنظر إلى عدد المركبات والاختناق المروري، وهو المظهر الجديد الذي يكسّر هدوءها المعهود، فالمتجول في أحيائها يلاحظ التغير الحاصل، بالنظر إلى التدفق الكبير لعدد المركبات والسيارات، ما أدخل السكان في حالة من القلق الدائم، فالواقع الاجتماعي أثّر على سلوك المواطن.
العديد من أحياء مدينة سكيكدة مثل؛ بولقرود، بوعباز، الزفزاف، بويعلى، واد الوحش، المستشفى الجديد، الجامعة، مرتفعات الزرامنة وبني مالك، تعاني من غياب خطوط النقل بواسطة سيارات الأجرة، ممّا زاد في متاعب المواطنين في التنقل، خاصة خلال الفترات الصباحية، المسائية والليلية، حين يجيدون أنفسهم تحت رحمة أصحاب سيارات ‘’الفرود’’، وهذا على الرغم من أنّ عدد الرخص المستعملة حاليا، وعلى الورق، تقدر بأكثر من 416 رخصة، زيادة عن 346 رخصة جديدة قامت مديرية النقل للولاية بتوزيعها السنة الماضية، إلا أن هذه الأحياء تبقى دون تغطية، في الوقت الذي تعاني منه باقي الأحياء من تشبّع.
وسجّلت ولاية سكيكدة العديد من الحوادث القاتلة ومنفذيها سائقين طائشين يلهثون وراء جمع الأموال على حساب قتل العجائز والبراءة، كما تسبّب طيش السائقين في قتل بعض من المواطنين بوسط المدينة وإصابة العديد بجروح متفاوتة الخطورة، خصوصا على مستوى خط وسط المدينة ومرج الديب إلى غاية الزرامنة، وكذا خط وسط المدينة وحي الزفزاف، ناهيك عن الرالي لحافلات الموت بخط وسط المدينة وحي بويعلى مرورا بحي الإخوة خالدي، أين تتسابق الحافلات معرّضة تلاميذ المدارس إلى الأخطار المرورية، ما يتطلب الرفع من درجة المراقبة المرورية وتفعيل مخطط تامين النقل العمومي.
يؤكّد بعض من التقتهم “الشعب” بموقف السيارات بساحة اول نوفمبر، أن جانبا من اصحاب المركبات تنعدم لديهم أخلاقيات مهنة النقل، فحسب “محمد ـ ب« انه كاد ان يتشاجر مع سائق سيارة عندما قصده للتوجه الى منزله في مرتفعات حي مسيون، حيث قام بغلق الابواب وتحجج بأنه لا يعمل، وبالرغم من انه في الموقف، والأكيد حسب “محمد” انه لا يريد التوجه الى الاحياء البعيدة والاقتصار على الاحياء القريبة، فهم يختارون المقاصد، والاسعار ملتهبة خصوصا مساء أو عندما تكون الاحوال الجوية سيئة. هذا ما ذهب إليه “حسين روابح” الذي عبر لنا عن استيائه الشديد من معاملات اصحاب السيارات الصفراء، في ظل غياب المصالح المعنية من مديرية النقل، “فالسائقون لا يحترمون الفرد، فمنهم من يستعمل الراديو بصوت مرتفع، وآخر يتناول الدخان بشراهة، والكثير منهم يأخذ الاجرة مضاعفة بحجة بعد المسافة، والزحمة الكبيرة بوسط المدينة”.
وفي سياق آخر، تعرف المحطة البرية لنقل المسافرين محمد بوضياف بوسط المدينة وضعية كارثية، فالنظافة غائبة تماما بالقاعة الداخلية الغارقة في القمامة، مع تدني الخدمات المقدمة للمسافرين، انتشار الروائح الكريهة، مع تهشم شبه كلي لزجاج النوافذ واهتراء الكراسي. أما مشهد أرصفة توقف الحافلات، فبدوره ليس بخير، بسبب انتشار النفايات في كل الأمكنة،إلى جانب الروائح الكريهة المنبعثة، حيث تحولت زوايا المحطة إلى مراحيض عمومية مفتوحة على الهواء، ناهيك عن فوضوية ركن الحافلات والسيارات الصفراء أمام الانعدام الكلي لمصالح الرقابة. وقد سجّلنا شكوى بعض المواطنين على مستوى المحطة، بخصوص تدني الخدمات المقدمة، التي لا تليق بمقام المحطة بوسط المدينة، ناهيك عن الفوضى التي لمسوها عند بعض الناقلين الخواص بشأن الجانب المتعلق بالمعاملة، والرائحة الكريهة المنبعثة من داخل المركبات، ووسخ الكراسي.
موقف “باب قسنطينة” كارثة في انتظار المصعد الهوائي
أصبحت حافلات النقل الحضري عبر مدينة سكيكدة في وضع كارثي، فقد أعطت صورة قاتمة، إذ أصبح الأمر في وسط مدينة سكيكدة لا يطاق بـ “باب قسنطينة “قرب ثانويتين ومدرسة ابتدائية ومتوسطة، بعد تحويل موقف “الريفولي” إلى أسفل حي برج حمام ،ومفترق الطرق بباب قسنطينة بعد طرد الحافلات من قبل السكان على إثر المجزرة التي أدت إلى مقتل طفلة وهي بجنب أبيها للأخطاء الكبيرة التي يقوم بها السائقين عند التوقف والسرعة في الإقلاع وكأنهم في سباق الرالي، حيث حوّلت الحافلات إلى مكان تعجّ به حركة المارة من أطفال المدارس من كل الأعمار، إضافة إلى سكان برج حمام، في وقت ما تزال التصرفات غير القانونية يقوم بها السائقون هي السائدة، وتغاضي مقلق من قبل السلطات، الأمنية والمدنية حيث يسير أصحاب الحافلات في الاتجاهات المعاكسة، ولا يبالون بالخط المستمر، مما يجعل أرواح المواطنين القادمين من حي برج حمام في خطر كبير.
ومن جهة أخرى، أرجعت مديرية المؤسسة العمومية للنقل بسكيكدة سبب عدم تشغيل المصعد الهوائي في غالب الأحيان لانعدام المستعملين، وتنقل عرباته فارغة طوال النهار ما يشكل حسب هذه الاخيرة عبئا كبيرا على كاهل المؤسسة من حيث فواتير الكهرباء، وكان المشروع من المفروض أن يعزز منذ دخوله حيز الخدمة قدرات نقل المسافرين في مدينة سكيكدة وتعزيز النقل الحضري بمدينة مكتظة يواجه سكانها صعوبات كبيرة مع وسائل نقل رديئة، إلا أن اختيار مكانه لم يكن موفقا حسب المختصين، حيث يضمن “تيليفريك” سكيكدة حاليا خدمة النقل على خطوط مرتفعات بوعباز وبويعلي مرورا بمحطة نقل المسافرين محمد بوضياف بمدخل المدينة، وممّا أثر على مردروه، تفضيل سكان بوعباز وبويعلى ركوب الحافلة التي تتوقف بالعديد من المحطات بالمدينة على الركوب بالتيليفريك البعيد عن وسط المدينة.