ثاني أكبر الحدائق في الجزائر

حديقة لندن أو «لاندو»...معلم إيكولوجي مميّز

استطلاع: أمينة جابالله

لقرن ونصف..كانت مقصد الأدباء والمشاهير

 هي معلم إيكولوجي يضم العديد من الأنواع النباتية والحيوانية أهّلها لأن تكون متحفا طبيعيا، حديقة لندن أو «لاندو» بمدينة بسكرة وجهة العائلات الباحثة عن الراحة والاستجمام والهاربة من حرارة الصيف المرتفعة، بين ممرات زينتها تشكيلة جميلة ومتنوعة من الأشجار والنباتات الخضراء يتجول زوارها لتحتضنهم اشعة الشمس المتسللة بين أغصان عالية تمتد إلى عنان السماء، في لحظة مسروقة من زمن تعدى القرن والنصف.
تشهد حديقة لندن بمدينة بسكرة كل صيف إقبالا كبيرا من طرف العائلات البسكرية من أجل قضاء بعضا من وقتها بين اخضرار أشجارها، والاستمتاع بمشاهد بركة البط التي تلقى توافدا كبيرا للزوار عليها، لينال الأطفال حصة الأسد من المتلهفين للبقاء حولها ينظرون بشغف وانتباه كبير الى حركات البط في الماء، منتبهين بتركيز تام إلى بطبطتها صوتها المتعالي وكأنّها سنفونية ترحيب بكل مشاهديها.
وبالرغم من الجهود التي تبذلها مؤسّسة «سكرا-نات» المشرفة على تسيير هذه الحديقة الإيكولوجية المجهزة بكاميرات المراقبة، تبقى ممرات الحديقة مشكلا يؤرق زوارها، لان تبليطها من شأنه حماية النسيج النباتي للحديقة، وكذا الحفاظ على الشكل الجمالي والهندسي، بالإضافة إلى مشكل آخر يعانيه الوافدون عليها هو بعض التجاوزات الطفيفة من طرف زوارها.
تعتبر ‏حديقة لندن بولاية بسكرة التي شيّدها الكونت الانجليزي جاك لندن سنة 1870، ثاني أكبر الحدائق في الجزائر من حيث عدد أنواع النباتات المغروسة فيها، بعد حديقة التجارب الحامة بالعاصمة، حيث أنّها معروفة بغطائها النباتي العجيب والغني بمئات الأصناف من النباتات المحلية والمتوسطية والاستوائية، هي المتنفّس الوحيد للعائلات البسكرية في ظل الغلاء الفاحش للحدائق الخاصة، حيث باتت بعد رفع الحجر عن المساحات الخضراء مؤخرا ملاذا للسكان، نظرا لموجة الحرارة التي تشهدها ولاية بسكرة على غرار باقي ولايات الوطن.
وفي ذات الصدد، تقول مراجع تاريخية بأن أرض حديقة لندن تحصل عليها الكونت «البير دو نجفيل لاندون» إلى عام 1875م، حيث كان معجبا بجوها ومناخها الذي ساعده في التأقلم مع مرض الربو الحاد، فكرّس «الكونت لاندون» جزءا كبيرا من حياته وثروته لجمع وغرس العديد من النباتات والأشجار وجلب أصناف الطيور من مختلف أصقاع العالم.
وتضيف نفس المراجع أنه في سنة 1890 م بنى «الكونت لاندون»، وأسّس رواق لاستقبال الفنانين والشعراء والأدباء وكان من أشهر مرتاديه الموسيقار المجري «بيلا بارتوك» والكاتب الايرلاندي «اوسكار ويلد» والكاتب الشهير «سكوت فيد جيرالد» وزوجته «زيلدا»، وكذا الفنانين «نصر الدين دينية» و»اوجين فرومنتيتن» والمفكر «كارل ماركس».
دون أن ننسى الكثير من الأسماء الأدبية والفنية الأخرى التي زارت المكان وسحرت بجماله خلال فترات متلاحقة سميت حديقة الله من طرف الكاتب البريطاني «روبيرت هتشنز»، وأصبحت الحديقة بفضل حرص «الكونت» على جلب أنواع مختلفة من النباتات والأشجار من أوروبا ومناطق استوائية لغرسها في الحديقة مرتع للسلام والراحة لعديد كبار الشخصيات العالمية والعائلات الذين يتوافدون عليها باستمرار لجمال مناظرها وسحر طبيعتها الخلابة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024