من القمم الدولية السياسية إلى المواعيد الاقتصادية الكبرى

جاهزيـة جزائرية لإنجـاح المعــرض القــاري

هيام لعيون

استثمـار متواصــل في البنــى التحتيـة واعتمـاد الرقمنـة فــي جميــع المراحــل

نجحت الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، في تنظيم فعاليات دولية كبرى على غرار القمة العربية 2022، ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وقمة منتدى الدول المصدرة للغاز 2024، ما رسخ خبرتها في تسيير المواعيد الكبرى بفضل جاهزيتها اللوجستية والتنظيمية. واليوم تستعد لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025)، مُسخّرة كل الإمكانات لضمان نجاحه، بما يعكس قدرتها على تأمين فضاء يستوعب قادة دول وآلاف الفاعلين الاقتصاديين والإعلاميين من داخل القارة وخارجها.

سجلت بلادنا، خلال السنوات الأخيرة، سلسلة من النجاحات في استضافة فعاليات دولية كبرى، عززت صورتها كوجهة دبلوماسية واقتصادية موثوقة. فقد كان تنظيم القمة العربية في نوفمبر 2022 محطة بارزة، ليس فقط من حيث جمع القادة العرب، بل أيضاً من حيث مستوى التنظيم الذي حظي بإشادة واسعة من الوفود الرسمية ووسائل الإعلام. الأمر ذاته تكرر مع قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، حيث كان المركز الدولي للمؤتمرات (عبد اللطيف رحال) بالجزائر العاصمة شاهداً على نجاح هذه التظاهرات في عهد الجزائر الجديد.
وتؤكد الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية الحالية لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر العاصمة، التي ستتحول قريباً إلى عاصمة للتجارة الإفريقية، النجاح الذي تسعى بلادنا لتجسيده مرة أخرى. فهذا الموعد الاقتصادي القاري، الذي سيعرف مشاركة آلاف الشركات ورجال الأعمال من مختلف الدول الإفريقية والشركاء الدوليين، من المنتظر أن يستقطب أكثر من 2000 عارض، مع توقعات بإبرام صفقات تجارية ومشاريع استثمارية تفوق قيمتها 44 مليار دولار. كما سيشكل منصة استراتيجية لتعزيز الاندماج التجاري الإفريقي، ما يعزز مكاسب الجزائر ويبرز دورها وصورتها في القارة.

خطة للنقل ومنصة إلكترونية

اعتمدت الجزائر خطة متكاملة للنقل والتنقل خلال معرض التجارة البينية الإفريقية، تشمل تأمين الرحلات من وإلى قصر المعارض، والمطارات، والفنادق المجاورة. وقد ترأس وزير النقل سعيد سعيود قبل شهر من الموعد اجتماعاً تنسيقياً لمراجعة جاهزية القطاع لهذا الحدث، المقرر تنظيمه من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري.
وتضمن الاجتماع عرضاً تقنياً حول وضعية الحظيرة المخصصة للوفود والعارضين، من حيث عدد الحافلات المخصصة ومدى جاهزيتها والقدرة الاستيعابية المنتظرة. كما وُضعت خطة سير وتنقل لضمان انسيابية الحركة، مع إطلاق تطبيق إلكتروني خاص بالنقل لتسهيل تنقلات العارضين والمشاركين. وحسب وزارة النقل، تم استحداث تطبيقات رقمية خاصة لمتابعة الجداول وتوجيه المشاركين، الذين سيستقبلهم مطار الجزائر الدولي الجديد (هواري بومدين)، بطاقة استيعاب تفوق 10 ملايين مسافر سنوياً، ليكون بوابة محورية لاستقبال الوفود.
وفيما يتعلق بالاستقبال في مطار الجزائر الدولي، فقد جرى بحث الإجراءات التنظيمية لضمان انسيابية دخول وخروج الضيوف من داخل وخارج البلاد. وأكد وزير النقل على ضرورة توفير حافلات جديدة ومريحة، وطواقم مدربة للاستقبال والتوجيه والمرافقة، مع تنسيق شامل بين جميع الجهات المعنية. ومن المنتظر تخصيص أسطول مجهز ومخطط سير منظم لتأمين تنقل جميع المشاركين.
وتجمع خطة النقل اللوجستي خلال المعرض بين التجهيزات البشرية والتقنية، عبر حافلات ومخططات نقل متكاملة من وإلى قصر المعارض–صافكس، المخصص لاحتضان المعرض، والذي يوفّر فضاءات عرض واسعة إلى جانب مرافق فندقية قريبة ومجاورة للمطار. وقد تم توفير حافلات جديدة ذات جودة عالية، إلى جانب طواقم مدربة تجيد الاستقبال والتوجيه، في إطار تعبئة شاملة لكافة الموارد البشرية واللوجستية لإنجاح الحدث، حسب ما أفادت به وزارة النقل.

إبـراز صـورة الجزائــر المنتصـرة

وكان وزير القطاع قد أسدى تعليمات صارمة، شدد فيها – حسب بيان الوصاية – على ضرورة تمثيل الجزائر في أبهى صورة خلال هذا الموعد القاري الهام، مؤكداً أن «إنجاح هذا الحدث مسؤولية جماعية تتطلب تجنيداً كاملاً، بما يجسد رؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في جعل الجزائر قطباً محورياً للتكامل والتعاون الإفريقي».
وقد أثبتت الجزائر في مختلف المواعيد الدولية السابقة قدرة تنظيمية لاقت إشادة واسعة من الوفود المشاركة، وهو ما عزز ثقة الشركاء الدوليين ورسخ صورة الجزائر كقطب بارز قادر على جمع الفاعلين وصناع القرار من داخل القارة وخارجها. كما استفادت الشركات الوطنية من هذه الديناميكية، إذ وفرت التظاهرات الكبرى فرصاً ملموسة لمؤسسات النقل والفندقة والخدمات لاكتساب خبرة مباشرة في تسيير أحداث ذات طابع دولي، وهو ما منح بلادنا تجربة نوعية ستعزز حظوظها في إنجاح معرض التجارة البينية الإفريقية.
إن النجاح اللوجستي والتنظيمي الذي حققته الجزائر في استضافة المواعيد الدبلوماسية والاقتصادية الكبرى – على غرار القمم العربية، الألعاب الرياضية، قمة الغاز – والتحضير لمعرض التجارة الإفريقي، لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة استثمار متواصل في البنى التحتية، واعتماد على الرقمنة، وتنسيق فعّال بين مختلف الفاعلين. وهو ما وضع الجزائر في موقع متميز على خارطة الفعاليات الدولية، وفتح أمامها آفاقاً لتكون وجهة رائدة في تنظيم المؤتمرات والمعارض.
وقد نجحت الجزائر في تأمين قمم حساسة بحضور عشرات القادة العرب والدوليين والأفارقة، بفضل خطة متكاملة جمعت بين التنظيم واللوجستيك والأمن، حيث أثبتت كفاءة عالية في إدارة الحشود. وقد انعكس ذلك واقعياً وبشهادة الضيوف الذين أشادوا بالتنظيم وأبدوا إعجابهم بجمال الجزائر وتنوعها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025
العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025
العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025