يوظف « الخيال الجامع» والدعاية المفضوحة لتمرير المخططات التوسعية

الاحتــلال المغربــي يحترق بنيران المقاومــة والحقيقة

علي مجالدي

منصوري: تسويــة النـزاع عـبر بيــانات يصدرهـا أصحـاب المصــالح..غير ممكنـة

زغدودي: قضية الصحراء الغربيـة امتحـان حقيــقي لضمـــير المجتمــع الدولــي

في مداخلة أثارت الكثير من الجدل والدهشة داخل أروقة الأمم المتحدة، جدّد المخزن طرح مزاعمه حول السيادة المزعومة على الصحراء الغربية، في إطار اجتماع لجنة تصفية الاستعمار (اللجنة الرابعة)، محاولًا تقديم ملف الاحتلال بلباس قانوني يخالف حقائق التاريخ والشرعية الدولية.

في المقابل، جاء الرد الجزائري مدعومًا بالحجج القانونية والتاريخية، حيث أكد ممثل الجزائر الدائم المساعد لدى الأمم المتحدة، توفيق العيد كودري، أن ما ورد في خطاب الوفد المغربي لا يعدو أن يكون محاولة جديدة لتحريف وقائع معروفة، وفرض أمر واقع يتعارض كليًا مع مبادئ تصفية الاستعمار وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وأشار كودري بوضوح إلى أن المغرب يسعى إلى إعادة إنتاج سردية استعمارية لا يمكن القبول بها في إطار القانون الدولي، ولا تنسجم مع القرارات الأممية الصادرة منذ أكثر من أربعة عقود بشأن الصحراء الغربية.
وخلال جلسة الثلاثاء الماضي، لم يكن رد نائب المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السيد توفيق العيد كودري، مجرد رد تقني على ما ورد في المداخلة المغربية، بل جاء بمثابة تفكيك ممنهج لسردية تجهد منذ عقود لتثبيت «وهم السيادة» على أرض لم تكن يوماً جزءًا من الكيان المغربي، لا تاريخًا ولا قانونًا. بصيغة تجمع بين السخرية السياسية والدقة القانونية، حيث شبّه كودري خطاب الوفد المغربي بكتاب خيالي يُعَلِّم «كيف تصبح مستعمرا شاطرا في أقل من خمسين عامًا»، مضيفًا أن ما قيل لا يرقى حتى إلى مستوى صفحة الكلمات المتقاطعة، في إشارة إلى سطحية الحُجج التي يُبنى عليها الادعاء المغربي.
وبوجهة نظر أكاديمية لا تقل وضوحًا، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور منصوري عبد القادر، في تصريح لـ»الشعب»، أن المغرب «لم يغادر بعد منطق الدولة التوسعية التي توظف الدبلوماسية كسلاح ناعم لاستكمال مشروع احتلال بدأ مع انسحاب إسبانيا، وتعمّق عبر صفقات تتجاهل إرادة الشعب الصحراوي».
ويؤكد الدكتور منصوري أن النزاع لا يمكن تسويته عبر بيانات سياسية صادرة عن عواصم تبحث عن مصالحها، بل بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، كما تنص عليه كل قرارات الشرعية الدولية.
من جانبه، يوضح الدكتور زغدودي محمد المختص في الدراسات الأمنية الدولية في تصريح لـ»الشعب»، أن المغرب لم يكتف باحتلال الإقليم سياسيًا، بل يذهب أبعد من ذلك في استغلال ثرواته الطبيعية، من الفوسفات إلى الثروة البحرية بشكل غير قانوني، وهو ما جعل العديد من الهيئات الدولية والقضائية الأوروبية، تُسقِط شرعية الاتفاقيات الاقتصادية التي تشمل أراضي الصحراء الغربية. ويضيف زغدودي أن قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير بشأن إلغاء اتفاقيات الشراكة مع المغرب بسبب شمولها الصحراء الغربية بدون موافقة سكانها، يشكل صفعة قانونية واضحة لسياسة التوسع والنهب.
بالإضافة إلى ذلك، تظل الشرعية الدولية واضحة في موقفها، إذ تصنف الأمم المتحدة الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وتبقي على بعثة المينورسو كدليل دامغ على أن الملف لم يُغلق. أما محكمة العدل الدولية، فقد فصلت منذ عام 1975 بعدم وجود أي روابط سيادية بين المغرب والإقليم، مما يجعل أي تواجد مغربي فيه موضع مساءلة قانونية، لا تزكية سياسية.
ومع أن الزمن يمر، فإن جوهر القضية لم يتغير: شعبٌ يسعى نحو الحرية، واحتلال يسعى إلى تثبيت الأمر الواقع بالدعاية والإنكار. وبين هذا وذاك، تبقى الجزائر وفية لموقفها، لا من منطلق نزاع إقليمي، بل انطلاقًا من قناعة مبدئية بأن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن الشرعية لا تُصنع في الكواليس، بل تُبنى على احترام إرادة الشعوب، وفي النهاية، ستبقى قضية الصحراء الغربية امتحانًا لضمير المجتمع الدولي، ومدى قدرته على الوقوف إلى جانب مبادئه، لا إلى جانب من يملك القدرة على تغليف الاحتلال بلغة الدبلوماسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025