الجيــش الوطنــي الشّعبــي..كفــاءة عاليــة في الدّفــاع عــن السّلــم والسّــلام
العقيــدة النّوفمبريـــة عنـوان السّيــادة ومفتـــاح القـــوّة والصّمـــود
جاهزية قتاليــــة..احترافيــة ونموذج في اليقظـــة إقليميـــّا ودوليــــّا
صــون الحــدود الوطنيــة مهمّــة مقدّســة..واجــب وطنــي والتــزام بعهــد الأبــرار
يكتسب الجيش الوطني الشعبي مكانة خاصة في قلوب ووجدان الشّعب الجزائري، كونه سليلاً لجيش التحرير الوطني الذي خاض ثورة عظيمة ومعركة وجودية ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، ولقّنه درسًا في فنون الحرب، وهزمه شر هزيمة في ساحات الوغى، ودفع ملايين الشهداء في سبيل نيل حرية مضرجة بالدماء، واستقلال نفيس لا يقدّر بثمن من أجل أن تحيا الجزائر الموحدة سيّدة وشامخة بتاريخها وحضارتها العريقة بين الأمم.
تعتبر المؤسّسة العسكرية في الجزائر ركنًا أساسيًا من أركان الجمهورية، وجهازا مقتدرًا ضامنًا لقوتها واستقرارها وهيبة جانبها، وحافظًا أمينًا لمقدراتها ومؤسساتها وحدودها، وداعمًا وفيًّا لا يتوانى في صون منجزاتها التنموية الكبرى، ومسايرة تطلعاتها الاقتصادية ومشاريعها القومية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأدّى الجيش الوطني الشعبي منذ الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية عام 1962، واجبه الدستوري بكفاءة عالية، وحافظ على أعلى درجات اليقظة والجاهزية القتالية لصدّ المؤامرات التي طالت بلد الشهداء، لاسيما خلال العشرية السوداء ومكافحة الإرهاب الهمجي، وخرج ظافرًا منتصرًا من كل المعتركات، وكان له الفضل في حماية الجمهورية ومؤسّساتها من الدسائس الداخلية والخارجية.
وظلّ السليل على مدى العقود الماضية، وفيًّا لمبادئ بيان ثورة أول نوفمبر 1954 الخالدة في التاريخ، مواكبًا مستجدات وتحديثات الفضاء العسكري الدولي على جميع الأصعدة تقنيًا وتسليحيًا وتدريبيًا، وأخذ بموجبات التكوين العصري وأسباب القوة والاحترافية حتى تبوّأ اليوم مراتب الصدارة قاريًا وإقليميًا في تصنيفات أقوى جيوش العالم.
وفي إطار رفع الجاهزية القصوى والكفاءة العالية لأفراده، يسهر الجيش الوطني الشعبي على تنفيذ تمارين بالذّخيرة الحية من حين إلى آخر لكل وحداته البرية والجوية والبحرية، على غرار تمريني “صمود والحصن المنيع 2025”، اللّذين قام بهما بنجاحٍ باهرٍ في نهاية شهر ماي الفارط، بإشراف الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أوّل السعيد شنقريحة، وهو ما رسّخ بالدليل الواضح قوّة ردع إقليمية إستراتيجية جبّارة لدى السليل، أبان فيها عن قدرات متعاظمة للوحدات المقاتلة، ودقّة تصويب لا متناهية، وسرعة فائقة في تنفيذ المهام الحربية الموكلة في كل ظروف المعركة الحقيقية، وما يطرأ عليها من مستجدات اشتباك تقنية وتكنولوجية.
درع الوطن صمّام الأمان
يؤكّد رئيس منظمة الوحدة الجزائرية من أجل الأمن والسلم المدني، شابو فوزي، أنّ الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، ظلّ منذ الاستقلال في 5 جويلية 1962، حاملاً لراية السيادة والكرامة، وحافظ على أمانة الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال، الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
وقال شابو فوزي في اتصال مع “الشعب”، إنّ الجيش الجزائري لم يكن مجرد مؤسسة عسكرية حكومية، بل كان وسيبقى صورة حية عن تضحيات ملايين الشهداء من أبناء هذا الوطن الكبير؛ لأنه انطلق من رحم الشعب ومعاناته في حقبة الاحتلال، وناضل في الجبال والتلال والوديان والصحاري لتحرير البلاد من نير الاستعمار، ووضع اللبنات الأولى لمؤسسات الجمهورية خلال حرب التحرير وبعد الاستقلال، ودافع بعقيدة نوفمبرية عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية.
وأوضح شابو أنّ الهدف الأول بعد الاستقلال، ارتكز على بناء مؤسّسة عسكرية وطنية محترفة، ذات كفاءة واحترافية عالية، قادرة على حماية الوطن ووحدته من كل الأخطار، الظاهرة منها والخفية.
وتابع فوزي: “لقد شهد الجيش الوطني الشعبي مسيرة حافلة من الإنجازات والانتصارات، والتطور العملياتي النوعي والشامل على جميع المستويات التنظيمية، والتدريبية، واللوجستية، وتم إنشاء مدارس عسكرية ومعاهد عليا لتكوين الضباط والإطارات، واقتناء أحدث المعدات والأسلحة في العالم، وتوسيع شبكة التعاون العسكري مع العديد من الدول الصديقة والحليفة. وفي حاضرنا، صار السليل من أقوى الجيوش في المنطقة والقارة الإفريقية، بفضل جاهزيته العالية، واحترافيته، وتحديث وسائله الدفاعية والردعية بشكل متواصل”.
ولعلّ أبرز ما يُسجَّل للجيش الجزائري هو قدرته الفائقة على حفظ الاستقرار والأمن في البلاد، خاصة خلال مراحل التحول الصعبة، على غرار العشرية السوداء ومكافحة الإرهاب في نهاية القرن العشرين، حيث شكّل درعًا واقيًا للجمهورية، ووقف سدًا منيعًا ضد التطرف العنيف، مع حماية مؤسسات الدولة الدستورية، وصون وحدة الشعب وتلاحمه، وفقًا للمصدر ذاته.
ولم تكن هذه الصلابة والغلبة والمكانة لتتحقّق، بحسب محدثنا، لولا وفاء الجيش الوطني الشعبي لأمانة الشهداء، الذين أرادوا لجزائر ما بعد الاستقلال أن تكون قوية ومهابة وسيدة ومستقلة القرار، مشيرا إلى أن كل جندي وضابط وإطار عسكري، ما هم إلا امتداد لشهيد سقت دماؤه الزكية حياض هذه الأرض الطاهرة، أو مجاهد فذّ حمل السلاح مكافحا في سبيل الله والوطن.
إلى ذلك، أشاد رئيس منظمة الوحدة الجزائرية من أجل الأمن والسلم المدني، شابو فوزي، بالدور المحوري الذي يقوم به الجيش الوطني الشعبي في إرساء الاستقرار والأمن عبر كل ربوع الوطن الحبيب، وحماية الحدود من كل الآفات الإجرامية، ودعم مسار التنمية الاقتصادية الوطنية، وتقديم يد العون للمواطنين في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية، وكذا التوجه نحو رفع احترافية الوحدات من خلال التكوين العصري، والتمارين بالذخيرة الحية، وتحسين الأداء العملياتي باستمرار، وفق إستراتيجية محكمة سمحت للجزائر بالحفاظ على وحدتها وسيادتها، وردع كل من تسول له نفسه التفكير بالمساس بمؤسساتها ورموزها ومقدراتها، وما زال بذكاء شديد وجهدٍ دؤوبٍ يُواكب أحدث التطورات التكنولوجية العسكرية، خاصة في هذه المرحلة المشرفة على تغيّرات معقّدة يفرضها نظام عالمي لا يعترف إلاّ بالقوي.
الجيــش الوطني الشّعبي.. القـوّة الضــّاربـــة
من جهته، أفاد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عمار ثليجي في ولاية الأغواط، البروفيسور علي بقشيش، أن الجيوش تكتسب شرعيتها من تاريخ نشأتها وتركيبتها الاجتماعية، ومساهمتها في تاريخ بناء أوطانها، وقوة الدولة من قوة جيشها المهاب من الأعداء.
وأبرز البروفيسور علي بقشيش في تصريح أدلى به لـ “الشعب”، أنّ الجيش الوطني الشعبي ورث عن جيش التحرير الوطني تاريخًا حافلا بالبطولات العسكرية والمآثر العظيمة، وكانت نواته وما زالت مكوناته من كل الفئات والطبقات الاجتماعية المرتبطة بقضايا الوطن وهمومه، فلم يكن أبدا قوة للنبلاء والسلاطين، وإنّما جيشا شعبيا تأسّس ليدافع عن البلاد في وقت المحن، وصدّ كل عدوان خارجي.
وبحسب بقشيش، كان جيش التحرير الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني، والسند الداعم لكل تحرك سياسي أو تفاوضي إبان حرب التحرير الكبرى، ولم ترضخ فرنسا العسكرية للمفاوضات إلاّ بعد أن ألحق بها جيش التحرير الهزيمة تلوى الأخرى في ميادين الشرف، ولم تتوقف مهمته بمجرد إعلان الاستقلال، بل عمل قادة الثورة المظفرة على إعادة بناء جيش شعبي عصري أكثر تنظيمًا واحترافية، ورافق كل مراحل التشييد والبناء التي عرفتها الجزائر المستقلة.
وإلى جانب مهامه الدفاعية عن البلاد كصد العدوان المغربي على الحدود الغربية عام 1963، واصل مهامه الفعّالة بالمشاركة في إنجاز برامج التنمية الوطنية كبناء القرى الفلاحية والسد الأخضر وشق الطرق، ومسايرة مشروع الثورة الزراعية في سبعينيات القرن العشرين وغيرها من المساهمات النوعية للسليل، يذكر المتحدث.
كما تعزّز الطابع الشعبي للجيش الجزائري - أضاف بقشيش - بقانون الخدمة الوطنية الذي صدر عام 1969، والذي سمح بانخراط كل أفراد الشعب في هذه المؤسسة الجمهورية العريقة، حيث ترسّخت عقيدته على مبدأ الوفاء للشهداء والدفاع عن التراب الوطني، وحفظ وحدته وسلامته دون التدخل في شؤون الآخرين.
وأردف يقول: “كانت للجيش الوطني الشعبي مواقف جدّ مشرفة في الحروب العربية، ولبّى النداء في كل مرة، وما مشاركته في حرب أكتوبر 1973 ضد الكيان الصهيوني إلا خير دليل. ومع تضخّم المخاطر والتهديدات الأمنية على الجزائر، أدرك قادة البلاد ضرورة عصرنة المؤسسة العسكرية وتسليحها بأحدث المعدات والأجهزة الحربية في العالم، والعمل على رفع جاهزيتها باستدامة حتى تكون قوة رادعة وضاربة في المنطقة يحسب لها ألف حساب”.
الجيش الجزائري بما اكتسبه اليوم من خبرة تراكمية في الميدان، خاصة ما تعلق بمكافحة ظاهرتي الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة الحدود، أصبح مدرسة عالمية في مجابهة وتقويض مثل هذه الآفات الإجرامية المهدّدة لاستقرار مختلف الدول، يختم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عمار ثليجي في ولاية الأغواط، البروفيسور علي بقشيش.