التـزام تاريخـي ودائــم بالقوانين الدوليـة

الجزائـر المنتصـرة..الأمـن والأمـان حق الإنسـان

ع . محمود

 لا تراجع في الدّفاع عن حقوق الشّعوب المظلومة  

الانتصار للسّلام..عقيدة جزائرية راسخة لا تحول ولا تزول

تلعب الجزائر دورًا محوريًا في الدفاع عن القضايا العادلة وحقوق الشعوب المضطهدة، مستندة في ذلك إلى مبادئها الثابتة المستمدة من تجربتها المريرة مع الاستعمار الفرنسي الغاشم. هذه التجربة رسّخت في وجدان الأمة الجزائرية إيمانًا راسخًا بضرورة إنهاء كافة أشكال الظلم والاضطهاد، وهو ما يتجلى بوضوح في نشاطها الدبلوماسي، لا سيما داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

 لطالما كانت الجزائر صوتًا قويًا للمظلومين، مدفوعة بتاريخها النضالي ضد القهر الاستعماري. فالأضرار الفادحة التي لحقت بالجزائريين من الاستعمار الفرنسي من مصادرة للأراضي، وتدمير للهوية الثقافية، ونهب للثروات، وقمع وحشي، جعلت منها مدافعًا شرسًا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وسيادتها. هذا الإرث النضالي هو المحرك الأساسي لمواقف الجزائر الثابتة في المحافل الدولية، حيث لا تتردّد في رفع صوتها عاليًا ضد أي انتهاك للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.
في هذا السياق، يبرز الدور الجزائري في مجلس الأمن كنموذج عملي لالتزامها بهذه المبادئ. وقد تجلى ذلك بوضوح في موقفها من حرب الإبادة بفلسطين وغزة تحديدا، ففي إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول “الوضع في الشرق الأوسط - بما في ذلك قضية فلسطين”، بناءً على طلب من الجزائر وسلوفينيا، شدد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، على ضرورة تحرك المجلس “بشكل حازم” للمحافظة على مصداقيته وفرض وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
لقد كشف السفير بن جامع بوضوح عن الاستخدام المتعمد للتجويع كسلاح حرب من قبل الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أنّ قرارات مجلس الأمن تحظر صراحة هذا الفعل، واصفًا ما يحدث بـ “جريمة حرب”، وقد قدّم أرقامًا صادمة عن الوضع الإنساني المتدهور، حيث أشار إلى أنّ 96 بالمائة من سكان غزة يواجهون أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي، مع وصول عدد محدود جدًا من الشاحنات الإغاثية مقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل 7 أكتوبر 2023. كما سلط الضوء على استهداف الطواقم الإنسانية وتدمير مقرات الأونروا التي تُعد حجر الأساس للعمل الإنساني في القطاع، مؤكّدًا أن رغبة السلطات الصهيونية في تفكيك الأونروا تهدف إلى محو رمزية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم غير القابلة للتصرف.
إنّ هذا الموقف الجريء لا يقتصر على تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية فحسب، بل يمتد ليشمل رفض الجزائر القاطع لفكرة أن “القوة العسكرية ستجلب الأمن والاستقرار”. فقد أكّد بن جامع أن الاحتلال لن يدوم، وأن الأمن في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة وإنهاء احتلال الأراضي العربية. كما فنّد ادعاءات الاحتلال بأن عملياته تستهدف “مجموعات مسلحة”، مشددًا على أنها “حرب ضد الشعب الفلسطيني نفسه”، ومستنكرًا التوسع الوحشي للاحتلال ليشمل لبنان واستمرار النشاط الاستعماري غير القانوني في الضفة الغربية.
وأمام هذه الممارسات، وجّه السّفير بن جامع انتقادًا لاذعًا للمجتمع الدولي على “غض الطرف والتزامه الصمت إزاء جرائم الكيان الصهيوني”، معتبرًا أنّ هذا الصمت “قد تحوّل إلى أكثر من مجرد تواطؤ، بل إلى مشاركة ناشطة في هذه الجرائم”. هذا الموقف الصارم يعكس التزام الجزائر التاريخي والدائم بالعدالة الدولية، ورفضها الصريح لازدواجية المعايير.
في الختام، يظل دور الجزائر في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، عميق الجذور في تاريخها النضالي ضد الاستعمار. إنّ نشاطها الدؤوب في مجلس الأمن، كما يتضح من مداخلات ممثّلها الدائم، يؤكد أن الجزائر ليست مجرد مراقب، بل هي فاعل أساسي يسعى بجدية للمساهمة في بناء عالم أكثر عدلاً وإنصافًا، ملتزمة بمبادئها التي صقلتها سنوات طويلة من الكفاح من أجل الحرية والكرامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025