كشفت الرياضية وسفيرة النوايا الحسنة لدى اليونيسيف سليمة سواكري لـ «الشعب» على هامش الندوة التي نظمتها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث لإحياء ذكرى توقيع الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل عن تسجيل أكثر من ربع أطفال الجزائر ضحايا سوء المعاملة، ٨٠ بالمائة منها تتعلق بالاعتداءات في المحيط الأسري «زنا المحارم» داعية إلى سن قانون موحد يحمي البراءة من مختلف الانتهاكات.
وفي هذا الإطار حاولت «الشعب» تسليط الضوء على واقع الطفل الجزائري في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية وتطور وسائل الاتصال في حديث لها مع سليمة سواكري الناشطة في هذا المجال والمعينة مؤخرا كممثلة المجلس العلمي لمرصد حقوق الطفل.
- «الشعب» بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ ٢٣ لمصادقة الأمم المتحدة على معاهدة حقوق الطفل والتي صادقت عليها الجزائر سنة ١٩٩٢، ماذا يمكن أن تقولي في هذا المقام كونك سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونيسيف؟
@@ سليمة سواكري: إحياء المناسبة يعد فرصة لتقييم وضعية الطفل في الجزائر بناء على هذه الاتفاقية ومدى تطبيق مضمونها على أرض الواقع، في وقت تشهد فيه بعض الظواهر الاجتماعية على غرار أطفال الشوارع والمجهولين الهوية انتشارا فضيعا في مجتمعنا الجزائري حيث تم تسجيل ٢٠ ألف طفل دون مأوى ولا يستفيدون من أية رعاية بسبب خلافهم الأسري، أما مشكل الأطفال مجهولين الهوية فتبقى المعالجة السرية لها من طرف السلطات العمومية تعيق إيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة التي تعرف تزايدا كبيرا حيث يتم تسجيل مابين ٣ آلاف و٥ آلاف طفل سنويا، وهذا ما يستدعي إيجاد حلول فعالة من خلال توسيع مفهوم التربية الجنسية وتسهيل إجراءات الكفالة وكذلك العمل على تحديد الهوية عن طريق فحص الحمض النووي.
- يلاحظ انتشار ظاهرة التدخين وسط صغار السن دون رادع؟
@@ نعم هذه الظاهرة تعرف انتشار كبيرا بل وتعداه إلى تعاطي المخدرات حيث أن أكثر من ٢٥ بالمائة من الشباب التي تتراوح أعمارهم بين ١٢ سنة و١٦ سنة وقعوا ضحية هذه الآفة في حين أن ٣ بالمائة يتعاطونها بصفة دائمة علما انه قد تم حجز أكثر من ٧٠ طن من المادة السامة خلال السداسي الأول لسنة ٢٠١٢ وذلك بالرغم من المجهودات المبذولة غير أنها غير كافية من أجل محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.
- كيف تصفين وضعية الطفل الجزائري خلال السنوات الأخيرة؟
@@ وضعية الأطفال في الجزائر مختلفة تماما عن التي عاشها الأطفال منذ ٥٠ سنة من الاستقلال أين كانت هذه الفئة محرومة من مختلف حقوقها إلا أن الأطفال الآن أصبحوا يستفيدون من العلاج والتربية ولا يموتون من الجوع حيث تم إحصاء مايقارب ١٠٠ بالمائة من الأطفال الذين يبلغ سنهم ٦ سنوات مسجلين في المدارس و٩٠ بالمائة منهم في الطور الابتدائي، أما في المجال الصحي فلا يمكن أن ننكر التقدم الذي أحرزته الدولة حيث عرفت نسبة الوفيات انخفاضا كبيرا لدى الأطفال دون ٥ سنوات وكان هذا التدني بنسبة أكبر لدى الفئة التي تقل أعمارها عن السنة الواحدة وهذا اعتبره مكسبا كبيرا للجزائر ما جعلها تحتل المرتبة ٦٩ عالميا فيما يخص نسبة الوفيات لدى الأطفال دون الـ ٥ سنوات، أما فيما يتعلق بالأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة تبقى نسبة الوفيات تقدر بـ ٢٥ حالة من كل ١٠٠٠ طفل وهذا ما يضعنا في المرتبة ١٤١ دوليا قبل مصر وتونس وسوريا وإيران.
أما فيما يتعلق بنسبة سوء التغذية فتقدر بـ ١٨ بالمائة لدى الأطفال دون ٥ سنوات ومن خلال هذه النسبة نحصي ١٠٦ ألف طفل مصاب بفقدان الوزن و٣٢٠ ألف يعانون من تأخر في النمو و٨٣ ألف ضحية عدم القدرة على النمو، وبالتالي فإن هذا التحقيق اثبت تحسنا ملحوظا مقارنة بالذي سبقه في سنة ٢٠٠٠ والذي اظهر أن نسبة سوء التغدية كانت تقدر بـ ٢٨ بالمائة لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ٥ سنوات ما يعادل ٨٥٠ ألف طفل.
- ما هي المشاكل التي لا تزال تعترض الطفل الجزائري؟وهل توجد قوانين تحمي الطفولة؟
@@ عمالة الأطفال تبقى من أثقل ملفات الطفولة في بلادنا حيث يقدر عدد الأطفال الذين يعملون بصفة دائمة والذين غادروا مقاعد الدراسة بأكثر من ٣٥٠ ألف وقد تم تسجيل حالات خطيرة لتشغيل الأطفال دون السن القانوني، وبالرغم من قلتها إلا أنها تتطلب فحصا معمقا خاصة فيما يتعلق بالعمل الليلي لا سيما الذين يتم استغلالهم في شبكات الدعارة، إلى جانب ظهور مشاكل جديدة من نوع آخر ذات أهمية كبيرة بسب غياب قانون للطفولة وكذا هيئة وطنية مكلفة بمتابعة الأطفال ، ما يستدعي تجاوب الجهود المبذولة مع هذه التطورات.
ودعوني أشير إلى أمر مهم وهو أوقات الفراغ عند الأطفال في الجزائر والتي لا تستغل بطريقة عقلانية إضافة إلى انعدام التاطير والتوجيه من قبل الأشخاص الأكبر سنا وهذا ما يجعلهم عرضة للآفات الاجتماعية ومختلف أشكال الانحراف والتورط في العنف حيث أن ١٥ ألف طفل يمثلون أمام محاكم الأحداث سنويا ولهذا ينبغي على الأسرة والمدرسة ودور الشباب والجماعات المحلية المشاركة في إيجاد حلول لمساعدة الأطفال على استغلال أوقات فراغهم.
وفيما يتعلق بالترسانة القانونية ندعو إلى ضرورة سن قانون موحد خاص بالطفل الجزائري، يحفظ حقوقه ويحميه من مختلف الانتهاكات التي يتعرض إليها يوميا وكذا العمل على تطابق القوانين الوطنية مع الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل.
- فيما يخص الأحداث الدامية التي تعيشها غزة الفلسطينية، ما تعليقك في هذا الشأن؟
@@ما يحدث في غزة منذ أسبوع هو انتهاك فضيع ضد الإنسانية لا يجب السكوت عنه لاسيما وان أكثر الضحايا الذين سقطوا نتيجة للهجمات الإسرائيلية ما يستدعي إيقاف هذا العدوان في اقرب وقت قبل تحوله إلى كارثة حقيقية ومن ثم يتعين على المجتمع الدولي إيقاف هذه المجزرة ضد المدنيين وإنقاذ الأطفال الذي حمتهم مختلف التشريعات الدولية والأممية والتي انتهكتها الآلية الإسرائيلية دون مراعاة لأي شرعية، وهو ما جعل الأطفال في فلسطين يتساءلون ما هو ذنبهم وهل كان لهم خيار غير فلسطين.