أكد البروفيسور سالم أقاري أن الجزائر حققت العديد من المكاسب والإنجازات، سواء على المستويين الداخلي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وخارجيا من خلال تعزيز مكانتها الدولية والاقليمية من خلال الثوابت الراسخة لديبلوماسيتها تجاه القضايا العادلة في عالم يشوبه التحول والتغيير، بتضافر جهود أبنائها جيشا وشعبا بالرغم من التحديات الداخلية والخارجية التي شهدتها منذ الاستقلال وإلى حد الآن.
عدّد الأستاذ بجامعة الحاج موسى أخاموك بتمنغست، المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سالم أقاري في حديثه لـ«الشعب”، مكاسب وإنجازات الجزائر على مدى 63 سنة من الاستقلال، مسلطا بذلك الضوء على أهم ما تم تحقيقه في شتى المجالات والميادين.
فعلى المستوى الاجتماعي، يؤكد سالم أقاري بالرغم من التخلي عن النظام الاشتراكي المنتهج عشية الاستقلال بالنظر لعدة اعتبارات وتبني نظام اقتصاد السوق إلا أن الجزائر ما تزال تحافظ على الطابع الاجتماعي للدولة القائم على توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية بتغطية شاملة لجميع الفئات العاملة وغير العاملة منها ودعم طلبة العلم في مختلف المراحل كما تتبنى الجزائر في ذات الإطار العديد من القوانين ذات العلاقة بالحق في الحصول على الحماية من المخاطر اجتماعية كانت أو اقتصادية سواء في مجال الصحة والبطالة والعمل آخرها قانون منحة البطالة والمحدد بالمرسوم التنفيذي رقم 22-70 القاضي بتأسيس منحة البطالة الموجهة لدعم الشباب الباحث عن العمل وكذا قانون حماية المرأة العاملة، من خلال تمديد فترة الأمومة إلى خمسة أشهر بدل ثلاثة أشهر ونصف.
أما على المستوى الاقتصادي، يضيف المتحدث فقد حققت الجزائر الكثير من المكاسب سواء في المؤشرات الكلية الخارجية للاقتصاد الجزائري أو على مستوى المؤشرات الكلية الداخلية لتصنف من طرف الصندوق الدولي في المرتبة الثالثة ضمن أهم اقتصاديات افريقيا للعام 2024.
وفي سياق متصل، تطرق سالم اقاري إلى المؤشرات الداخلية، والتي عملت الجزائر على تطوير عديد البنى التحتية الموجهة للاستثمار وتحسين المناخ الاستثماري بعديد القوانين كالقانون رقم 22-18 المتعلق بالاستثمار، والذي ينظم الاستثمار وحقوق المستثمرين وإلتزاماتهم والأنظمة التحفيزية المطبقة على الاستثمارات في الأنشطة الاقتصادية ولضمان الشفافية في الاستثمار حددت الجزائر بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 22-296 تشكيلة اللجنة العليا الوطنية للطعون المتعلقة بالاستثمار.
كل هذه الجهود وغيرها، يقول المتحدث سمحت للناتج المحلي للجزائر، حسب صندوق النقد الدولي بتسجيل 2689.9 مليار دولار سنة 2025 وهو نتاج السياسات القائمة على تنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات بالاعتماد على الحركية في القطاع الفلاحي.
أما بخصوص مستوى المؤشرات الاقتصادية الخارجية، يؤكد سالم أقاري أن الجزائر أضحت منذ الاستقلال لاعبا هاما في السياسة الطاقوية على المستوى الدولي باعتبارها عضوا مؤسسا في منظمة الأوبك وتمتلك احتياطات كبيرة من النفط والغاز وتلعب دورا محوريا في سوق الطاقة العالمية، وقد تعزز هذا الدور بالنظر إلى الأحداث الأخيرة التي يشهدها العالم في خضم الحرب الروسية الأوكرانية وهو ما سمح لها بتسجيل إرادات من النفط والغاز قدرت بـ 34 مليار دولار.
وللجانب الديبلوماسي مكاسب إنجازات، يضيف المتحدث أين عززت الجزائر دورها كلاعب رئيسي في قضايا السلم والأمن الاقليمي والدولي ونجاحها في الوساطات وحل النزاعات وتوسيع نطاق شراكتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم فالجزائر ومن خلال مبادئ سياستها الخارجية الراسخة منذ الاستقلال كعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول وفض النزاعات الدولية بالطرق السلمية والحفاظ على الوحدة الترابية للدول حققت الحضور الدائم على المستوى الدولي والقاري كدولة داعية للتعايش السلمي بين الدول ومستضيفة للعديد من الوساطات الدولية لحل الأزمات الدولية بالحوار بعيدا عن العنف والتدخل الخارجي فالجزائر منذ الاستقلال لم تتوقف عن دعم القضايا العادلة والتذكير بمواقفها الداعمة والهادفة إلى جلب التأييد والالتفات الدولي لهذه القضايا، على غرار القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية كآخر مستعمرة في القارة الافريقية.
هذا الإنجاز والعمل كان له انعكاس على مستوى المؤسسات الدولية والقارية يضيف سالم أقاري، فقد افتكت الجزائر عضوية غير دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث قادت العديد من الملفات الهامة كملف مكافحة الإرهاب والدفاع عن القضايا المفصلية في سياستها الخارجية وتعزيز التعاون الإفريقي.
ليخلص البروفيسور سالم أقاري، إلى بعض ما تحقق على المستوى القاري، فالجزائر تستضيف العديد من المؤسسات التابعة للاتحاد الإفريقي ما يجعلها حاضرة في قلب اهتمامات القارة كمؤسسة الافريبول والمركز الافريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب وآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون في مكافحة الإرهاب كما أنها نجحت في حل العديد من النزاعات الافريقية كالنزاع الاثيوبي الارتيري وشاركت في تصميم أجندة 2063 والتي تمثل خارطة طريق لتحقيق رؤية افريقية متكاملة.