حرب تقف وراءها قوى الشر عبر الحدود الغربية والجنوبية.. رئيس الجمهورية:

محاربة الجزائر لسلاح المخـــدرات.. قضيـة أمــــــن قــومـي

علي مجالدي

 

 مؤامرة لإضعاف الأجيال الشابة وكسر منظومة القيم الاجتماعية ^ اعتماد مقاربة شاملة لصدّ الظاهرة تبدأ بالتوعية والمتابعة والعلاج وتنتهي بالردع
في خضم التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها الجزائر، برزت قضية تهريب وتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية كسلاح خفي تستخدمه ما وصفها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بـ «قوى الشر» في حرب غير معلنة تستهدف البلاد. وتهدف هذه الحرب إلى إضعاف الأجيال الشابة وكسر منظومة القيم الاجتماعية التي تتمسك بها الجزائر.

أكد رئيس الجمهورية، لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، بأن الجزائر تتعرض إلى حرب غير معلنة ضدها سلاحها المخدرات بكل أنواعها وتستهدفها من حدودها الغربية والجنوبية تشنها «قوى الشر» لإضعاف أجيال من الشباب وكسر سلم القيم الاجتماعية الجزائرية الذي لاتزال بلادنا تقاوم للحفاظ عليه وتتشبث به.
وفي السياق، تؤكد التقارير الأمنية الجزائرية السنوية، أن الأمر لا يتعلق بظاهرة، وإنما بحرب حقيقية، وذلك بعد تصاعد محاولات تهريب المخدرات إلى الجزائر، خاصة عبر حدودها الغربية مع المغرب. ففي عام 2024، تمكنت وحدات الجيش الوطني من إحباط محاولات إدخال 36.8 طنًّا من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب، بالإضافة إلى توقيف 2621 تاجر مخدرات. وتعكس هذه الأرقام حجم التحدي الذي تواجهه البلاد في مكافحة هذه الظاهرة.
كما لا تقتصر آثار تهريب المخدرات على الجوانب الأمنية والاجتماعية فحسب، بل تمتد لتشمل الاقتصاد الوطني. حيث تتسبب تجارة المخدرات في خسائر مالية مباشرة وغير مباشرة، تشمل تكاليف مكافحة التهريب، والعلاج من الإدمان والخسائر الإنتاجية نتيجة تعطل القوى العاملة المدمنة. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي هذه التجارة إلى زيادة معدلات الجريمة، مما يستنزف موارد الدولة في مجالات الأمن والقضاء.
استهداف للشباب
يُعتبر الشباب الفئة الأكثر استهدافًا من قبل شبكات تهريب وترويج المخدرات، حيث يؤدي تعاطي المخدرات إلى تداعيات نفسية خطيرة، تشمل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الشخصية. كما يلعب الإدمان دورا كبيرا في تفكك الأسر، وزيادة معدلات البطالة، وانتشار الجريمة، حيث بينت إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت في الجزائر، أن 67% من الموقوفين في قضايا المخدرات سبق لهم ارتكاب جرائم، مما يشير إلى العلاقة الطردية بين تعاطي المخدرات وتفاقم الجريمة.
علاوة على ذلك، تتجاوز تداعيات تجارة وتهريب المخدرات الحدود الجزائرية لتصل إلى منطقة الساحل الإفريقي، حيث تستغل الجماعات الإرهابية هذه التجارة لتمويل أنشطتها، كما تُستخدم عائدات تهريب المخدرات القادمة من المغرب لشراء الأسلحة وتجنيد الأفراد، مما يساهم في زعزعة استقرار المنطقة. وأشارت تقارير للأمم المتحدة، إلى أن استمرار إنتاج وتدفق القنب من المغرب نحو دول الجوار والساحل، يسهم في تمويل الجماعات المسلحة ويهدد استقرار المنطقة ككل.
ونظرًا لارتباط تهريب المخدرات بتمويل الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي، يصبح التحرك الدولي ضرورة ملحة للضغط على الدول المنتجة لهذه السموم، خاصة المغرب، وتعزيز التعاون لمراقبة الحدود، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب وهي المقاربة التي تتبناها الجزائر منذ سنوات، بالاضافة الى دعم برامج التنمية في دول الساحل لتوفير بدائل اقتصادية للشباب، مما يقلل من احتمالية انخراطهم في أنشطة غير مشروعة، وهو ما تجسد بشكل فعلي من خلال الدعم التنموي الذي تقدمه الجزائر لدول الساحل.
وأمام هذا الواقع المعقد، دعا رئيس الجمهورية إلى اعتماد مقاربة شاملة لمحاربة ظاهرة المخدرات، تبدأ بالتوعية والمتابعة والعلاج، وتنتهي بالردع وتسليط أقصى العقوبات على تجار المخدرات، خاصة الصلبة منها. وتستند هذه الاستراتيجية إلى تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، والهيئات الصحية، والمؤسسات التعليمية، ومنظمات المجتمع المدني.
وأمر الرئيس تبون، بتعميق الدراسة والنقاش حول الاستراتيجية الوطنية ومشروع القانون الخاصين بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، كون مشروع القانون والاستراتيجية الوطنية للوقاية تعتبر قضية أمن قومي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19733

العدد 19733

الإثنين 24 مارس 2025
العدد 19732

العدد 19732

الأحد 23 مارس 2025
العدد 19731

العدد 19731

السبت 22 مارس 2025
العدد 19730

العدد 19730

الجمعة 21 مارس 2025