تعبئـــــــــة كافـــــــــة الموارد البشريـــــــــة واللوجستيـــــــــة لمواجهـــــــــة الوضـــــــــع ^ إشـــــــــراك المناطـــــــــق الأكـــــــــثر عرضـــــــــة للخطـــــــــر فـــــــــي وضـــــــــع الخطـــــــــط الوقائيـــــــــة
كثفت السلطات العمومية جهودها لمكافحة الجراد، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي شدّد على ضرورة التعامل مع الوضع بحزم وفعالية باتخاذ إجراءات استباقية صارمة لمكافحة أسراب الجراد على الحدود الجنوبية، وهي خطوة مهمة نظرا لما يمثله هذا الخطر من تهديد مباشر للأمن الغذائي، يقتضي الفطنة والتدخل المبكّر السريع، لتفادي خسائر بيئية واقتصادية محتملة.
استجابة للمستجدات المتعلّقة بظهور أسراب الجراد، في بعض المناطق الحدودية الجنوبية، وجّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس، تعليمات صارمة للحكومة بضرورة تفعيل خطة استباقية عاجلة واعتماد آليات مراقبة ورصد متقدمة لمنع انتشار الجراد إلى المناطق الزراعية الرئيسية.
وأمر الرئيس بتنسيق فوري للجهود بين مختلف الوزارات المعنية، خاصة وزارتي الفلاحة والدفاع الوطني، لضمان تدخل سريع وفعال، وتوفير المواد اللازمة، من تعبئة كافة الموارد البشرية واللوجستية لمواجهة الوضع، بما في ذلك تأمين كميات كافية من المبيدات وتعزيز فرق التدخل الميدانية.
وتشمل الإجراءات الوقائية رصد مبكّر ومستمر لتحركات أسراب الجراد باستخدام تقنيات حديثة كالطائرات المسيرة ونظام المعلومات الجغرافية، وتعزيز فرق التدخل الميداني، مع تزويدها بالمبيدات الفعالة والمعدات المتطورة لوقف تقدم الجراد في مراحله الأولى.
أما الاجتماع التنسيقي في ولاية نموذجية، فيعكس أهمية إشراك المناطق الأكثر عرضة للخطر في وضع الخطط الوقائية، والاعتماد على خبرات سكان الجنوب يراه مختصون قرارا حكيما، لأنّ هؤلاء السكان يمتلكون معرفة عميقة بالبيئة المحلية وسلوك الجراد في تلك المناطق، ما يُسهم في وضع خطة فعالة تستفيد من الخبرة العلمية والمعرفة الميدانية معا.
وتنفيذا لهذه التوجيهات، اتخذت الحكومة سلسلة من التدابير الفعّالة، من أبرزها تعزيز فرق المراقبة والتدخّل، حيث نشرت السلطات فرقا ميدانية متخصّصة في الولايات الجنوبية المعنية، على غرار إليزي، ورقلة، الوادي وبسكرة، لضمان التدخّل السريع عند رصد أي بؤرة انتشار للجراد، كما تم استخدام التكنولوجيات الحديثة، عن طريق نشر طائرات مسيرة لمراقبة تحركات أسراب الجراد بدقة، ما يسمح بتحديد مواقع التكاثر والتدخل الاستباقي.
بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد المكافحة الجوية المكثفة، حيث قامت طائرات تابعة لشركة “طاسيلي للطيران” ووزارة الدفاع الوطني بتنفيذ عمليات رشّ واسعة النطاق في المناطق التي شهدت ظهور الجراد، ووفّرت وزارة الفلاحة مخزون استراتيجي من المبيدات، قُدّر حسب وزير القطاع بأكثر من 1.2 مليون لتر من المبيدات، لضمان التدخل الفوري في المناطق المتضرّرة.
وأشرفت السلطات المحلية، على تنصيب لجان ولائية كلفت بمراقبة ومكافحة الجراد، في حين يشارك إطارات المحطات الجهوية للمعهد الوطني لحماية النباتات عن طريق لجان تقنية في رصد ومتابعة ومكافحة الجراد الصحراوي، وتنفيذ المخطط العملي للرصد والكشف المبكّر، على مستوى المحيطات الفلاحية عبر الولايات الجنوبية، كما تم تنظيم حملات توعوية لفائدة الفلاحين لتعريفهم بكيفية التعامل مع الظاهرة وطرق حماية محاصيلهم، وتقديم توصيات وإرشادات بخصوص مخاطر وتهديد هذه الآفة للمنتوجات الزراعية لاسيما في هذه المرحلة الربيعية والتبليغ عنها من أجل التدخّل في الوقت المناسب.
وفي هذا السياق، دعا عبد المجيد صغيري عضو المكتب التنفيذي لاتحاد المهندسين الزراعيين إلى زيادة الوعي بين المستثمرين الفلاحين في المناطق الجنوبية، والتواصل المباشر مع السلطات المعنية مثل مديريات المصالح الفلاحية والغابات والأمن، مشيرا إلى أنّ الظروف مواتية لظهور الجراد نتيجة الأمطار والرطوبة، ممّا يساعد على تكاثره وانتشاره بسرعة.
وأكّد في تصريح لـ “الشّعب” أهمية الحذر والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول خطورة هذه الآفة، وحثّ على المشاركة في الجهود الوطنية لمكافحة الجراد، موضّحا أنّ الجراد الصحراوي المهاجر، تصنفه منظمة الأغذية العالمية كأحد الآفات الخطيرة، ويتم رصد هذه الآفة بشكل يومي من قبل الدول الإفريقية ودول الساحل وشرق آسيا، حيث يتم استخدام الأقمار الصناعية والطائرات لمتابعة حركتها.
واعتبر الجراد الصّحراوي من الآفات الخطيرة لأنه يمكن أن يفتك بالمحاصيل الزراعية في وقت قياسي، حيث يمكن أن يصل عدد الجراد إلى 80 مليون حشرة في متر مكعب، ممّا يؤثر على حوالي 35.000 مواطن يوميا من حيث المحاصيل الزراعية.
وأبرز صغيري، أهمية التنسيق بين وزارة الدفاع والقطاعات المعنية، خاصة في حالات الطوارئ مثل الفيضانات والكوارث الطبيعية، مؤكّدا أنّ الجيش الوطني الشعبي يلعب دورا حيويا في هذه التدخلات، حيث يكون دائما في الطليعة لتقديم الدعم، خاصة وأنه يتحكم في التقنيات الحديثة مثل الطائرات دون طيار أو الدرون، وهذا ما سيضفي السرعة والدقة للقضاء على هذه الآفة.
وذكر صغيري، أنّ مخرجات اجتماع مجلس الوزراء، يعكس اهتمام السلطات العليا بحماية الحدود والمحاصيل الزراعية من المخاطر التي قد تؤثر على الأهداف المستقبلية للقطاع الفلاحي، ويؤكّد على أهمية هذا التنسيق في تسريع التدخّلات وزيادة دقتها في مواجهة الأزمات، كما شدّد على ضرورة وعي المواطنين وجميع الجهات المعنية بدورها الوطني في الحد من آثار الكوارث في مهدها، خاصة في المناطق الحدودية، لمنع وصولها إلى المناطق الشمالية.