الذكــــاء الاصطناعـــي والتكنولوجيـــا الماليـــة مستقـــبل الاقتصـــاد الوطنــــي
أكّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الأخير، أنّ الدولة ماضية في العمل من أجل تعميم الرقمنة، وذلك قبل نهاية السنة الجارية، معتبرا أنّ الاعتماد على نظم الرّقمنة والحواسيب من شأنه إضفاء طابع الشفافية على كل العمليات، وهو ما سيسهم -مثلما قال- في ضبط مصاريف الدولة.
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور هواري تيغرسي لـ “الشّعب”، أنّ اعتماد الرّقمنة يشكل خطوة جوهرية في إصلاح المنظومة الاقتصادية والمالية، مشيرا إلى أنّ التحول الرقمي لا يقتصر على تحديث البنية التحتية التقنية، بل يشمل إعادة النظر في العمليات والإجراءات بما يسمح بتحقيق أعلى درجات الأداء والابتكار، ويدفع عجلة التنمية نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
وأوضح المحلّل، أنّ أحد أبرز التحديات الراهنة تتمثل في تطوير منظومة الدفع الرّقمي وتوسيع نطاق الرّقمنة في القطاع المالي، حيث يعد تحسين السّوق المالية من خلال حلول رقمية متقدمة، أمرا مهما لتسهيل تدفّق الأموال والحدّ من المعاملات غير الرسمية، كما شدّد على أهمية إصلاح القطاع البنكي من خلال الاعتماد على الحلول الرّقمية للمساهمة في تقليص التكاليف، الحدّ من البيروقراطية، وتقريب الخدمات المالية أكثر إلى المواطنين.
وفيما يتعلّق بالإصلاحات الضريبية، أشار تيغرسي إلى أنّ نقص البيانات الدقيقة حول المكلّفين بالضرائب يشكّل عائقا أمام تحصيل الإيرادات الضريبية، والتي لا تتجاوز حاليا 30 بالمائة من المحقّقة، ومن هذا المنطلق فإنّ إنشاء قاعدة بيانات رقمية متكاملة سيمكّن من تحسين التحصيل الضريبي، وزيادة مداخيل الدولة لدعم اقتصاد البلاد.
كما شدّد على ضرورة رقمنة قطاع العقار الاقتصادي، السياحي، والفلاحي، لضمان الشفافية في توزيع واستغلال العقارات، وأكّد أنّ قطاع الجمارك يحتاج إلى إصلاحات رقمية جذرية لتسريع العمليات، تقليص البيروقراطية، وتحقيق مداخيل إضافية عبر ضبط السوق ومراقبة المعاملات التجارية بشكل أكثر دقة وشفافية.
وأضاف المحلّل الاقتصادي، أنّ التحول الرقمي في هذه القطاعات لن يساهم في تحسين المعاملات وتسريع الإجراءات فقط، بل سيمكن أيضا من تعزيز الاستثمارات، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وخلق بيئة أعمال أكثر تنافسية، كما أشار إلى أنّ اعتماد التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي يساعد في تقليل المخاطر المرتبطة بالفساد والتهرّب الضريبي، وبالتالي دعم التنمية الاقتصادية الدائمة.
كما أبرز تيغرسي، في ظل التوجّه العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، أهمية تطوير قطاع الاتصالات، ليس من خلال تحسين خدمات الهاتف النقال، ولكن أيضا من خلال تعزيز الدفع الرقمي وتوسيع نطاق المعاملات الإلكترونية، وأشار إلى أنّ الإسراع في نشر شبكات الاتصال الحديثة، وخاصة شبكة الجيل الخامس سيشكل نقلة نوعية، إذ ستساهم في تسريع التحول الرقمي، وتحسين كفاءة الخدمات، فضلا عن تحقيق مداخيل إضافية للدولة.
وقال المحلّل الاقتصادي، إنّ تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار في قطاع التكنولوجيا المالية يشكّلان عاملين حاسمين في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي، كما أوضح أنّ التحوّل الرّقمي لا يقتصر على قطاع الاتصالات فحسب، بل يشمل مختلف القطاعات الحيوية، ممّا سيساهم في تحسين جودة الحياة وتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وأضاف تيغرسي، أنّ الاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، أمرا مهما لتعزيز الكفاءة والإنتاجية، حيث يوفّر حلولا مبتكرة تساهم في تحسين العمليات التجارية والخدمات، كما أشار إلى أنّ دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة الناشطة في هذا المجال يعزّز من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويفتح آفاقا جديدة للتطوّر والتوسّع في الأسواق المحلية والعالمية.
وأكّد الخبير الاقتصادي ختاما، على أنّ الرقمنة ليست مجرّد تطور تقني، بل هي دعم لرؤية اقتصادية شاملة فهي تساهم في الحدّ من حجم السوق الموازية، التي تجاوزت قيمتها 100 مليار، وتعزّز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال تحسين الشفافية وتحديث آليات الحوكمة الاقتصادية.