إطار تشريعي لمقاضاة فرنسا على جرائمها طيلة قرن ونيّف ^ أداة لتحقيق العدالة وإرغام الدولة الفرنسية على الاعتراف والاعتذار والتعويض والمحاكمات
قال عضو لجنة إعداد قانون تجريم الاستعمار، والنائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم، زكريا بلخير، إن قانون تجريم الاستعمار، الذي نصبت لجنته رسميا، سيكون أداة بيد الجزائر والشعب الجزائري لتحقيق العدالة، خاصة مع توفر الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إذ يسمح القانون، بعد تمريره، بإرغام الدولة الفرنسية على الاعتراف والاعتذار والتعويض والمحاكمات.
أكد عضو لجنة إعداد قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، في اتصال مع «الشعب»، أمس، أن ما حدث في البرلمان بتاريخ 23 مارس 2025، هو حدث تاريخي مهم جدا، ولا يشبه أي يوم من أيام البرلمان. وقال زكريا بلخير لـ «الشعب»، «لأول مرة تجتمع كل الكتل السياسية الممثلة للطيف السياسي الجزائري، لتصيغ قانونا بالغ الأهمية والحساسية، والمتمثل في قانون تجريم الاستعمار الفرنسي. ويسعى المجلس الشعبي الوطني لتمريره في سياق زمني مهم جدا».
وبهذه الخطوة، فإن رسالة الجزائر المنتصرة أنها قادرة على تمرير قانون بهذا الحجم، بما فيه من تحديات وما عليه من تبعات، بالإضافة إلى توافق مع وجود الإرادة السياسية الحقيقة من رئيس الجمهورية.
وقال المتحدث، «إن هذه الإرادة التي كنا نفتقدها على مدار عقود من الزمن، هي التي كانت حافزا في اتخاذ القرار لسنّ هذا القانون». وبشأن تزامن وضع المجلس الشعبي الوطني لهذا القانون الهام على الطاولة، مع أزمة متصاعدة بين الجزائر وفرنسا، أوضح المتحدث بأنه يرى «أن المبادرة مفصولة عما يحدث بين البلدين، حيث أن هذا القانون هو حق تاريخي وجب تجسيده بعيدا عن ودية العلاقات أو توترها». وعن تركيبة اللجنة، أوضح النائب بلخير أن اللجنة مشكلة من سبعة أعضاء، كل عضو يمثل كتلة برلمانية حزبية أو أحرارا أو غير منتمين، وسوف تعمل على جمع كل المبادرات التشريعية السابقة، التي تقدم بها النواب في مبادرة تجريم الاستعمار الفرنسي، بالإضافة إلى اعتمادها على مجموعة من الخبراء والمؤرخين والحقوقيين والقانونيين والكفاءات الوطنية، حتى تجتهد في صياغة قانون كامل وشامل، ومعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقة، وحينما يستوفي القانون جميع الشروط، يوضع على مستوى المجلس الشعبي الوطني ليمرر.
وأوضح البرلماني، أنه تكون تبعات كبيرة لهذا القانون، لما يوفره للدولة الجزائرية من آليات تقنية تمكنها والشعب الجزائري من استرجاع الحق التاريخي، عبر إرغام الدولة الفرنسية على الاعتراف والاعتذار والتعويض والمحاكمات بما يضمنه القانون الدولي والمحلي الذي سيتم التنصيص عليه في هذا القانون.
وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد إبراهيم بوغالي، أكد خلال تنصيب اللجنة أن التحرك نحو تجريم الاستعمار هو مسؤولية جماعية، تهدف إلى حماية حقوق الشعوب، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً، قائلا: «لا يمكن أن نسمح بطمس الحقيقة أو القفز على الذاكرة الوطنية، فتجريم الاستعمار ليس خيارًا، بل هو واجب وطني وأخلاقي تجاه شهدائنا وتاريخنا».
ويعزز قرار الاتحاد الإفريقي الذي اتخذ قبل أسابيع، التحرك الجزائري من أجل مقاضاة فرنسا على جرائمها طيلة قرن ونيف، على اعتبار أن الاستعمار والاسترقاق جرائم ضد الإنسانية.
وبالإضافة إلى قرار الاتحاد الإفريقي، يتدعم الموقف الجزائري بعدد من القوانين والاتفاقات الدولية، منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقيتي لاهاي الدوليتين وبروتوكول جنيف لحظر انتشار الأسلحة الكيمياوية وميثاق الأطلنطي (الأطلسي) المؤرخ فيما تعلق بتقرير المصير للشعوب المستعمرة والنظام الأساسي لمحكمة نورمبروغ العسكرية الدولية وغيرها من القوانين والاتفاقات الدولية التي يمكن أن تعطي دفعا لتحقيق العدالة للشعب الجزائري.