جبل «تاقنتوشت» جزء من سلسلة جبال بابور ويبلغ ارتفاعه 1674متر، يعد حاليا محطة لمئات الشباب المنخرطين في الجمعيات الناشطة والفاعلة في هذا المجال.
تعتبر جمعية «أسريم قورايا»من أهم الجمعيات التي تتميز والنشاط، والتي تبنت موضوع أحد الأساطير التي تعرفها المنطقة، وأحاطته بالدراسة عن كثب، وعليه قام أفراد هذه الجمعية بالتنقل إلى عين المكان، والتقرب من الموطنين للكشف عن حقيقة هذه الأسطورة ومحاولة معرفة أبعادها ومقاصدها «ملحمة أنزار»، هي موضوع «أسيرم قورايا»، فالشائع بين أدغال القبائل أن بطل هذه الملحمة يحمل أسم «أنزار» مرتبط بسقوط المطر وقت الجفاف، فهو رمز للعطاء والماء والغيث،»أنزار» كما تروى الأسطورة تزوج من أجمل فتاة بالمنطقة ليكون أكبر مثال للعطاء والسخاء.
بقيت هذه القصة بقيمتها التاريخية أو الأسطورة راسخة في أذهان سكان منطقة «تاقنتوشت»، حيث يخرجون إلى الطبيعة ويتوجهون بالدعاء لهم لسقوط المطر ويعم الخير بالمنطقة.
وفي هذا الإطار يقول السيد ياحي رئيس الجمعية، اغتنمنا فرصة هذا اللقاء الذي احتضنته جبال بابور بقمتها ‘’تاقنتوشت’’، ومن خلال الاحتفال ‘’بملحة أنزار’’ أكد المشاركون على الدعوة للاهتمام أكثر بالطبيعة والبيئة بصفة عامة، وإلى أهمية الماء كعنصر فعّال في حياة الكائنات الحية سواء الإنسان أو الحيوان أو النبات.
فالاحتفال ‘’بأنزار’’ هي فرصة سانحة لتحسيس الرأي العام والمواطنين بخطورة الحرائق التي تضرب الغابات على الخصوص، وتقضي على المساحات الخضراء خاصة في مواسم الجفاف، كما أن هذه التظاهرة فرصة للحث على ممارسة الرياضة وتحسين مستواها، وتطوير السياحة بالمناطق الجبلية، لأنها تستهوي السياح وتجذبهم من داخل البلاد وخارجها، إلى جانب تقييم المنتوج التقليدي بمنطقة»بابور».
أن الجبل يقع شمال ولاية سطيف، جنوب ولاية بجاية، وهذه المنطقة تستحق عن جدارة لتنمية السياحة الجبلية بها، حيث يعتبر ذلك استثمارا في حد ذاته للقيمة التاريخية والطبيعية لها، لذلك تحث الجمعية على حماية محيطها الذي يشهد تراجعا بسبب رمي النفايات، خاصة الزجاج إلى جانب الحرائق التي تنشب من حين لأخر في فصل الصيف.
وتحتوي منطقة «تاقنتوشت» على كل المعطيات التي تجعل منها جنة، ومنطقة سياحية بأتم معنى الكلمة، فهي منطقة تحتوي على المساحات الخضراء والغابات الكثيفة، ضف إلى ذلك بها صناعات تقليدية للخشب، وهي منطقة زراعية، تسكنها أسر وعائلات متفرقة هنا وهناك، وهي مصدر للمياه بحكم وجود أودية ومنابع بها جبل»تاقنتوشت»، يسمح بممارسة مختلف الرياضات الشتوية كالتزلج على الثلج، وغير بعيد منه يستقر قرية ‘’إحباشن» التابعة لبلدية كنديرة على حدود ولاية سطيف، هذه القرية التي تملك عدة مميزات ذات قيمة جمالية، تسمح لها بأن تكون قرية سياحية جبلية لا ينقطع بها خرير المياه الصافية، وخضرة أشجارها الباسقة.
وما يلفت انتباه الزائر إلى هذه القرية، ممارسة أهلها الزراعة المعاشية التي تحتل مكانة كبيرة في الحياة العملية لسكانها، فهي مصدر رزقهم وقوتهم، إلى جانب ذلك تتميز بهذه القرية الصناعية التقليدية الخشبية، خاصة صناعة بنادق الصيد المصنوعة من شجر الجوز، هذا النوع من الأشجار الذي ينتشر بكثرة في منطقة بابور.
وقد ضربت جمعية «أسيرم قورايا» موعدا مع سكان قرية «إحباشن»، من أجل الاحتفال بعيد الجوز، الذي يتم أواخر شهر أوت المقبل وذلك بتجنيد كل الجمعيات الناشطة محليا.
ولدى تواجدنا بالمنطقة صادفنا بعض السياح ومن بينهم مراد الذي يذكر، لـ»الشعب»، أن ولاية بجاية بطبيعة خلابة تجمع بين زرقة البحر ورمالها الذهبية، وبين غطائها النباتي الذي يضفي عليها الإخضرار، ويبعث بالسكينة كلما غصنا في أعماقها، وبالرغم من هذا العطاء السخي، إلا أن ترقيتها إلى ما هو أفضل لم يتجسد بعد، وبقيت المنطقة الساحرة دون تغيير.
ومن بين هذه المناطق ذكر ذات المتحدث، شلالات كفريدة التي تعتبر من المعالم السياحية النادرة، حيث تتميز بارتفاعها الشاهق والذي يبلغ 50 مترا، وتساقط المياه منها على شبه بحيرة مغلقة دائرية قطرها حوالي 20 مترا من طرف الجبل، والذي يزين بغطاء نباتي جد متنوع من غابات الصنوبر وأشجار الزيتون، وهو ما منحها سحرا خاصا وجمالا خلابا، زاده رونقا ذلك التزاوج بين الخضرة والمياه المتدفقة.
وتوجد هذه الشلالات التي يصفها الزوار بإحدى معجزات الطبيعة، في بالقرب من قرية آيت إدريس في بلدية تسكريوت، وهي لوحة طبيعية غاية في الجمال أنعم الخالق بها على سكان المنطقة وعلى السياح الذين يقصدونها من كل مكان في الوطن، وحتى من الخارج بغية قضاء لحظات في احتضان الجمال الإلهي الخلاب، والاستمتاع بجمال هذا الموقع بعيدا عن ضوضاء المدينة باعتبارها متنفسا حقيقيا لعشاق الطبيعة والسياحة الجبلية، لكن تفتقد للمرافق الضرورية والتي تؤهلها لتكون قطبا سياحيا وكنز هو السياحة الجبلية.