تُعدّ الصناعات التقليدية والحرف في الجزائر موردًا اقتصاديًا رئيسيًا يسهم في خلق الثروة، وتوفير فرص عمل مستدامة لمختلف شرائح المجتمع. وتسعى الجزائر إلى تعزيز اقتصادها الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل وتطوير القطاعات الداعمة له، ويبرز قطاع الصناعات التقليدية والحرف كأحد أهم هذه الموارد. يوفر هذا القطاع دخلًا أساسيًا للأفراد، خاصة النساء، والعائلات الريفية، والنسوة الماكثات في البيوت، مما يعزز استقرارهن الاقتصادي والاجتماعي.
فضلاً عن ذلك، يلعب هذا القطاع دورًا محوريًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للأمة، حيث يساهم في صون التراث المادي، وتعزيز القيم الثقافية الأصيلة التي تميز المجتمع الجزائري.
لطالما ارتبطت الصناعات التقليدية عضويًا بقطاع السياحة المحلية والوطنية بكل أشكالها، وسايرت كل محطات تطوير هذا القطاع منذ الاستقلال، حيث تزخر الجزائر بموروث حرفي حضاري ممتد إلى آلاف السنين، وتواصل وجود كثير من ألوانه وعناصره الثقافية بفضل جهود السلطات العمومية في إحيائه، وإعادة دمجه في صيرورة التنمية المحلية للمجتمع.
واعتبر مختصّون الصناعة التقليدية مجالاً حيويًا في بنية الاقتصاد الوطني؛ لأنها لاعب أساسي في رفع مستوى معيشة الأفراد والعائلات الريفية، وتؤدي دورًا مباشرًا في وتيرة إنتاج المستعملات والمقتنيات المنزلية والمواد الغذائية ذات الامتداد الشعبي، كما يُنتظر لها فعالية أكبر ضمن خطط الاستثمار السياحي ساري المفعول في البلاد.
علاوة على ذلك، تعدّ الحرف التقليدية جزءًا هامًا من إيرادات السياحة حسب المنظمة العالمية للسياحة، ومنتجًا عاكسا لثقافة وموروث البلد أو المنطقة التي ينشد الزوار زيارتها مثل ما يجري عليه الحال في ولايات غرداية وتمنغاست وتيزي وزو وبشار وتميمون وجانت ووادي سوف وتوقرت وبسكرة وباتنة وخنشلة وقسنطينة وتلمسان وبني عباس وغيرها من ولايات الوطن الغنية بهذا الإرث الحضاري، وهو ما عزّز أكثر من ربط وصالهما داخليا على نحو بالغ الأثر الإيجابي على إنعاش الإقتصاد الوطني وتنويع مصادره.
وسيتحوّل هذا المورد، بحسب مهنيين، إلى أحد أبرز عوامل الجذب السياحي في المستقبل القريب، وسيكون محرّكا قويا للشريحة الحرفية الشغيلة لاسيما في البادية والريف، حيث تحرص السلطات المختصة على ترقية نشاطه عبر غرف الصناعة التقليدية المنتشرة في كل ربوع بلادنا، بغية المحافظة على التقليديات اليدوية وحمايتها من تداخلات الصناعات الأخرى.
بإلاضافة إلى تنظيم التّظاهرات والمعارض المحلية والدولية من أجل الترويج للصناعات اليدوية المحلية، كما اقترح هؤلاء التركيز أكثر على تنظيم التّظاهرات والمعارض المحلية والدولية من أجل الترويج للصناعات اليدوية المحلية، وتفعيل أطر الجذب السياحي الرقمي الحديث للتحف الفنية والمنتجات الحرفية بمختلف أغراضها واستعمالاتها اليومية، لكي يُؤدّي هذا القطاع دوره المنشود في استقطاب السياح من الداخل والخارج، وكذا تقليص نسب البطالة في المجتمع من خلال خلق فرص عمل كثيرة بوسائل وتكاليف جدّ محدودة.
فضلاً عن ذلك، تصبّ كثرة المعارض والصالونات والملتقيات في صالح تنمية وتنشيط السياحة والصناعات التقليدية، وتثمين التراث الثقافي الجزائري وفق خصوصية كل ولاية وإقليم عبر التراب الوطني، مع حلّ مشكل الترويج والتسويق، وتكثيف الإقبال على منتجات وتحف الحرفيين المحليين.
ويتّسق هذا المُعطى مع جهود الجزائر الجديدة لدمج المرأة الماكثة في البيت في الدورة التنموية والاقتصادية الوطنية، لما له من دور محوري في ترقية الصناعات التقليدية والحرفية المنزلية، بغية ضمان مشاركة العائلات بفعالية في المنظومة الإنتاجية المحلية، وفق ما يمليه النهج الإقتصادي الرّاهن القائم على تنويع مصادر وموارد الإنتاج الداخلي.
للإشارة، يتميّز قطاع الصناعة التقليدية والحرف في الجزائر بثرائه بالشُّعب اليدوية الإنتاجية، التي تمس المجالات الفنية الجمالية، والغذائية الاستهلاكية، والكسائية الشعبية، على غرار إنتاج الحليب والألبان والأجبان بمختلف أشكالها، والنسيج الصيفي والشتوي بكل أصنافه وألوانه، وصناعة الدهون والزيوت والزبادي الطبيعية والعلاجية، والمخبوزات والحلويات التقليدية الأكثر طلبًا في أوساط الجزائريين.