دعوات لتعزيز التّعاون من أجل الحفاظ على الموروث الثّقافي والاقتصادي
تواجه حرفة صناعة الذهب بالجزائر العديد من التحديات، خاصة بولاية باتنة، التي تعتبر عاصمة للذهب على المستوى الوطني نظرا للعد الكبير من الحرفيين والتجار الذين تعج بهم أحياء مدن باتنة، ما جعل منها معقلا لصناعة هذا المعدن النفيس توارث حرفيّوها أسرار صناعة المعدن الأصفر وتقاليده، أبا عن جد، ومنذ عقود خلت من الزمن.
تتوفّر ولاية باتنة على أكثر من 900 ورشة متخصصة في صناعة الذهب وتشكيله، ما جعل منها محجّا وقبلة لكل تجار الذهب والمجوهرات وعشاق هذا المعدن الثمين من كل ولايات الوطن، نظرا لشهرة ذهب باتنة المُنتج محليا المعروض بمحلات ولايات الشرق والغرب والجنوب الجزائري، ومنافسته للمنتوج الإيطالي والتركي المستورد.
غير أنّ واقع هذه الصناعة في السنوات الاخيرة أصبح يواجه الكثير من التحديات، ما دفع بالجمعية الوطنية لحرفي وتجار المجوهرات، التي يرأسها السيد أمغشوش عيسى، إلى جمع العديد من الخبراء والدكاترة وتجار وحرفي صناعة الذهب لمناقشة واقع هذه الصناعة في ظل التحديات الراهنة محليا ووطنيا ودوليا.
وقد جاء الملتقى الوطني، المنظم مؤخرا، بعنوان “واقع صناعة الذهب في الجزائر تحديات وآفاق” ليضع النقاط على الحروف حول واقع ومستقبل صناعة الذهب بالجزائر، حيث أكد أمغشوش عيسى في كلمته بالمناسبة على أهمية تسليط الضوء على واقع هذا القطاع الهام، وسبل ترقيته خاصة بعد إدراج مواد جديدة ضمن قانون المالية لسنة 2025.
كما أوضح أمغشوش، أنّ هذا الملتقى الوطني يعكس جهود منظمته في الحفاظ على الموروث المادي للذهب بالجزائر، ويمثل موردا اقتصاديا واعدا يساهم في تحقيق الثروة وتعزيز التنمية المحلية، وهو أيضا موروث ثقافي هام يعزز الهوية الوطنية، ويحافظ على تراث الأجداد في هذا المجال، داعيا إلى تعزيز التعاون بين الشركاء المهنيين لترقية القطاع بما يتماشى مع التحديات الراهنة والآفاق المستقبلية.
وشهد الحدث الوطني حضورًا واسعًا لحرفيي صناعة المجوهرات من مختلف ولايات الوطن، وهو بمثابة منصة لتعزيز الحوار حول التحديات التي تُواجه القطاع، واستشراف الفرص المُستقبلية للنُهوض بصناعة الذهب في الجزائر.
وقد شارك في الملتقى ممثلون من وزارات استراتيجية عدة، مثل وزارة السياحة، وزارة الطاقة والمناجم، وزارة الطاقات المتجددة، وزارة الصناعة ووزارة المالية وغيرها، إضافة إلى عدد كبير من المنتسبين الإداريين وأعضاء المنظمة، بحضور دكاترة في القانون والاقتصاد والكيمياء والهندسة قدّموا شروحات حول المعادن الثمينة وصناعة الذهب في الجزائر والقوانين التي تحكم هذه الصناعة وطرق ترقيتها وتطويرها.
الملتقى ناقش عدة محاور، أبرزها واقع صناعة الذهب في الجزائر..تحديات وآفاق، واقع صناعة الذهب في الجزائر بين الماضي والحاضر، مستقبل صناعة المعادن الثمينة في الجزائر، طبقا لقانون المالية الجديد 2025، وأخيرا تسويق الذهب والتحديات التي يواجهها، وقد أكد الكثير من المشاركين في هذه التظاهرة على أهمية الحفاظ على عادات وتقاليد صناعة الذهب في الجزائر، ما يعزّز الاقتصاد الوطني ويعد رافدًا هامًا للتنمية المستدامة.
وقد أكّد المتدخلون على ضرورة تعزيز التفاعل والتواصل الفعّال بين مُختلف الجهات المعنية، من أجل تجسيد توجيهات السلطات العليا للدولة بخصوص تطوير القطاعات الحيوية في البلاد، الخالقة للثروة على غرار صناعة الذهب والمعادن الثمينة، في مقابل التسهيلات التي تقدمها على غرار الإجراءات التحفيزية الخاصة بتنظيم مهنة صناعة الذهب وأخلقتها، حيث اعتبر رئيس منظمة حماية المستهلك مصطفى زبدي، في تدخله، والذي أيّده في رئيس المنظمة عيسى أمغشوش، أنّ قانون الضرائب غير المباشرة استبدل بإجراءات أكثر صرامة لمحاربة الغشاشين والدخلاء في مجال صناعة الذهب، ما يسمح للصناع والحرفيين الحقيقين مزاولة نشاطهم في ظروف جيدة، وضمان راحة المستهلك والزبون بحصوله على مصوغات سليمة ومطابقة للمعايير، وهو ما تسعى المُنظمة لمحاربته بكل الطرق عبر الصرامة من طرف المُنظمة في قبول المنتسبين إليها، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحافظ على هذه الحرفة وتقاليدها يضيف أمغشوش، الذي اعتبر أن المنظمة قطعت جهودا كبيرة في محاربة ظاهرة الغش والتحايل، الذي كان يعرفه سوق الذهب وصناعته في بلادنا عبر الاستعانة بأعوان المراقبة المؤهلين والأجهزة الحديثة الخاصة بكشف التحايل.
ليبقى في الأخير، الحديث عن صناعة الذهب ببلادنا يحتاج إلى تنظيم وتطوير خدمة للصانع والبائع والمُشترى وكذا الخزينة العمومية على حد سواء، وهو ما تسعى الجمعية لتحقيقه على المستوى الوطني من خلال الحفاظ على صناعة الحلي الذهبية، وبقائها كحرفة تقليدية توارثها سكان الأوراس باتنة.