لحظة مفصلية.. ولادة جديدة لروح نوفمبر وترجمة حية للعهد الأبدي مع الشهداء
«هو روح الجزائر النابضة.. هو الإبن البار للشعب، والمُجسد لأمانيه وطموحاته، والضامن الأول لسيادته».. بهذه الكلمات، عرف البروفيسور عبد القادر بريش، الجيش الوطني الشعبي، ليقدّم قراءة شاملة وعميقة في مسيرة الجيش الوطني الشعبي، انطلاقًا من جذوره الثورية، وصولًا إلى أدواره الاستراتيجية الراهنة، وبأسلوب جمع بين قوة التعبير وصرامة التحليل، سلّط الضوء على رمزية هذا الجيش في وجدان الأمة الجزائرية ودوره المركزي في بناء الدولة وصيانة سيادتها.
في احتفالية اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي، أمس، قال النائب البرلماني، والخبير الاقتصادي، البروفيسور عبد القادر بريش، إنها مناسبة تنبض لها «قلوب الجزائريين بالعزة، وتُرفع الهامات فخرًا بهذا الجيش الباسل، سليل جيش التحرير الوطني الذي أعاد للأمة هيبتها، وحمى استقلالها، ورفع رايتها خفاقة في سماء المجد والكرامة». وأضاف في مقال وسمه بعنوان: «الجيش الوطني الشعبي: مجدٌ تليد، وسيادة راسخة، وبناء متجدد»، أن الرابع من أوت يخلد الحدث التاريخي الجليل بـ «تحوّل جيش التحرير إلى الجيش الوطني الشعبي»، ما اعتبره «لحظة مفصلية لم تكن مجرّد تحول تنظيمي، بل كانت بمثابة ولادةٍ جديدة لروح نوفمبر الخالدة، وترجمةٍ حية للعهد الأبدي مع الشهداء، وصيحة وفاء للوطن العظيم»، فالجيش هو -يقول بريش- «الإبن البار للشعب» الذي يجسّد تطلعاته ويحمل آماله. ويربط بريش بين جذور الجيش في الثورة التحريرية ومساره الوطني بعد الاستقلال، ليؤكد أنّ هذا الجيش «تشرب القيم النوفمبرية النبيلة، فصار عنوانًا للانضباط والشرف، ونموذجًا للولاء الخالص للوطن»، وقد تحمّل منذ نشأته مسؤوليات تاريخية، وأثبت التزامه بالدستور، مجسدًا شعار «جيش شعب خاوة خاوة»، الذي تحوّل -كما يقول بريش- إلى «رمز للوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي- المؤسساتي».
جيش الشعب.. احترافية عالية
وخصص البروفيسور بريش حيزًا مهمًّا للحديث عن الطابع الجمهوري للجيش، مشيدًا بـ»قيادته الحكيمة» التي أرست تقاليد مؤسساتية تحترم الدستور وتغلب منطق الدولة على أي حسابات. وشدد على أنّ الجيش «لا يحمي السيادة بالسلاح فقط، وإنما يحرسها بالتنمية والاستقرار أيضًا»، من خلال حضوره الميداني في مواجهة الأزمات والكوارث، ومرافقة السكان، لاسيما في المناطق المعزولة، ما جعله أكثر من مجرد قوة دفاعية، بل «جيش الشعب وفي خدمة الشعب».
الصناعة العسكرية.. رهان استراتيجي وأفق تنموي
في السياق، خصص بريش محورا بارزا لتطور الصناعة العسكرية، حيث تمثل تجسيدًا لاحترافية الجيش، وتحولًا نوعيًا في مفهوم السيادة. فالجيش الجزائري لم يعد -بحسب تعبير بريش- مستهلكًا للتجهيزات، بل «قاطرة للنهضة الصناعية، وبوابة لنقل التكنولوجيا»، تساهم في خلق الثروة وتقليص التبعية الاقتصادية، وتمثل «دعامة اقتصادية واعدة» في مشروع الجزائر المنتجة. وأضاف، أن الطفرة التي حققها الجيش الجزائري، «ثمرة رؤية وطنية طموحة»، و»جسر نحو تنمية وطنية شاملة ومتماسكة».
ركيزة المناعة وبوصلة السيادة
في ظل التقلبات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، يؤكد البروفيسور بريش أنّ الجيش الوطني الشعبي يمثل «الركيزة الصلبة لمنظومة الأمن القومي»، والسدّ المنيع الذي تتكسر عنده محاولات الاختراق، وهو لا يحمي فقط حدود الوطن، بل «يصون الذاكرة، ويحمل وصية الشهداء، وينقل القيم الوطنية للأجيال الصاعدة»، وهو بما يجعله الضامن لوحدة الأمة واستمرار رسالتها التاريخية.
جيشنا.. انتصارنا
في خاتمة مقاله، يرسم البروفيسور بريش معالم «الجزائر الجديدة»، مشددًا على أن بناء الدولة الحديثة لا يتحقق دون «جيش قوي، واقتصاد منتج، ومجتمع متماسك، وجبهة داخلية عصية على التفكك». ويرى أن الجيش الوطني الشعبي يمثل «مفخرة الأمة وسندها الأبدي»، ليختم بنداء: «عاشت الجزائر حرّة، أبية، موحّدة بشعبها وجيشها... وعاش جيشنا الوطني الشعبي، تاج السيادة ودرع الأمة».