يؤكد خبراء، لـ “الشعب” على أهمية استغلال تقنية الطب النووي وتطويرها في علاج الأورام السرطانية وأمراض أخرى، وقد أثبتت بعض الدول، التي طبقت هذه التقنية الحديثة في علاج مرضاها نجاعة هذه التقنية، حيث كانت النتيجة الشفاء من المرض.
أبرز رئيس الجمعية الجزائرية للطب النووي، والمختص في الطب النووي الدكتور غضبان عماد الدين، الأهمية التي توليها الدولة الجزائرية للتكفل بمرضى السرطان وتطوير المنظومة الصحية، وذكر بأن المؤتمر الدولي الأول حول الطب النووي، الذي اختتم مؤخرا بالأوراسي، وجمع أبرز الخبراء والمبتكرين في مجال يشهد تطورا مستمرا، يتماشى مع خارطة الطريق للجمعية الجزائرية للطب النووي، والتي هي مطابقة لتوصيات السلطات العليا للبلاد في هذا المجال.
وأكد الدكتور عماد الدين غضبان، ان الجمعية الجزائرية للطب النووي، تسعى دائما لتحقيق اهداف استراتيجية هي انشاء فضاء للتعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، الترويج للطب النووي كمسار مهني مجدي وواعد، وتحسين كفاءة خدمات الطب النووي ودعم فعاليتها، وتبسيط عمليات إدارة البيانات وضمان الامتثال لأحسن ممارسة.
وأشار الى ان، المؤتمر تطرق إلى أربع مواضيع أساسية وهما العلاج التشخيصي النووي، الذكاء الاصطناعي في الطب النووي، التنظيم والصيدلة الإشعاعية، التشخيص النووي لأمراض القلب.
وقال: “هذه المواضيع موجودة في تقاطع العلم والتكنولوجيا والبحث التعاوني والتعددية التخصصية، بالنسبة لتخصصات عديدة، وهذه الثورة العلمية يجب ان تتطابق مع التفكير في الاثار التنظيمية والفرص التكنولوجية الحاصلة اليوم وأيضا الفرص العلاجية للمريض الجزائري.”
وأكد محدثنا، على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تخصص الطب النووي، هذا الأخير سيساهم في تطوير العلاج والتكفل بمرض السرطان وأمراض أخرى مزمنة كأمراض القلب، أضاف الدكتور غضبان.
وأشار رئيس الجمعية الجزائرية للطب النووي، الى وجود اتفاقيات مع صندوق الضمان الاجتماعي للتكفل بمرضى السرطان، واقتناء معدات وفتح مراكز للطب النووي في جميع القطر الوطني.
التشخيص والعلاج في الوقت نفسه
تحدث البروفيسور عمار منصوري، باحث في الطاقة الذرية، عن الاستعمال السلمي للطاقة النووية في مجالات عديدة وعلى رأسها مجال الطب، باستخدام الأشعة الناتجة عن النظائر المشعة، التي تنتج في المسرع أو المفاعلات النووية.
وأوضح البروفيسور منصوري، ان هذه الاشعة تستعمل على شكل صيدلة اشعاعية، هذه المواد عبارة عن جزئيات طورت أحد المواد الصيدلانية، التي تستعمل في الطب النووي المطبعة باليود 131.
وقال: “هذه الجزئيات لديها مقاربة مع الأعضاء أو الغدد، عندما يحقن المريض يتجه الإشعاع إلى العضو المصاب وليس مكان آخر، والعنصر المشع الملتصق بها هو الذي يعطينا الصورة حول الخلايا السرطانية، وهذا ما يسمى التشخيص.”
وأكد الباحث في الطاقة الذرية، ان النووي يستخدم في كل الأنواع السرطانية والأمراض القلبية، حيث ان التطور الجديد هو ترنوستيك، وهو التشخيص والعلاج في الوقت نفسه، عبر حقن المريض بإشعاعات.
واشار الى ان معظم المستشفيات الجامعية الجزائرية تتوفر على مصلحة الطب النووي، لدينا 19 مركز لمكافحة السرطان، المشكل يكمن في استيراد الجزائر المواد الراديو سرطانية، ونقص التأطير، رغم تكوين المختصين فهو غير كاف، خاصة وان مرض السرطان في تزايد وهذا بسبب التفجيرات النووية، التي أثرت كثيرا على صحة الجزائريين خاصة في الجنوب، اضافة الى التغذية غير الصحية، والاستيراد المفرط غير المراقب، ما أدى إلى ارتفاع عدد المصابين بالسرطان، أضاف محدثنا.
وقال: “حاليا التأطير قليل على مستوى المؤسسات الاستشفائية، لكن فيه عمل لتطوير هذا القطاع باعتباره قطاعا حيويا ومحوريا يحسن صحة الجزائريين، كما انه متعدد القطاعات يضم الفيزيائي، الكيميائي، التكنولوجيات الحديثة، والذكاء الاصطناعي.”
وأكد الباحث في الطاقة الذرية، ان العلاج الحقيقي هو التشخيص المبكر، قبل تطور المرض الى مراحل متقدمة لا يمكن علاجه.
وأشار المختص في النووي، إلى أن الدولة الجزائرية تسير في هذا الاتجاه للتكفل بمرضى السرطان، وتخفيف معاناتهم في التنقل من مناطق بعيدة خاصة الجنوب للعلاج في العاصمة.
وأبرز البروفيسور منصوري، توفر الجزائر على معدات طبية حديثة مثلما هو موجود في أوروبا، لكن المشكل في التكفل والتسيير، والتي يمكن تتدارك عبر الممارسة، اضاف.
رائد في العلاجات الحديثة
استعرض الدكتور أكرم الإبراهيم، رئيس قسم الطب النووي في مركز الحسين للسرطان، ورئيس الجمعية الأردنية للطب النووي، تجربة الأردن في علاج مرضى السرطان بتقنية الطب النووي، وقال في تصريح لـ “الشعب”، على هامش المؤتمر الدولي الأول حول الطب النووي، الذي اختتم مؤخرا بالجزائر، أن تجربة مركز الحسين للسرطان للموجات النووية الموجهة “تيرانوستيك”، كان من المراكز الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وفي بعض التطبيقات عالميا بإدخال هذه العلاجات.
وأضاف: “بدأنا العلاج لأول مريض مصاب بمرض الهورمونات العصبية عام 2013، وفي 2015 أسسنا لبرنامج تشخيص نوعي لسرطان البروستات، وفي 2017 بدأنا بإعطاء العلاجات النووية الموجهة لسرطان البروستات ذو أهمية خاصة، بسبب ان هذا النوع من السرطان شائع جدا عند الرجال. “
واشار الدكتور أكرم ابراهيم، الى ان الفريق الطبي بمركز الحسين للسرطان، استمر في خطة تطوير العلاجات النووية الموجهة في 2022، حيث أدخل علاجات نوعية على مستوى العالم منها استخدام التكنولوجيات الحديثة في العلاج منها تربيون والأكتنيوم، شعاعية موجهة تحمل أثر علاجي أكبر من العلاجات التقليدية، والتي استخدمت مسبقا.
وأكد محدثنا ان هذه العلاجات تعتبر أمل لمرضى السرطان، لأن مريض السرطان في مرحلة معينة عندما يستنفذ العلاجات التقليدية يكون العلاج لطب النووي هو الأمل المتبقي له، وقال: “الحمد لله رغم ان العلاج بالطب النووي قد يحمل بعض المخاوف لدى بعض المرضى، لكن يتميز هذا العلاج بسلامته على الجسم، عادة يتم توجيه الاشعة بكميات مدروسة نحو الخلايا المريضة بدون أثر سلبي على الأعضاء السليمة في الجسم وهذا ما يميزه حتى على العلاج الكيماوي والعلاجات الأخرى”.
وأكد ان هذه التقنية الحديثة في العلاج، لا تؤثر على الأجهزة السليمة في الجسم، مع حدوث مضاعفات قليلة ومحتملة جدا، والتي اظهرتها الدراسات التي نشرت في مركز الحسين للسرطان.
وقال الدكتور أكرم: “قمنا بنشر اكثر من 20 ورقة علمية تخص هذا الموضوع، وهناك بعض المرضى تابعناهم لمدة 8 سنوات والحمد لله كان فيه أثر علاجي ممتاز، دون وجود مضاعفات سلبية حقيقية، هذه دعوة للزملاء في الجزائر والسلطات لتبني هذه العلاجات ومد العون للأطباء الجزائريين حتى يستطيعون افادة المريض الجزائري المصاب بالسرطان في مراحل معينة”.
وأشار إلى أن المؤتمر الدولي، الذي اختتم سيسفر عن توصيات تتبنى هذه العلاجات وتكون ذات أثر ممتاز على مرضى السرطان في الجزائر.
وفي هذا الصدد، شكر الجمعية الجزائرية للطب النووي على دعوتها، وهنأها على الانطلاقة القوية في هذا المؤتمر الدولي الأول، الذي يعقد ببلادنا واهتمامهم بتطوير الطب النووي في الجزائر.
وفيما يخص إمكانية القيام بشراكة بين مركز الحسين للسرطان والمستشفيات الجزائرية، لتبادل الخبرات في مجال الطب النووي، أكد الدكتور أكرم إبراهيم، وجود شراكة وتبادل الخبرات، حيث تم التواصل بين بعض الزملاء الأطباء من البلدين، لاستضافة مركز الحسين للسرطان أحد الزملاء الأطباء من الجزائر أو تستضيف الجزائر أحد العاملين في قسم الطب النووي في مركز الحسين للسرطان، من أجل تبادل الخبرات.
وقال: “نحن ضمن فريق العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمراكز خبرات وتعاون، الجزائر والاردن المركزين المعتمدين للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهذه منصة قوية على المستوى الدولي للتعاون الوثيق بين الأردن والجزائر في تطوير الطب النووي والعلاجات النووية الموجهة لمكافحة السرطان”.