حسب دراسة نشرت نتائجها مجلة متخصّصة في علم النفس الاجتماعي، فقد تمّ وضع المشاركين في اختبار حفظ الأسرار، من أصل 38 سراً شائعاً، ويعتبر هذا العمل شاملاً، حيث حاولت الدراسة الحصول على إجابات عن جوانب مختلفة من أسرار الأشخاص الذين شاركوا في المقابلة.
تبين أن متوسط الأسرار التي يمكن للشخص الواحد الاحتفاظ بها هو 13 سراً فقط، وذلك انطلاقاً من الأفكار التي تمّت مشاركتها، والأخرى التي لا يريدون من الآخرين معرفتها.إذ يمكن للأشخاص الذين يجدون صعوبة في كتم الأسرار، التوجّه لتغيير القصة وقول بعض الأكاذيب في سياق السر الذي لا يجب البوح به، وذلك كوسيلة لإخفاء المعلومة الحقيقية.
لمـاذا يصعـب كتـم الأســرار؟
إن الاحتفاظ بالسر الذي عهد إليك شخص ما بالاحتفاظ به يكون دائماً في قمة التفكير، وأول شيء يتمّ تداوله في عقلك بشكل لا إرادي.
إذ كلما زاد الخوف من خذلان ثقتهم، زاد تأثير السر على حالتك العقلية، لينتهي الأمر في غالبية الأوقات بإخبار شخص واحد على الأقل بالسر الذي كان من المفترض أن نحتفظ به، الأمر الذي قد يثقل كاهل الشخص الآخر للحفاظ على سرية السر كذلك.
وهنا يمكن القول إن مجرد معرفة أن هذا السر «سراً»، فهذا كافٍ أن يجعلنا غير قادرين على كتمانه، في الوقت الذي يمكن أن يتم البوح بنفس المعلومة، دون الإشارة إلى ضرورة الاحتفاظ بها، لن يتم إعطاؤها أي أهمية، ولا ذكرها لأي شخصٍ ما كان بعد ذلك.
أيـن المشكلــة؟
لا يحدث مشكلة عدم القدرة على حفظ الأسرار فقط عندما يثق بك شخص ما بشأن سلوكه أو رغباته الخاصة، وإنما هناك مجموعة من السيناريوهات الأخرى حيث يُتوقع منك عدم إخبار الآخرين بشيء تعرفه، وهي:
ـ لا يمكن للمديرين إخبار الموظفين عن الإجراءات القادمة التي ستؤثر على حياتهم أو مكانهم الوظيفي.
ـ لن يجب الأصدقاء إخبار أصدقائهم الآخرين عندما يقول شخص آخر شيئًا عنهم.
ـ عند التخطيط رفقة مجموعة ما لشيء يمكن أن يؤثر بشكل ما على شخص ما أو مجموعة أشخاص آخرين.
ـ عندما تكون على علم بحفلة أو هدية أو جائزة مفاجئة خاصة لشخص معين، حيث لا يمكنك إخبار صديقك عنها.
ـ معرفتك بسر طُلب منك الاحتفاظ به لأنه من الممكن أن يؤذي شخصًا آخر تهتم به.
هنا يجب الإشارة إلى أن محاولة إخفاء شيء ما أثناء المحادثة، ليس هو ما يسبب أكبر قدر من التوتر، وإنما القلق بشأن هذا السر قبل القيام بالمحادثة مع الشخص الذي يجب إخفاؤه عنه، أو التصرف الصحيح الذي يجب القيام به بخصوص هذه المعلومات التي تعتبر سراً هو ما يؤدي إلى الشعور بالقلق المتزايد، ويمكن في حالات كبيرة أن يؤدي إلى إفشاء السر عوض الاحتفاظ به.
الصحـة العقلية وكتـم الأســرار
عندما تكون في حالة راحة، يميل عقلك إلى التجوّل في المواقف التي لم يتمّ حلها في الماضي أو افتراضات حول الأشياء السيئة التي قد تحدث في المستقبل.
ونظرًا لأن الغرض الأساسي لعقلك هو حمايتك، فإنه يميل نحو الأفكار السلبية عندما تتركه يتجول من تلقاء نفسه دون هدف تفكير محدد.
تقول نظرية عالم النفس الاجتماعي دانييل فيجنر حول قمع الأفكار إنه عندما نحاول عدم التفكير في شيء ما، غالبًا ما ينتهي بنا الأمر إلى التفكير فيه أكثر.
فيما قال البروفيسور مايكل سليبيان، المؤلف الرئيسي لدراسة الأسرار، إن أعظم الضغوطات هي «في كل الأوقات يأتي سر إلى أفكارنا، ويتطفل على تفكيرنا».
ولكي تحافظ على عقلك من التفكير في سر يجب عليك الاحتفاظ به، يجب عليك أولاً أن تعترف بأن عقلك قد انجرف إما إلى السر أو إلى شعورك بالذنب لعدم كونك صادقًا ومنفتحًا مع الآخرين. مثل جميع ممارسات اليقظة الذهنية، تحتاج إلى التحقق من عقلك والتقاط أفكارك قبل أن تقع في فخّ السر، وبمجرد ضبط ما يشغل عقلك، جرب إحدى هذه التقنيات:
اكتب السر في مجلة شخصية، وقم بتضمين ما يمكنك فعله بمجرد ظهور السر، إذ يمكن أن يساعدك تدوين اليوميات على استكشاف مشاعرك والتخفيف منها.
ـ إضافة إلى النظر بموضوعية إلى السبب الذي يجعلك بحاجة إلى الحفاظ على السر، مما قد يؤدي أيضًا إلى التخلص من بعض الانزعاج.ـ أخبر شخصًا ليس له علاقة بالسر بالقصة التي ترويها عن السر الذي تحمله، إذ عندما تشعر بمزيد من الوضوح بشأن الضرر الذي تعتقد أن السر من الممكن أن يسببه، يمكنك العثور على طرق أفضل للتعامل مباشرة مع العواقب المحتملة.ـ قم بإلهاء مشاعرك وتفكيرك عن السر بالموسيقى أو اللعب حتى لا تتورط في قلقك بشأن السر.ـ ارجع إلى الشخص الذي أخبرك بالسر للحصول على مزيد من المعلومات حول ما يجب إخفاؤه وما يمكن مشاركته للمساعدة في تخفيف بعض العبء.