40 يومًا هي أكثر المحاسب حرارة في الصّيف

هكـذّا يُحضِّـر سكــان الجنـوب الغربــي لـــ «الصْمَايّــم»..

النعامة: سعيد محمد أمين

يعتمد سكان البادية والمناطق النائية بالجنوب الغربي في معرفة تواريخ وفصول السنة خاصة الفلاحية من خلال ما يعرف بالمحاسب الفلاحية، حيث يتم التحضير لها جيدا سواء ما تعلق بالتقلبات الجوية أو الإجراءات الواجب اتخاذها، أو معرفة دخول وخروج فصل، ومن هذه المحاسب خاصة في فصل الصيف نجد محسبي العناصر الذي يكون خلال شهر جويلية، ومحسب الصمايم الذي يكون خلال شهر أوت.

محسب الصمايم، أو السمائم، حيث ينطق محليا بالصاد هي الفترة الأخيرة من فصل الصيف، وهي فترة تقدر بـ 40 يوما، 36 يوما صيفا و4 أيام خريفا ترتفع فيها درجة الحرارة بشكل كبير كما تهبّ في هذه الفترة رياح السيروكو، فالصمايم تبدأ أيامها يوم 25 جويلية، وهي منزلة الطرفة، وتنتهي يوم 02 سبتمبر، وبحسب ما هو متعارف عند أسلافنا بحسب الاستاذ بوحميدة محمد شاعر ومهتم بتاريخ المنطقة أن محسب الصمايم تشمل 4 منازل من منازل السنة الفلاحية، وهي الطرفة، الجبهة، الخرثان، والصرفة، أي 07 أيام من شهر جويلية، شهر أوت «غشت» كاملا 31 يوما، ويومان من شهر سبتمبر وهي الفترة الأكثر حرارة في السنة.
للعلم أن في السنة الفلاحية أربعة فصول وفي كل فصل 7 منازل يعني أن في السنة 28 منزلة، ومن هذه المحاسب نجد محسب الصمايم الذي كان يقول عنه الفلاحون أنه يساعد على نضج التمور التي تجنى في الخريف، بحسب الاستاذ بوحميدة الذي أضاف أنها قد تسمع في هذا المحسب بعض الرعود، كما قد تتساقط بعض الأمطار خلال هذه الفترة، وهي نافعة، وضارة في نفس الوقت، ومن الأمثال الشعبية حتى قيلت في هذا المحسب: «النو في غشت، يفرح مولى الرخلة، ويقرّح مولى النخلة «.
فالموّال صاحب الرخلة (النعجة الصغيرة) يفرح لأنها تمهد لخريف فيه العشب الكثير، فتحيا الأرض بعد فترة حارّة وجافة، أما الفلاح صاحب النخلة فيحزن لأنها تضرّ بالتمور التي يكون قريبا جنيها، حيث يؤدي إلى تعفنها.
ومن الأمثال الشعبية كذلك حول هذا المحسب: « اللِّي بْغَى الدِّينْ الدَّايَمْ يَحْمِي المَاءْ في الصَّمَايَمْ، معناه: مَن أراد إن يتوضأ أو يغتسل فعليه أن يُسَخِّنَ الماء ولا يَستعملُ الماءَ البَاردَ، حِفاظاً على صِحَّتِه، وخُرُوجْ اللَّيَالِي نْعَايَمْ وخْرَوجْ الصَّمَايَم نْقَايَمْ، (نعايم: نِعمَة / نقايم: نِقْمَة)، معناه: مَوسِم الليالي في الشتاء فترة البَرْد القَارِس غَالِبا ما تتزامن مع التَّساقُطات المَطَرِيَّة المهِمّة التي تُنْسِي الإنسان ما عاناه من برودة، في المُقابِل فإنّ حَرَّ الصّمايَم في الصيف لا يُقاوَم ولا يَليه إلاّ الجَفاف والإرْهاقَ النّاتِج عن أشِعّة شَمسٍ حَارِقة»، وكذلك: «ضَرْبَة بَالسَّيْف ولا بَرْدَ الصَّيْف ومعناه: بَردُ الصَّيْف مُضِرٌّ جدّاً بالصِّحَّة، كأنه ضَرْبَةٌ بِسَيْفٍ. .... إلخ.
محسب الصمايم بحسب شيوخ المنطقة هو أسخن فترة في السنة بحرارته المرتفعة والاستثنائية التي تجفّ فيها منابع المياه، وتقل الحركة، كنصيحة لمن يستعملون المكيِّفات ( climatiseurs) خلال هذا الشهر ( أوت) غشت يضيف الاستاذ بوحميدة أنه يُقال عنه (( حَيْطَكْ لاَ تْمَسْ ووَلْدَكْ عَسْ)) معناه: في شهر أوت إن العَقارِب يَشتدُّ أذاها في هذه الفترة والمنطقة معروفة بهذه الحشرات السامة لذا يُنصَح بِعَدَم الاقتراب من شُقُوق الجُدْران، ويَجب حماية الأطفال منها.
هي إذن من العادات والتقاليد التي تميز مناطق الجنوب الغربي، خاصة سكان البادية، في معرفة فصول السنة، وكي يتم التعامل فيها، خاصة هذا المحسب «الصمايم» الذي يعد من أسخن وأحرّ المحاسب في السنة، وكذا كيف يتعامل أو يتكيف معه سكان المنطقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024