رؤى تصديرية للمنتوج الوطني غير الطاقوي بفرض مكانتـه في الأسواق الدولية
خطـوة استراتيجيـة معززة للكفاءة التشغيلية لمراسي السفن والبواخر عبر ولايات الساحليـة
تتطلّع الجزائر إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الشّامل عبر إقرار خطط تطويرية للموانئ للنقل البحري، تتضمّن رؤى تصديرية مستقبلية للمنتوج الوطني غير الطاقوي الذي بدأ يفرض جودته ومكانته في الأسواق الدولية، وفقاً لمعايير اقتصاديات دول العالم.
أسدى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأول، توجيهات قاضية باعتماد وسائل رقابية جديدة لحماية الموانئ، وإعادتها لدورها الفعّال المساهم في تطوير الاقتصاد الوطني، لما لها من أهمية بالنسبة للسيادة الوطنية، وذلك خلال اجتماع لمجلس الوزراء تناول عروضا منها مدى تقدّم تنفيذ ورقة الطريق الهادفة إلى تقليص آجال رسوّ السّفن، وتسريع معالجة البضائع عند الاستيراد.
وفي هذا الشأن، أكّد رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، اسماعيل حمروني، أنّ قرار تنظيم سير الموانئ ودمجها في نظام عمل متواصل على مدار الساعة (24/24 ساعة) و(7/7 أيام)، يُعدُّ خطوة استراتيجية معزّزة للكفاءة التشغيلية لمراسي السّفن والبواخر عبر ولايات الوطن الساحلية، ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني بما يجعله مواكبا للديناميكية النقلية البحرية المتسارعة في العالم.
وقال حمروني في تصريح خصّ به “الشّعب”، إنّ التوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، يعكس توجّهاً جاداً نحو تحسين كفاءة البنية التحتية النقلية اللوجستية في البلاد، كونها تمثل عنصراً حيوياً ضامنا لتسهيل حركة التجارة الداخلية والدولية، وكذا تعزيز النمو الاقتصادي الوطني بشكلٍ مستدامٍ.
وأضاف محدّثنا أنّ نظام العمل في الموانئ على مدار الساعة، سيُقلّل حتماً من أوقات الانتظار والرسوّ فيها، ممّا سيُسرّع من تفريغ وتحميل الحاويات والبضائع، ويُقلِّل من التكاليف التشغيلية للشركات المصدّرة والمستوردة على حدّ سواءٍ، وهذا بدوره يعزّز من جاذبية الموانئ الجزائرية لاستقطاب استثمارات أجنبية في شتّى القطاعات الإنتاجية، ويدعم زيادة حجم التبادل التجاري بين الجزائر وشركائها الاقتصاديّين.
وستُؤدي الخطّة الحكومية الجديدة إلى خفض تكدّس السّلع غير المنطقي في الموانئ، والتقليل مبدئياً من مشكل التأخيرات وارتفاع التكاليف الناجم عنها، وتحسين نظم سلاسل التوريد، ممّا سينعكس إيجابًا على القطاعات الاقتصادية الوطنية المرتبطة بالإنتاج مثل الصناعة والزراعة، عبر الاستفادة من سرعة وصول المواد الخام وقطاع الغيار إلى مواقعها المستهدفة، وإتاحة مرونة تسويق المنتجات محليّا ودوليّا، بحسب قوله.
كما يعتبر قرار تطبيق نظام الدوامَين، وفقاً لإسماعيل حمروني، بادرة مهمة نحو تعزيز مكانة البلاد كمركز لوجستي إقليمي ودولي، من شأنه زيادة الكفاءة الاقتصادية لقطاعات الدولة، وتوفير فرص عمل جديدة وكثيرة، وزيادة الدخل القومي وتنويعه عبر رفع إنتاجية الموانئ وترفيع الإيرادات الحكومية من الضرائب والرسوم الجمركية والخدمات اللوجستية، ومنه تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية المستدامة المنشودة في البلاد.
ومن جهته، أوضح الباحث المهتم بالشأن الإقتصادي، فريد المالكي، أنّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منح أهمية قصوى لقطاع الموانئ والنقل البحري، باعتباره شرياناً أساسيّاً وحيويّاً للإقتصاد الوطني والعالمي، يجري من خلاله نقل ما يزيد عن 90 % من إجمالي كتلة التجارة الدولية المتداولة. واعتبر مالكي في حديثه لـ “الشّعب”، النقل البحري ركيزة أساسية في منظومة عمل الإقتصاد الجزائري، نظير أثره المباشر والعميق على قطاعات التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والمناجم، وغيرها من الميادين الإقتصادية والتنموية سارية الإنماء في البلاد.
وقد وجّهت الجزائر، بحسب المختص اهتمامها بتطوير الموانئ البحرية وترقية الخدمات اللوجستية المرتبطة بها، بغية تسريع عمليات شحن وتفريغ البضائع، مع توفير وتجهيز مساحات كافية لتخزين الحاويات بسعة أكبر متناسبة مع حجم تداول السلع تصديرا واستيرادا، بما يخدم وتيرة نمو الاقتصاد الوطني ويضمن استدامة كفاءته في مواجهة المتغيرات الإقتصادية والتجارية الدولية. علاوة على ذلك، يساعد مسار تطوير الموانئ والنقل البحري عموماً في استحداث وظائف جديدة لخريجي الجامعات ومعاهد التكوين المهني، وتدريب كوادر وطواقم وطنية فنية وتقنية متخصّصة في المجال، قادرة على ضمان إستراتيجية اقتصادية أمنية للبلاد في حالات الأزمات والحروب مستقبلاً، يضيف مالكي.
