يخوض فريقا شباب بلوزداد و وفاق سطيف مواجهتين في غاية الصعوبة أمام كل من الوداد البيضاوي المغربي والترجي التونسي في إياب ربع نهائي رابطة أبطال إفريقيا، حيث ستكون أمامهما مأمورية معقدة للعودة بتأشيرة التأهل بعد النتائج المخيبة المحققة في مواجهتي الذهاب، حيث اكتفى الوفاق بالتعادل السلبي، وإنقاذ شباب بلوزداد الى الهزيمة بهدف دون رد، وهما النتيجتان اللتان كانتا في غير صالح ممثلا الكرة الجزائرية خلال هذا الدور من المنافسة القارية.
لم يحقّق شباب بلوزداد ووفاق سطيف النتيجة المنتظرة خلال ذهاب ربع نهائي رابطة أبطال إفريقيا، حيث فشلا في تحقيق الانتصار الذي كان سيقربهما كثيرا من تحقيق تأشيرة التأهل من خلال تسهيل المهمة في مباراة العودة، إلا أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا على ضوء نتائج مباراتي الذهاب، حيث سيكون الفريقان مطالبين بتحقيق الانتصار على اقل تقدير من أجل التأهل.
الكرة الجزائرية قد لا تكون ممثلة في نصف نهائي رابطة أبطال إفريقيا في حال خرج شباب بلوزداد ووفاق سطيف من هذا الدور بالنظر الى ان المنافسين من الأندية التي ترغب في المنافسة على اللقب، فالترجي التونسي والوداد البيضاوي وضعا هدف التتويج نصب أعينهما، ولم يكتفيا بالوصول الى نصف النهائي. الوصول إلى هذا الدور كان إنجازا كبيرا بالنسبة لفريقي شباب بلوزداد ووفاق سطيف لكن عليهما تأكيد أحقيتهما بالوصول الى مستوى أفضل ثمانية أندية في القارة السمراء، وهو الأمر الذي لن يكون الا من خلال قلب الطاولة في مواجهتي العودة من منافسة رابطة أبطال إفريقيا من أجل تأكيد هذا الأمر. لم يظهر فريقا شباب بلوزداد ووفاق سطيف جاهزية كبيرة خلال مواجهتي ذهاب ربع النهائي عكس الفريقان المنافسان الترجي التونسي والوداد البيضاوي، اللذين أظهرا جاهزية من كل النواحي من اجل تحقيق نتيجة إيجابية والعزيمة، والإصرار كانا واضحين على اللاعبين على أرضية الميدان عكس لاعبي شباب بلوزداد ووفاق سطيف.
الوفاق أمام إمكانية صنع المفاجأة
يواجه وفاق سطيف سهرة الغد الترجي التونسي في إياب ربع نهائي رابطة أبطال إفريقيا، حيث سيكون مطالبا بتجنب الهزيمة من أجل التأهل الى المربع الذهبي، وهو الأمر الصعب بالنظر الى قوة المنافس داخل وخارج ارضه بدليل أنّه ضيّع الفوز بسهولة خلال مواجهة الذهاب بسبب التسرع من جهة، وتألق الحارس خذايرية من جهة اخرى.
مواجهة العودة تختلف كثيرا عن لقاء الذهاب فالمنافس سيكون مطالبا بالخروج من منطقته، واللعب بطريقة هجومية أكبر، وهو الأمر الذي قد يمنح مهاجمي الوفاق الفرصة من أجل تسجيل الهدف المنتظر الذي سيعقد كثيرا من مأمورية المنافس، ويسهل من مهمة زملاء جابو في تحقيق التأهل إلى الدور المقبل.
تختلف نقاط القوة بين الفريقين بالرغم من أنهما يتشابهان في نقطة واحدة، وهي عدم امتلاكهما لرأس حربة هداف قادر على قلب المعطيات، فالترجي يفتقد بشدة إلى مهاجم صريح وهداف، وهو الأمر الذي كان واضحا خلال مواجهة الذهاب، ونفس الأمر انطبق على الوفاق الذي لا يمتلك لمهاجم قادر على إقلاق دفاع الترجي خلال مواجهة العودة، فاللاعب بن عياد ما زال بعيدا عن التطلعات بالنظر إلى صغر سنه، ونقص خبرته القارية.
أهداف الفريقين في المنافسة القارية تختلف هي الأخرى، فالترجي لا يفكر كثيرا في البحث عن هدف آخر غير التتويج باللقب الذي غاب عن خزائنه خلال النسختين الماضيتين لصالح الأهلي المصري، ويبحث عن استعادة تاجه القاري هذا الموسم بينما الوفاق يسعى الى لعب المنافسة مباراة بمباراة من أجل تفادي الضغط على اللاعبين وتشتيت تركيزهم، حيث ترى الإدارة أن الهدف الرئيسي تحقق من خلال الوصول إلى ربع النهائي، لكنها لا ترى مانعا في المنافسة على تأشيرة بلوغ نصف النهائي أو النهائي، فالأمر يبقى مرهونا بمستوى اللاعبين خلال المباريات. العامل الذي سيخدم الوفاق كثيرا خلال مواجهة العودة هو أن الضغط سيكون كبيرا على المنافس، الذي يسعى للمنافسة على اللقب وفي حال نجح لاعبو الفريق في مباغتة دفاع الترجي بهدف مبكر، فالمأمورية ستكون أسهل بكثير لأن الارتباك سينتقل الى المنافس الذي سيجد صعوبة في التحكم في أعصابه خلال المواجهة ممّا قد يسمح للوفاق بصنع المفاجأة في تونس. نقص خبرة راضي الجعايدي التدريبية ستخدم الوفاق هي الأخرى، فاللاعب الدولي التونسي السابق لم يسبق له أن قاد فريقا في المنافسة القارية، والأمور تختلف كثيرا عن التدريب في أوروبا بحكم أنه عمل في الجهاز الفني لفريق نوتينغهام فورست الانجليزي، الا ان الكرة الإفريقية لها خصوصيتها التي يصعب التعامل معها من طرف مدرب لا يمتلك خبرة تدريبية، وسيرتكز فقط على خبرته الكبيرة كلاعب دولي سابق في منتخب تونس.
الجهاز الفني لوفاق سطيف هو الآخر مطالب بالتركيز على العديد من الامور التي تهم الفريق، منها تحسين المردود الفني من خلال الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة ممكنة من أجل زيادة الضغط على المنافس وإحراجه أمام أنصاره، إضافة الى التركيز على كيفية صنع الفرص السانحة للتسجيل، خاصة أن مباراة الذهاب لم تعرف تسجيل سوى فرصة واحدة للوفاق خلال اللحظات الأخيرة من المباراة، وهو الأمر الذي يبقى غير كاف بالنسبة لفريق يريد الإطاحة بالترجي من أجل التأهل الى المربع الذهبي. لاعبو وفاق سطيف سيدخلون المباراة بدون أي مركب نقص والضغط لن يكون عليهم، حيث سيكون على مدرب الفريق تحسيسهم ان الهدف الرئيسي تحقق، والمطلوب منهم هو اللعب بدون أي ضغوطات من أجل تسجيل هدف السبق أو الحفاظ على التعادل، والأهم هو تفادي تلقي هدف مبكر لأنّه سيخلط الكثير من الامور، ويمنح المنافس الجرعة النفسية والمعنوية التي كان يبحث عنها.
العامل النفسي لن يكون هو أهم شيء، فالتحضير للمباراة يجب أن يكون من كل النواحي، خاصة ان الفريق يمتلك العناصر التي تمتلك الخبرة، والقادرة على التكيف مع كل الحالات التي يمر بها الفريق خلال مواجهة الترجي، وسيكون على عاتقها لعب دور كبير في المواجهة خاصة من الناحية النفسية من أجل الحفاظ على قوة الفريق النفسية، وهو الامر الذي سيمنح الفريق القوة اللازمة لتحقيق هدفه المتمثل في العودة بتاشيرة التأهل.
«أبناء العقيبة» يواجهون وضعية صعبة
لا يختلف اثنان في أن شباب بلوزداد فقد الكثير من حظوظه من أجل التأهل الى نصف النهائي بعد الخسارة على ميدانه وأمام جمهوره خلال مواجهة الوداد البيضاوي، وهو الفوز الذي منح هذا الأخير دفعة قوية ووضع من خلاله قدما في نصف النهائي، عكس شباب بلوزداد المطالب بتقديم مباراة كبيرة في المغرب من اجل الفوز بفارق هدفين على الأقل او محاولة استدراج المنافس الى الوقت الاضافي وركلات الترجيح، وهو الأمر الذي يبدو صعبا. وضعية شباب بلوزداد تختلف كثيرا عن الوفاق، فأشبال المدرب باكيتا لديهم كل الإمكانيات اللازمة من اجل المنافسة على اللقب القاري رغم ان تعداد الفريق يحتاج الى دعم نوعي من اجل الوقوف الند للند امام الفرق المنافسة بعد الوصول الى الأدوار المتقدمة من المنافسة القارية، وهو الأمر الذي بدا واضحا خلال مواجهة الذهاب أمام الوداد البيضاوي.
إدارة شباب بلوزداد تقود مشروعا طموحا للفريق من خلال توفير كافة الإمكانيات اللازمة من أجل السيطرة على الكرة المحلية، وهو الامر الذي يسير في الطريق الصحيح فالشباب يتجه الى خلافة نفسه على عرش البطولة للمرة الثالثة على التوالي، ولا يوجد فريق قادر على ايقافه خلال الفترة الحالية، لكن الأمور تختلف كثيرا عندما يتعلق الأمر بالمنافسة القارية لأن المنافسين يمتلكون لاعبين دوليين وأساسيين في منتخبات بلدانهم في صورة الاهلي المصري والترجي التونسي، وحتى صان داونز الجنوب افريقي وبدرجة اقل الوداد والرجاء المغربيين. وسيكون على الإدارة تعزيز الفريق بلاعبين من الطراز الرفيع، ولديهم بصمتهم في الفريق من اجل المنافسة على لقب من هذا النوع، وهنا يعود بنا الحديث الى وضعية اللاعب سعيود الذي كان رحيله خطأ كبيرا من الإدارة، التي كانت مطالبة بإقناعه بشتى الطرق من اجل البقاء، وتقديم الكثير من التضحيات خاصة انه من اللاعبين القادرين على قلب المعطيات في اي مباراة، وهو الأمر الذي يقوم به خلال الفترة الحالية مع فريقه الطائي السعودي.
العامل الايجابي الذي قامت به الإدارة الحالية والشركة المالكة للفريق هو التعاقد مع المدرب باكيتا، الذي أكد مرة أخرى انه من المدربين الكبار، ورغم ان الفريق خسر ذهابا لكن المدرب لا يتحمل الكثير من المسؤولية في ظل تواضع مستوى التعداد.
خبرة المدرب باكيتا كبيرة على المستوى القاري وحتى الدولي، وحين قال انه يخبئ الكثير من الامور لمباراة العودة لا احد يتوقع ما سيحدث فقد يكون المدرب في الموعد، ويفاجئ الجميع بخطة وتشكيلة قادرة على تحقيق ما فشلت به خلال مواجهة الذهاب رغم ان المنافس اخذ الأفضلية النفسية، الا ان تصريحات المدرب تنم عن ذكاء كبير، وهو أراد إعطاء المنافس جرعة من الشك، والأكيد أن مواجهة العودة لن تكون بالسهولة التي يتوقعها البعض.
صحيح أنّ الفريق خسر ذهابا لكن بالإمكان تعويض ما فات من خلال الظهور بمستوى أفضل خلال مواجهة العودة، والعامل المهم في هذا الأمر هو العامل النفسي، فالمدرب قادر على تحفيز لاعبيه من اجل تقديم كل ما لديهم تحسبا لمواجهة العودة، والتي ستكون صعبة لكن الفوز بها لن يكون أمرا صعبا، وما سيصعب من المأمورية هو ظهور الشباب بنفس مستوى مواجهة الذهاب، لأن هذا الأمر سيخدم المنافس كثيرا ويسهل من مهمته في تحقيق الانتصار والتأهل الى المربع الذهبي.
يحضّر المدرب باكيتا الى منح الفرصة الى المهاجم خير الدين مرزوقي من أجل البداية مع التشكيلة الأساسية، خاصة انه من اللاعبين الذين تألقوا كثيرا هذا الموسم مع الفريق رغم انه لعب عددا اقل من المباريات مقارنة بالمهاجم الأساسي عريبي، الذي كان ولا زال بعيدا عن التطلعات خاصة في المنافسة القارية لأن الإدارة جلبته فقط من اجل المنافسة على اللقب القاري بحكم خبرته الكبيرة في السابق مع النجم الساحلي، ودخول مرزوقي من البداية قد يكون عاملا ايجابيا لصالح الفريق، ويمنحه القوة الهجومية اللازمة في المباراة لقب المعطيات.
سواء نجح الشباب أو فشل خلال مواجهة الوداد البيضاوي، على الإدارة الاحتفاظ بالمدرب وتدعيم الفريق بلاعبين من الطراز الأول، ويستطيعون المنافسة على مكانة ضمن الأفضل في افريقيا، خاصة أن المراهنة على لاعبين من مستوى البطولة المحلية سيكون أمرا صعبا، ويقلل من قوة الفريق القارية، لهذا على الإدارة تقييم المشاركة بكل جوانبها، والبحث عن الايجابيات والسلبيات من أجل منح الفريق القوة اللازمة خلال النسخة المقبلة، وفي حال نجح في التأهل سيكون عليها البناء على هذا الفريق في المستقبل.