تتجه الأنظار مساء يوم الغد إلى ملعب “جابوما” بمدينة دوالا الذي سيحتضن قمة ذهاب الدور الفاصل المؤهل إلى مونديال قطر بين المنتخب الوطني ونظيره الكاميروني الذي يسعى لاستغلال عاملي الأرض والجمهور من اجل تحقيق فوز مريح يسمح له بلعب مواجهة العودة الثلاثاء المقبل بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة بكل ارتياح، في حين يتطلّع أشبال الناخب الوطني جمال بلماضي إلى قطع نصف تأشيرة التأهل من خلال العودة بنتيجة ايجابية تعزّز حظوظهم قبل المواجهة الأخيرة بالجزائر.
يلعب المنتخب الوطني غدا أهم مباراة له منذ نهائي “كان” 2019، خاصة أن المواجهة ليست ككل المواجهات حيث يتعلق الأمر باقتطاع تأشيرة التأهل إلى مونديال قطر وهو ما يزيد من خصوصية المواجهة أمام منتخب كاميروني لم يسبق “للخضر” أن فازوا عليه لكنها قد تكون نهاية النحس وبداية عهد جديد.
أهمية المباراة عكستها تصريحات الناخب الوطني جمال بلماضي الذي وصف رهان التأهل إلى المونديال، أنه أهم حدث في مسيرته التدريبية، خاصة أن المنافسة معروفة بقوتها بسبب تواجد أفضل وأقوى المنتخبات العالمية إضافة إلى أنها معرض كبير يتواجد فيه أبرز نجوم اللعبة من لاعبين ومدربين.
التدارك هو شعار اللاعبين وحتى المدرب بلماضي، حيث لم يمر إخفاق “الكان” مرور الكرام ليس بسبب الإقصاء من الدور الأول ولكن بسبب المستوى الباهت الذي قدّمه اللاعبون خلال الدورة والتي لم يتذوقوا فيها طعم الانتصار، حيث سيكون الأمر مختلف خلال مواجهة الكاميرون بما أن المنافس هو الآخر يسعى لتحقيق نفس الهدف وهو تعويض خيبة “الكان” والتأهل إلى المونديال.
يدرك لاعبو المنتخب الوطني أنهم أمام فرصة مهمة في مسيرتهم الرياضية للعب المونديال مرة أخرى بالنسبة للعناصر التي شاركت في مونديال البرازيل على غرار محرز وسليماني أو لعب المنافسة لأول مرة في صورة لاعبين شبان لم يسبق لهم المشاركة في منافسة من هذا النوع على غرار عطال وبن سبعيني إضافة إلى بوداوي وبن ناصر، حيث ستكون الفرصة أمامهم مواتية من اجل الرفع من اسهمهم على مستوى الكرة الأوروبية.
تربص “مالابو”.. في الاتجاه الصحيح
أعطى الناخب الوطني مواجهة الكاميرون الأولى التي تجري اليوم أهمية بالغة، حيث يرى أنها مفتاح التأهل ونتيجتها ستكون أهم بكثير من نتيجة المواجهة المقبلة التي ستكشف هوية المتأهل إلى المونديال لهذا لا يريد تفويت فرصة مواجهة الكاميرون على أرضه وأمام جمهوره من اجل الإطاحة به
وقطع نصف الطريق نحو الدوحة.
أهمية المباراة جعلت بلماضي يقرر إجراء تربص تحضيري في بلد مجاور للكاميرون ويتعلّق الأمر بغينيا الاستوائية
والهاجس الأول بالنسبة للناخب الوطني كان ولا زال المناخ وعدم تأقلم اللاعبين بسرعة مع المناخ في دوالا وهو الأمر الذي قد ينعكس سلبا على إمكانياتهم البدنية خلال المباراة، خاصة أن بلماضي يعلم أن تحقيق نتيجة سلبية في الكاميرون سيصعب كثيرا من مهمة “الخضر” في طريقهم نحو المونديال.
اتخاذ قرار التربص في عاصمة غينيا الاستوائية “مالابو” كان خطوة نحو الأمام وفي الاتجاه الصحيح، حيث سمح هذا الأمر للاعبين بالتعرف على الأجواء المناخية مبكرا وتفادي “الصدمة المناخية” التي كانوا سيتعرضون لها بعد الوصول إلى الكاميرون من الجزائر في حال كان بلماضي قد قرّر التحضير في الجزائر والسفر مباشرة الى الكاميرون وبحكم ان الاختلاف كبير بين المناخ السائد في الجزائر خلال هذه الفترة الذي يتميز بالبرودة فإن المناخ في الكاميرون مختلف في هذه الفترة.
المناخ في مدينة دوالا يتميز بالحرارة في النهار، حيث لا تقل عن 33 درجة مئوية وتنخفض ليلا إلى 24 درجة مع ارتفاع طفيف في الرطوبة التي تكون بين 40 و 60 بالمائة ومقارنة بالجزائر التي لا تتجاوز فيها الحرارة 23 درجة نهارا وتنخفض إلى مستويات 12 درجة ليلا فلا مجال للمقارنة وقرار التربص في غينيا الاستوائية كان قرارا صائبا من طرف الناخب الوطني.
عامل آخر وضعه مدرب المنتخب الوطني في الحسبان إضافة الى عامل المناخ وهو الضغط النفسي، خاصة أن التربص في الجزائر كان سيعرض اللاعبين الى الكثير من الضغوطات من طرف الأنصار منذ الوصول الى المطار ومع الذهاب الى مركز سيدي موسى والتحضير اليومي يجعل الضغط يزداد على اللاعبين عكس ما هو الحال عليه في مالابو، حيث حضر اللاعبون في ظروف نفسية جيدة للغاية.
انتهاج الواقعية وتفادي المغامرة
من الناحية الفنية لن يغامر مدرب المنتخب الوطني من خلال انتهاج خطة هجومية، حيث سيلعب بتحفظ بحكم ان المنافس هو المطالب بصناعة اللعب والضغط على المنتخب لأنه صاحب الأرض ومطالب باستغلال هذا الأمر من أجل تسجيل هدف او أهداف عديدة تعزز من حظوظه في التأهل قبل مواجهة العودة في الجزائر.
التحلي بالواقعية هو الأهم لأن النتيجة هي التي ستصنع الفارق وليس من يلعب جيدا وللمنتخب الوطني دروس في هذا الأمر فهو كان مسيطرا على مواجهة غينيا الاستوائية الا انه في الأخير خسر المباراة ونفس الأمر انطبق على مواجهة سيراليون التي سيطر فيها اللاعبون بالطول والعرض على المواجهة لكنهم فشلوا في تسجيل هدف السبق والفوز بالمباراة التي انتهت بتعادل بطعم الهزيمة.
تفادي المغامرة ليس معناه الركون الى الدفاع ولكن تعطيل مفاتيح لعب المنافس وهذا الأمر يعكس قيام الناخب الوطني باستدعاء عناصر معينة لها هذه النزعة في صورة المهاجم بلفوضيل وبن يطو وحتى على مستوى الوسط من خلال تواجد قديورة الذي سيكون له دور مهم في المباراة، لكن كلاعب بديل.
ملعب “جابوما”.. انطلاقة جديدة
ارتبط ملعب “جابوما” في دوالا بخيبات المنتخب الوطني الذي فشل في تحقيق الانتصار عليه رغم أنه لعب ثلاث مباريات، حيث خسر اثنين أمام كوت ديفوار وغينيا الاستوائية وتعادل أمام سيراليون.
وسبق للمنتخب الوطني في أول تأهل له لمونديال اسبانيا أن فاز في مباراة الذهاب للدور الفاصل حين واجه منتخب نيجيريا سنة 1981 في إطار مباراة ذهاب الدور الفاصل المؤهل لمونديال اسبانيا وحقّق الانتصار بثنائية قبل أن يكرّر فوزه في مواجهة العودة بالجزائر بهدفين مقابل هدف
ويتأهل إلى كأس العالم 1982 باسبانيا التي عرفت ظهور جيل مميز من اللاعبين بقيادة بلومي، ماجر، وقندوز وبقية اللاعبين الذين أبهروا العالم بالمستوى الراقي الذي قدموه وفازوا على منتخب الماني القوي.
مواجهة الكاميرون ستكون بملعب “جابوما” في تصفيات المونديال ولما لا إعادة سيناريو سنة 1981 وتحقيق الانتصار قبل مواجهة العودة بالجزائر، حيث سيكون الأمر في غاية الأهمية للاعبين والمدرب من اجل قطع نصف الطريق والتأكيد على عودة المنتخب الوطني من جديد الى الواجهة.
حالة أرضية الملعب تبعث على الارتياح رغم أنها ليست في أفضل أحوالها لكن من مصلحة صاحب الأرض أن تكون الأرضية في أفضل أحوالها لأنه المطالب بصناعة اللعب من اجل التسجيل وتحقيق الانتصار قبل السفر الى الجزائر من اجل اخذ الأسبقية النفسية التي ستكون مهمة لمن ينجح في الفوز بالمباراة.
«نسيان الحكم” والتركيز على المباراة
مواجهة الكاميرون ستلعب على جزئيات بسيطة ومن بينها الحكم، حيث سيكون على لاعبي المنتخب الوطني تفادي التفكير في الحكم والتركيز على المباراة فقط وهذا لعدم منحه الفرصة من اجل استفزاز العناصر الوطنية وإخراجهم من المباراة وهو ما يخدم المنافس كثيرا.
فتحلى اللاعبين بالذكاء اللازم لن ينجح أي حكم مهما كان في التأثير على نتيجة المباراة وهنا نضرب مثالا بمباراة مصر
والكاميرون في نصف نهائي كأس إفريقيا.
مواجهة مصر والكاميرون عرفت قيادة الحكم غاساما للمواجهة ورغم انه حاول بشتى الطرق التأثير على “الفراعنة” الا انه لم يستطع ونجح زملاء صلاح رغم تحيز الحكم الفاضح في افتكاك تأشيرة التأهل الى النهائي على حساب صاحب الأرض والجمهور منتخب الكاميرون الذي كان يطمح للتتويج باللقب القاري.
الناخب الوطني مطالب بتحضير اللاعبين جيدا من هذه الناحية لتفادي حدوث ما لا يحمد عقباه، خاصة ان الحكم من العناصر المهمة في المباراة و التعامل معه بذكاء أمر ضروري خاصة خلال هذه المباريات الحاسمة والمصيرية.
الكاميرون - الجزائـر غــدا على الساعة 18:00
«الخضر» يتطلّعــون لقطـع نصف الطريـق إلــى كـأس العالم
عمار حميسي
شوهد:347 مرة