رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بإعلان باريس بشأن ليبيا، واصفا إياه بالخطوة الهامة إلى الأمام في عملية الانتقال السياسي في ليبيا.
وأكد غوتيريس في بيان أصدره امس على أن الأمم المتحدة ستواصل، بقيادة الممثل الخاص غسان سلامة، تنفيذ خطة عملها على النحو الذي يدعمه الإعلان المعتمد أمس الاول.
ودعا اجتماع باريس بشأن ليبيا الذي شارك فيه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس الجلس الرئاسي فائز السراج، إلى ثمانية مبادئ لكسر جمود الأزمة الليبية بحضور ممثلي 20 دولة، إلى جانب المبعوث الأممي غسان سلامة.
وتضمّنت المبادئ الثمانية إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بحلول 10 ديسمبر المقبل، على أن يسبقها وضع الأسس الدستورية للانتخابات واعتماد القوانين الانتخابية الضرورية بحلول 16 سبتمبر المقبل.
الإطار الدستوري قبل 16 سبتمبر
كما تضمّن الإعلان التزام الأطراف المشاركة بقبول متطلبات الانتخابات التي عرضها المبعوث الأممي في 21 ماي أمام مجلس الأمن، كما يلتزم القادة الليبيون بقبول نتائج الانتخابات والتأكد من توافر الموارد المالية اللازمة والترتيبات الأمنية الصارمة، وأشارت مبادئ إعلان باريس إلى الاتفاق على المشاركة في مؤتمر سياسي شامل لمتابعة تنفيذ هذا الإعلان.
وأكّد محاسبة كل مَن يقوم بخرق العملية الانتخابية أو تعطيلها، مشددًا على اضطلاع القوى الأمنية الليبية بضمان سلامة العملية الانتخابية وحق جميع الليبيين في التعبير عن إرادتهم وتقرير مستقبل بلادهم سلميًّا وديمقراطيًّا.
من المرحلة الهشّة إلى المؤسّسات المستقرّة
من جهته، رحب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، أمس، بالتزام القادة الليبيين في المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، معربا عن أمله في أن تتفق جميع الأطراف حول وضع الاسس المناسبة للعبور من الحالة الإنتقالية الهشة الى المؤسسات المستقرة.
وثمن في الوقت نفسه، جهود المجتمع الدولي على التزامه بدعم ليبيا في تحقيق وحدتها واستقرارها مجددا إلتزام الأمم المتحدة بالدعم والمساعدة في هذا الاتجاه.
السراج: نريد أفعالا لا أقوالا
في السياق، دعا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، كل الأطراف التي حضرت لقاء باريس إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه والعمل على إنجاحه، متمنياً بأن يكون اللقاء القادم في ليبيا، قائلا: “لنحدد مسارنا ومستقبلتا بأنفسنا وفقاً لإرادة الشعب”.
وأكد السراج على ضرورة وجود قاعدة دستورية متينة لإجراء الانتخابات وأن يعمل الجميع فعلاً لا قولاً على توفير متطلبات نجاحها، التي من أبرزها قيام مجلسي النواب والدولة بالإيفاء باستحقاقاتهما وإعداد القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات، موضحاً أن خيار الانتخابات كان مطلبه الذي طرحه منذ قرابة العام ويسعده استجابة الجميع لهذا الخيار وإن جاءت الاستجابة متأخرة، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطيني.
وجدد السراج ما جاء في خطابه خلال لقاء باريس من الدعوة إلى وقف الاقتتال في كافة أنحاء البلاد، قائلا: “كفانا ما نزف من دماء وعلى الجميع الاحتكام للحوار ووقف التصعيد العسكري الذي يهدد حياة وأمن المواطنين”، مضيفًا أنه “يأمل التوصل إلى صيغة أو طريقة لفتح ممرات آمنة وإيصال الخدمات والاحتياجات الأساسية للسكان”.
كما جدّد تأكيده برفض الإرهاب والتطرف بكافة صوره، قائلا: “نرى أن أي اتفاق بين الأطراف الليبية لن ينجح إذا ما تواصل التدخل السلبي في بلادنا من قبل بعض الدول كما يجب أن يتوحد الموقف تجاه ليبيا إقليمياً ودولياً وأن يتخذ المجتمع الدولي موقفًا حازمًا تجاه من يعرقل المسار السلمي”.
توحيد الجيش وإلغاء الحكومات الموازية
وخلال رده على اسئلة الصحفيين، أوضح السراج أن جميع الأطراف متفقة على توحيد المؤسسة العسكرية والاستمرار في المسار الدائر حالياً بالقاهرة، مؤكداً ضرورة أن تخضع المؤسسة العسكرية والأمنية لقيادة سياسية مدنية مثل ما هو مطبق في دول العالم.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي أهمية تحسين الظروف العامة من أجل تنظيم الانتخابات، بما في ذلك نقل مقر مجلس النواب إلى مدينة بنغازي وفق ما ورد في الإعلان الدستوري وإلغاء الحكومة والمؤسسات الموازية تدريجياً، كما حث مجلسي النواب والأعلى للدولة على السعي إلى توحيد البنك المركزي الليبي والمؤسسات السيادية الأخرى.
تحديات تواجه “إعلان باريس”
تناولت مصادر اعلامية نتائج اجتماع باريس حول ليبيا، وقالت إنه رغم اتفاق المجتمعين على إجراء الانتخابات في شهر ديسمبر المقبل، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه تنفيذ “إعلان باريس” أهمها الوضع الأمني وتضارب مصالح القوى الخارجية.
وتحدثت المصادر، عن تحديات أمنية ومخاوف حيال إجراء الانتخابات في ظل الوضع الأمني الراهن، نظرا لكمية الأسلحة الهائلة المتاحة داخل ليبيا، والأعداد الكبيرة للمجموعات المسلحة المؤثرة والتي تملك نفوذا حقيقيا على الأرض.
وتطرقت أيضا إلى مصالح الدول الخارجية المتضاربة في ليبيا، وقالت إن الوضع يشوبه المصالح المتنافسة لبعض الدول، التي دعمت في كثير من الأحيان أطرافا ليبية متنافسة، إلى جانب المنافسة بين الدول الأوروبية.
ورغم تفاؤل الدول الحاضرة حيال الاجتماع، نصح محللون ودبلوماسيون، بضرورة توخي الحذر فيما يتعلق بتحقيق تقدم سريع على الأرض ، و قالوا أن لقاء باريس السابق بين خليفة حفتر وفائز السراج، ورغم توقيع اتفاق، لم يحدث أي تقدم حقيقي على الأرض.
وتحدث المحللون عن غياب بعض الأطراف الهامة، التي تملك نفوذا قويا على الأرض، عن الاجتماع، بعضها رفض الحضور والبعض الآخر لم تتم دعوته.