أكثر من 60 ألف مركز اقتراع وسط إجراءات أمنية مشددة

الفرنسيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من سباق الإليزي

11 متنافسا في الانتخابات الرئاسية

تنطلق، اليوم، الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي يتنافس فيها 11 مرشحًا، يبرز على ساحة التنافس منهم خمسة مرشحين، ليلتقي المرشحان الحاصلان على أعلى الأصوات في الجولة الثانية من سباق الإليزي الذي يجري كل خمسة أعوام.
تفتتح مراكز الاقتراع، التي يتجاوز عددها 60 ألفا، على الساعة الثامنة صباحاً، على أن تقفل على الساعة السابعة مساء، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث عبّأت وزارة الداخلية أكثر من خمسين ألف شرطي ودركي وسبعة آلاف عسكري لتأمين حماية المواطنين، في ظل ارتفاع خطر التهديد الإرهابي بعد اعتداء الشانزيليزيه الذي يلقي بظلاله الداكنة على هذا الحدث المصيري.
أما نتائج الاقتراع فمن المتوقع أن تبدأ بالظهور تدريجياً ابتداءً من الساعة العاشرة ليلاً، حيث سيتأهل المرشحان اللذان يحصدان العدد الأكبر من الأصوات لكي يتنافسا بعدها في ما بينهما في السابع من ماي في الجولة الثانية.
وقد استكملت مراكز الاقتراع استعدادها لاستقبال الناخبين من أجل الإدلاء بأصواتهم، في هذه الاستحقاقات التي تعتبر الأكثر انتخابات رئاسية غير متوقعة النتائج في تاريخ فرنسا الحديث. بالمناسبة، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مواطنيه للمشاركة بكثافة، خاصة وأن استطلاعات الرأي كلّها تتوقّع عزوفا لافتا من الناخبين، وتعتقد بأن نسبة المشاركة لن تتجاوز 25%.

هواجس أمنية ومخاوف من العزوف

يبدو الاستحقاق الرئاسي الفرنسي الحالي مختلفا عن الاستحقاقات السابقة على مستوى المرشحين وبرامجهم، وشبهات وقضايا الفساد المتعلقة ببعضهم، وتغير التحالفات السياسية، إضافة إلى تأثير الأوضاع الأمنية التي شهدتها البلاد ومحيطها الأوروبي خلال السنتين الماضيتين.
كما تحيط بهذه الانتخابات ظلال النتائج غير المتوقعة لاستفتاء «البريكست» في بريطانيا، والصعود المفاجئ لترامب في الولايات المتحدة بتوجهاته الأقرب إلى اليمينية، وتقدم تيارات أقصى اليمين في استحقاقات انتخابية أوروبية رغم عدم وصولها إلى الحكم.
وضمن المفاجآت التي طبعت أجواء سباق الإليزي، صعود فرانسوا فيون في الانتخابات التمهيدية لليمين على حساب آلان جوبيى ونيكولا ساركوزي، مخالفا معظم التوقعات.
كما فاجأ بونوا هامون الجميع في الانتخابات التمهيدية لليسار الاشتراكي، بهزمه مانويل فالس. بينما تخلى الرئيس فرانسوا هولاند أساسا عن الترشح.
وفي المحصلة، استقرت القائمة على 11 مرشحا للرئاسة، يمتلك خمسة منهم، وفق معظم التقديرات، حظوظا أوفر للمنافسة والمرور إلى جولة الإعادة. وتتصدر مارين لوبان هذه القائمة، يليها إيمانويل ماكرون، ثم فرانسوا فيون، وجان لوك ميلونشون، وبونوا هامون.
والمتأمل في القائمة، يكتشف أزمة الأحزاب والقوى السياسية التقليدية الفرنسية، فاليسار - وخاصة الحزب الاشتراكي - ظهر مشتتا ومرتبكا، وقد انبرى بعض رموزه - وأبرزهم مانويل فالس، وجان إيف لودريان - لترك مرشح الحزب بونوا هامون، وأعلنوا مساندة «الفتى الذهبي» ماكرون، الذي يتهمه خصومُه بأنه مرشح الرئيس هولاند.
كما يعاني اليمين بدوره، أزمة عميقة جراء اتهام مرشحه فرانسوا فيون ضمن قضية الفساد المعروفة بقضية «الوظائف الوهمية»، لكن المرشح المحافظ لم يترك المنافسة، ومازال يؤمن بحظوظه في الوصول إلى الإليزي. وفي أزمة اليمين هذه، تحضر أيضا ظلال ماكرون الذي ضمّ قيادات ورموزا يمينية إلى حركته «إلى الأمام».
 
المفاجأة تبقى واردة

توحي استطلاعات الرأي العام بأن «الظاهرة» ماكرون، الذي لم ينج بدوره من شبهات فساد وتهرب ضريبي، سيكون سيد الإليزي القادم وأنه سيهزم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، سواء بقوة حضوره أو بفعل التقاليد السياسية الفرنسية التي تجنح في الجولة الثانية لتكتل اليمين واليسار ضد أقصى اليمين.
واستطلاعات الرأي هذه بمؤسساتها وأدواتها المختلفة، أخطأت سابقا في تقدير نتائج استفتاء «البريكست» ببريطانيا، وفي توقع نجاح دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وخسارة اليمين المتطرف في هولندا مؤخرا، والأهم من ذلك أنها قدمت توقعات خاطئة في الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين واليسار بفرنسا.
ويؤشر هذا على أن المفاجآت في رئاسيات فرنسا تبقى واردة، وإذا أخذنا في الاعتبار أن نحو 38% من الناخبين لم يحددوا موقفهم النهائي بعد، فإن السيناريو الأميركي قد يحصل في فرنسا، ومن ثم سيكون السباق نحو الإليزي أكثر سخونة مما تتوقعه مؤسسات قياس الرأي.
وتجري استحقاقات اليوم في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب هجمات باريس في 13 نوفمبر 2015 التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى.

بدء التصويت في أقاليم ما وراء البحار

توجه الناخبون في بعض الأقاليم الفرنسية في أراضي ما وراء البحار، إلى مراكز الاقتراع، أمس السبت، في الانتخابات الرئاسية، قبل يوم واحد من التصويت في فرنسا اليوم، وسط احتدام المنافسة في الجولة الأولى من هذه الانتخابات.
وكانت أولى مراكز الاقتراع التي افتتحت أبوابها، أمس، في منطقة سان بيير وميكلون الصغيرة، قبالة الساحل الشرقي لكندا.
هذا وتجرى الانتخابات الرئاسية في فرنسا كل خمس سنوات عن طريق الاقتراع الحر المباشر، وتنظم على شكل جولتين، بحيث في الجولة الأولى يتم التباري بين المرشحين الرئاسيين المتعددين، ثم يُسمح لمرشحيْن اثنين فقط، وهما من حصلا على أكبر نسبة من الأصوات، بالوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات.

صلاحيات رئيس الجمهورية

يحدد الدستور الفرنسي صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن تقاسم السلطات بين رئيسي الدولة والحكومة رهن بالمناخ السياسي والعلاقات بينه وبين الغالبية البرلمانية.
منذ العام 1959 ترسخ مفهوم «حقل النفوذ الحصري» للرئيس - أي قطاعي الدفاع والسياسة الخارجية - الذي تمت المحافظة عليه خلال عهود التعايش الثلاثة التي شهدتها فرنسا.
وأضعفت هذه العهود منصب الرئيس عبر جعله في وضع زعيم للمعارضة. ويفترض أن تقلل الولاية الرئاسية التي تستمر خمس سنوات من احتمال حصول فترة تعايش، إذ يفترض أن تمنح الانتخابات التشريعية غالبية للرئيس المنتخب للتو.
- يضمن الرئيس سير عمل السلطات العامة واستمرارية الدولة، فهو حامي الاستقلال الوطني ووحدة أراضي البلاد، كما أنه القائد الأعلى للجيوش الفرنسية والمخول الضغط على «الزر النووي».
- يتخذ الرئيس الإجراءات الواجبة في حال تعرض البلاد لتهديدات خطرة ومباشرة (صلاحيات استثنائية).
- يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء وينهي مهامه عند تقديم هذا الأخير استقالة حكومته. وباقتراح من رئيس الوزراء، يعين الأعضاء الآخرين في الحكومة وينهي مهامهم. ويرأس كذلك مجلس الوزراء ويوقع المراسيم والقرارات.
- يعين الرئيس أيضا السفراء ويصادق على المعاهدات ويتفاوض بشأنها، ويعرض في استفتاء بعض مشاريع القوانين ويصادق على القوانين. كما يمكنه حل الجمعية الوطنية ودعوة البرلمان إلى دورة استثنائية، ويتحاور مع مجلسي البرلمان عبر الرسائل.
- يضمن الرئيس استقلال السلطة القضائية ويرأس مجلس القضاء الأعلى كما يتمتع بحق إصدار العفو.
- باقتراح من رئيس الوزراء تعود له المبادرة لمراجعة الدستور، وهي صلاحية يتقاسمها مع البرلمان. ويمكنه دعوة المجلس الدستوري إلى الاجتماع ويختار ثلاثة من أعضائه ويعين رئيسه.
- يتمتع رئيس الجمهورية بحصانة مؤقتة خلال ولايته، وهو غير مسؤول عن تصرفات تمت ضمن ممارسة مهامه.
ومنذ مراجعة الدستور في فيفري 2007 ثمة إجراء يسمح بإقالة الرئيس إذا تبين أنه أخل بواجباته بشكل يتعارض مع مهامه. وتصدر الإقالة عن البرلمان الذي يتحول عندها إلى محكمة عليا.

شخصيات سياسية في الواجهة

-  إيمانويل ماكرون: أصغر المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية سنّا
(39 عاما). صعد نجمه فجأة في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية وأصبح من المنافسين الخمسة الكبار الأوفر حظا للوصول إلى قصر الإليزيه.
استطاع المرشح المستقل للانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون، لفت الأنظار من خلال حملته الانتخابية التي تحمل شعار: «إلى الإمام».
ماكرون الذي لم يتم عامه الأربعين، شغل منصب وزير الاقتصاد والصناعة والاقتصاد القومي قبل استقالته.
رغم أن حياته غالبا ما كانت سلسلة من الإنجازات والنجاحات، لكنه عرف أيضا الفشل. زعيم حركة «إلى الأمام» لم ينجح في امتحان القبول في المدرسة العليا، رغم الدروس التحضيرية التي تلقاها في ثانوية هنري الرابع.
متشبع بأفكار جون بيار شوفانمون.. كان ناشطا في «حركة المواطنين» طيلة ما يقرب العامين وصوّت لجون بيار شوفانمون في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية العام 2002.

*- بونوا هامون: مرشح الحزب الاشتراكي، صنع المفاجأة في الانتخابات التمهيدية لليسار وانتصر على رئيس الحكومة السابق مانويل فالس.
هامون (49 عاما) وشعار حملته: «لنجعل قلب فرنسا ينبض مجددا»، شغل عدة مناصب في حكومات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وهو نائب عن إقليم إيفلين في جنوب باريس. فقد كان بين عامي 2012 و2014 مندوبا لوزير الاقتصاد ثم وزيرا للتربية ولاحقا وزيرا للتعليم العالي، قبل أن يستقيل ويلتحق بتيار الغاضبين المستائين من سياسة الرئيس الاشتراكي.
يعتبر «الدخل العام» من أبرز الاقتراحات التي يعرضها هامون في برنامجه الانتخابي، والذي تحدث عنه خلال حملة الانتخابات التمهيدية.

-  فرانسوا فيون: كان في طليعة استطلاعات الرأي خلال الانتخابات التمهيدية لليمين، حتى سقط في دوامة فضيحة فساد مالية جعلت شعبيته تتراجع أمام الرأي العام.
يبلغ فيون 63 عاما وينتمي لحزب «الجمهوريون»، شغل منصب رئيس وزراء سابق في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي (2007-2012) ونائب في بلدية باريس.
كانت لديه مواصفات المرشح النزيه خلال الانتخابات التمهيدية لليمين، خلافا لنيكولا ساركوزي، لكن منذ فوزه بهذه الانتخابات وهو في قلب فضيحة مالية أمام القضاء الفرنسي الذي وجه له الاتهام في 14 مارس باختلاس أموال عامة في إطار التحقيق في شبهات بوظائف وهمية استفادت منها زوجته بنلوب وولداه، ماري وشارل.
يقول فيون، إنه مسيحي وكثيرا ما يستشهد بإيمانه المسيحي خلال حملته الانتخابية كدليل على اعتداله وإنسانيته.

- جان لوك ميلنشون: مرشح اليسار الراديكالي للرئاسة في فرنسا، عرف تقدما ملحوظا في استطلاعات الرأي في الفترة الأخيرة، وكان سبق أن ترشح للرئاسة عام 2012، وحل في المركز الرابع حيث حصد 11,1٪ من الأصوات.
ميلنشون (65 عاما) مرشح عن حزب فرنسا الأبية يحمل شعار «المستقبل المشترك» في حملته الانتخابية، وهو نائب بالبرلمان الأوروبي منذ العام 2009.
يشهد تقدما ملحوظا في استطلاعات الرأي، ففي الفترة الأخيرة ارتقى ميلنشون، إلى مستوى المرشح اليميني فرانسوا فيون، محققا حوالي 19% من نوايا التصويت في الدورة الأولى.

- مارين لوبان: سبق وأن ترشحت عام 2012 وحلت في المرتبة الثالثة، وتمثل مسألة تقليص عدد المهاجرين الشرعيين أحد أبرز محاور خطابها الانتخابي.
لوبان (48 عاما)، مرشحة اليمين المتطرف تنتمي لحزب الجبهة الوطنية، تتخذ في حملتها شعار «باسم الشعب». نائب في البرلمان الأوروبي منذ 2004، وترشحت للانتخابات الرئاسية في 2012، وحلت ثالثة فيها، حيث حصدت 17.90٪ من الأصوات.
تريد تقليص عدد المهاجرين الشرعيين إلى حد كبير وإلغاء الحق في الأرض (الحق في الحصول على الوثائق لغير الفرنسيين المولودين على الأراضي الفرنسية)، وتجسيد مبدإ الأفضلية للفرنسيين في الدستور.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024